كشفت دراسة حديثة أنجزت بالجزائر حول الإطارات الشابة الجامعية الراغبة في الحصول على فرص عمل بدول أجنبية عن رقم رهيب يستدعي من الدولة الوقوف عنده، وإعادة النظر في إستراتيجية التوظيف المنتهجة التي تعتمد في الأساس على الوظائف المؤقتة التي تدعمها الدولة ولا توفر للشباب الجامعي ما يطمح إليه، خاصة وأن أغلبها لا يرقى حتى إلى الأجر القاعدي المعتمد الذي لا يغطي حتى تكاليف الحياة العادية· وأكدت الدراسة التي أجريت لأول مرة في الجزائر وجود 82 بالمائة من الشباب الحاصل على شهادات، يطمح ويسعى إلى الهجرة نحو الخارج لتحقيق أحلامه والحصول على مهنة تتلاءم والدراسات التي تدرج فيها في مختلف الأطوار الدراسية· وكشفت الدراسة العالمية التي أنجزتها ''أومبلواتيك'' بالشراكة مع ''مجموعة الشبكة الذكية'' ومست 162 ألف شاب إطار حاصل على شهادة عبر 65 دولة، منهم 1915 شاب جزائري متحصل على شهادة خضعوا للاستطلاع، منهم 78 بالمائة رجال و22 بالمائة نساء، ويمثلون المجتمع النشط· وبخصوص سن المستجوبين أو مجتمع البحث الأكثر تمثيلا في الدراسة، فيمثل الفئة العمرية التي يتراوح سنها بين 25 و 29 سنة بنسبة 42 بالمائة، هذه النسبة تمثل غالبية الشباب الجامعي أو الحاصلين -مؤخرا- على مناصب عمل حديثة· أما الفئة العمرية التي تجاوزت سن 40 سنة فهي الأقل في الدراسة بنسبة لم تتجاوز 5 بالمائة، وأبانت نتائج هذه الدراسة في شقها المتعلق بالجزائر أن 82 بالمائة من الشباب الجامعي له طموح ويحلم بالحصول على فرص توظيف في الخارج، أين تتوفر كل الظروف الملائمة من وسائل مادية ومحفزات معنوية· من جهة أخرى، وفيما يخص أهم الوجهات التي يطمح الشباب الجامعي المتخرج السفر إليها، أظهرت الدراسة العديد منها في مقدمتها باريس العاصمة الفرنسية بنسبة 37 بالمائة، دبي عاصمة الإمارات العربية المتحدة ب 24 بالمائة، ولندن في المرتبة الثالثة بنسبة 18 بالمائة، بينما تحل كندا في المرتبة الرابعة· أما بالنسبة لمستوى التكوين، فقد تم تسجيل حضور قوي للحاصلين على الشهادات الجامعية على غرار الماستر، حيث مثلوا نسبة 87 بالمائة. أما النسب من خلال المهن التي تلقى اهتماما من طرف الفئات التي تم استجوابها والمهتمة بالعمل في الخارج، فكانت على رأسها فئة المهندسين بنسبة 27 بالمائة والإعلام الآلي بنسبة 19 بالمائة والتسيير أو المناجمنت ب 16 بالمائة والاقتصاد ب 14 بالمائة ثم التجارة ب 9 بالمائة والتكوين في الإدارة والسكرتارية بنسبة 7 بالمائة· وبالنسبة إلى اختيار المستجوبين حول الأسباب الكامنة وراء هجرتهم إلى ما وراء البحر واختيار الغربة، كان الدافع الأول والمباشر وراء رغبتهم الأجر المحفز، حيث كان هذا الخيار بنسبة 70 بالمائة، وهو ما يسمح لهم حسب غالبية التصريحات بالحصول على مستوى حياة جيد من الجانب المالي، وليس هذا فقط موقف الجزائريين بل شمل كذلك الأشقاء المغاربة لكن بنسبة أقل 69 بالمائة، وبالنسبة للتونسيين 56 بالمائة، ولا تتوقف هذه الرؤى عند الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، بل تتعداها لتشمل مواقف مثل الألمان الذين يعتبرون أن الهجرة إلى بلد آخر هي السعي نحو الحصول على أجر أفضل ومحفز بنسبة 59 بالمائة، والفرنسيين بنسبة 60 بالمائة والأمريكيين بنسبة 72 بالمائة، وحتى للصينيين 35 بالمائة ومن بين الأسباب المهمة الأخرى وراء الهجرة إلى الخارج هو تحقيق مسار عملي ناجح بنسبة 47 بالمائة، والحيوية والنشاط المتواجدة في محيط العمل بنسبة 38 بالمائة، أما غالبية الجزائريين فاعتبروا أن التكوين المتواصل في البلدان الأجنبية يأتي مباشرة بعد الأجر بنسبة 59 بالمائة من الجزائريين المستجوبين. واعتمادا على هذه الدراسة التي تحصلت ''الجزائر نيوز'' على نسخة منها من قبل مدير أومبلواتيك ''لؤي جعفر''، فإن غالبية الإطارات الجزائريةالشابة والمقدر نسبتها ب 82 بالمائة مستعدة للعمل بالخارج، وبالتالي فإن الجزائريين يعدون حتما من بين الشعوب التي تهتم أكثر بالاغتراب، غير أنه ليس ظاهرة خاصة بالجزائر فقط، فاعتمادا على ذات الدراسة التي شملت 126 ألف شخص، فإن ثلثي القوى العاملة أو الناشطة في العالم مستعدة للعمل في الخارج.