قال حماري وهو ينفث دخان سجائره الذي أصبح يبعد عنه الكرب والقنطة·· هل تعرف لماذا تريد الشعوب الوصول إلى صندوق الانتخابات ولو على جثث ودماء؟ قلت·· طبعا يريدون اختيارا حرا ديمقراطيا·· أليس الانتخاب معناه عملية صنع القرار التي يقوم بها الشعب بنفسه؟ نهق حماري عاليا وقال·· تريد أن تقول إن انتخابات تونس والمغرب ومصر وربما اليمن كانت وستكون ديمقراطية كما تنص عليها القوانين؟ قلت·· على الأقل هذا ما تطمح إليه الشعوب التي خرجت وصرخت بعلو حناجرها من أجل تغيير الفعل السياسي·· قال ساخرا·· واليد الخفية التي تعبث بالصندوق أين ستكون؟ قلت·· أنت تعرف أن كل هذه الثورات من أجل إسقاط اليد الخفية التي تتلاعب بمصير الشعوب·· حك رأسه وأشعل سيجارة جديدة وقال·· وهل يمكنك أن تصدق أن الشعوب قادرة على إسقاط الأيادي الخفية؟ قلت·· على حسب الشعب ومن يتلاعب به·· قهقه عاليا وقال·· أرجوك لا تستغبي نفسك·· هل يمكن للشعب أن يقرر مصيره بنفسه؟ هذا لا يوجد إلا في النظريات والأساطير·· أكاد أجرم أن العالم كله لم يعرف طريقا للصندوق إلا وعاثت فيه اليد الخفية فسادا·· قلت ضاحكا·· كنت أظن أن شكك ينحصر على الشعوب المتخلفة وإذا بك عممت الشك وأصبح عالميا·· نهق وقال·· القوى الكبرى التي تعبث بصندوق الضعفاء عن طريق بعض اللاعبين الذين يخلطون الحسابات بما يخدم الكبار لا يمكنها أن تفكر في ذلك إلا إذا جربت العملية على نفسها·· قلت صارخا·· سبحان الله يبدو أن الأحداث أثرت عليك يا حماري·· قال ناهقا·· ربما ولكن ما أقوله لك هو الحقيقة ليس هناك صندوق نظيف ولم يكون أبدا··