قرأت بكل عناية، وكما أفعل دائما، العمود الأسبوعي ''مشاهد'' للأستاذ دعدوعة العياشي، حيث اختصر لنا رواية ''بحر الروم'' للأستاذ المصري أيمن الزهري الذي عالج ظاهرة الهجرة غير الشرعية· وحرّك الأحداث بطل القصة ''صابر'' الذي غامر وباع و··· و··· من أجل أن يلج إلى الجنة الموجودة هناك·· ولكن مصيره كان عكس ما كان يتصور· قام صاحب العمود بسرد الوقائع، وأكد لنا في الأخير أن ''كل الحرافة إلى المصير المجهول''!! لا أدري لماذا استوقفتني هذه الجملة بالذات ''المصير المجهول''·· نهق حماري عاليا·· وقال - أنا أقول لك لماذا يستوقفك المصير المجهول·· لأن الكلام عن الحرفة الذي أصبح أشبه بعلامة مسجلة وكل من يحاول تفسير وتحوير وتكوير أسبابها وطرق علاجها لم يضع الأصبع على الداء الحقيقي·· يقولون إن الحرفة تؤدي إلى المصير المجهول·· وأنا أظن أن العكس هو الصحيح·· قلت له·· ماذا تقصد بكلامك··؟؟ قال·· يا عزيزي·· المصير المجهول هو الذي يؤدي إلى الحرفة وليس العكس·· ولا داعي أن نعيد سرد الأسباب الكثيرة من حفرة وتهميش وعدم تكافؤ الفرص وغيرها من الدوافع التي قهرت أحلام الشاب الذي لا يتمنى سوى عيش الحياة الكريمة في أحضان العائلة ليجد نفسه مغامرا يصارع الموج وحراس السواحل هربا من··· المصير المجهول! الأستاذ في عموده ''مشاهد'' قال لنا الكثير عن شبكات المافيا الأجنبية التي تسعى إلى استقطاب الشباب والتغرير به في بحر الظلمات، ولكن لم يقل شيئا عن المافيا الحقيقية التي تسعى بكل جهدها أن ترحل البلد بحاله وترمي به إلى المالح حتى يتلذذ به القرش وأتباعه من القوارض·· لم يقل لماذا ''يحرف'' الطبيب والمهندس والطالب الناجح في البكالوريا والنساء الحوامل··· وأخيرا شيخ في السبعين؟؟ صمتنا·· قال حماري·· بطل رواية بحر اليوم يدعى ''صابر'' وأنا كما تعرف أكنى ''بأبي صابر''·· إذن علينا وعليكم بالصبر من المصير المجهول الذي تصنعه الأيادي في الخفاء!!