نشر الكاتب الكاميروني جون بول بوغالا على موقعه الإلكتروني، مقالا طويلا يدافع فيه عن العقيد معمر القذافي·· وبعد أن يعدد مواقفه ''المشرفة'' ضد الوجود الإمبريالي في إفريقيا، وما أنجزه ملك ملوكها من مشاريع الهدف منها تحقيق استقلالية القارة السمراء·· (مساهمته في تمويل القمر الصناعي الإفريقي الأول للاتصالات، مشاريع صندوق النقد الإفريقي، مشروعه في إفشال اتحاد المغربي العربي الخ)، ينتقل الكاتب إلى الدفاع عن الرجل انطلاقا من السؤال التالي: ماذا لو كان القذافي أكثر ديمقراطية من الذين يحاربونه باسم الديمقراطية، أي الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفاؤها؟ والجواب، بطبيعة الحال، نعم العقيد معمر القذافي أكثر ديمقراطية من الآخرين، لسبب بسيط وهو أن الديمقراطية الحقيقية لا وجود لها·· لم توجد في التاريخ ولا يمكن لها أن توجد إلا في الحالة الليبية· تماما كما جاء في الكتاب الأخضر· ولكن صاحبنا لا يعتمد في براهينه على الكتاب الأخضر· وإنما يذهب أبعد من ذلك ملتمسا براهينه عند أشهر منظري الديمقراطية في العصور الحديثة: جون جاك روسو· أو لم يقل صاحب ''العقد الإجتماعي'' إن الديمقراطية لا وجود لها ولا يمكن أن تتحقق في التاريخ''، والشروط التي وضعها روسو لم تتحقق فعلا لا في فرنسا ولا في بريطانيا ولا في الولاياتالمتحدة، والمسار العام لتطور هذه البلاد يباعد بينها وبين تحقق الديمقراطية· الشرط الأول أنه كلما ازداد حجم الدولة، وكلما كثر عمرانها وكلما تعقدت شبكة العلاقات الاجتماعية فيها، كلما بعدت عن الديمقراطية· وهذا ما ينطبق على الدول الغربية· ولا يتوافر هذا الشرط في بلد مقدار ما يتوافر في ليبيا كما تصورها معمر القذافي، وأي شيء أكثر بساطة من النظام القبلي وأي صورة أكثر شفافية من صورة الزعيم وهو يسكن خيمة تلعب فيها الرياح من كل جانب؟ الشرط الثاني أن تسود البلاد أخلاق بسيطة، وأي بساطة أكبر من بساطة الليبيين في قربهم من الحياة البدائية البعيدة عن التعقيدات الأخلاقية وما يجب أن يقابلها من تعقد المؤسسات، كالقضاء والشرطة والإدارة؟ ومرة أخرى فالجماهيرية الليبية أقرب إلى الديمقراطية، نزولا عند هذا الشرط، من الدول الغربية· الشرط الثالث: المساواة في الثروة والمكانة الاجتماعية· ويكفي أن نلاحظ الفروق الاجتماعية في البلدان التي تدعي الديمقراطية ثم نقارنها بالوضع الاجتماعي لليبيين لنعرف من هو الأقرب إلى الديمقراطية· الشرط الرابع: البذخ· ويكفي أن نتساءل: أي الشعبين أكثر بذخا الليبيون أم شعوب الغرب؟ الجواب، مرة أخرى، في صالح الديمقراطية الليبية؟ برافو والخلاصة أنه، ومن أجل إنجاز الديمقراطية الليبية، ومن أجل البرهنة على صحة نظريات جون جاك روسو، ومن أجل البرهنة على غياب الديمقراطية الحقيقية في فرنسا وبريطانيا وأمريكا·· من أجل ذلك يجب أن يتنازل الشعب الليبي للعقيد معمر القذافي عن ثروته كاملة، وأن يكتفي الليبيون بالعيش في الخيام، وأن يكفروا بكل ما توصّل إليه الإنسان في مجال التنظيم الاجتماعي والإداري والاقتصادي·· أعتقد أن الوقت قد حان لنوقف هذا الهذيان··