في هذا الاستجواب الشبيه بتغريد خارج السرب، يحدث الصحفي الأمريكي الشهير، سايمور هيرش، صدعاً في الإجماع العام حول ما يسمى ب ''النزعة العسكرية للبرنامج العسكري الإيراني''، بهدف تصنيع القنبلة النووية· وفي ''هذا الاستجواب الهام''، المقتطف والمترجم من موقع ''ديموكراسي ناو'' الأمريكي (وهي مجموعة صحفية إذاعية وتلفزيونية هامة يمولها ويراقبها المواطنون) يوضح هيرش أن أمريكا وإسرائيل تتصرفان مثلما كان الحال مع العراق قبل غزوه، وهي تستعمل في ذلك حتى مجموعات جهادية سنية· ويعتقد بأن الأمين العام الحالي للوكالة الدولية للطاقة الذرية الياباني، يوكيا أمانو، رجل الأمريكان، وأن تقرير منظمته الأخير هو تقرير سياسي أكثر مما هو تقرير علمي محايد· هيرش، الذي كشف عن مجزرة ''ماي لي'' التي ارتكبتها أمريكا في الفيتنام، في نهاية الستينيات، وعن فضيحة التعذيب في سجن ''أبو غريب'' بالعراق، وغيرها من الفضائح الكبرى، ذكر في هذا المقال أن إيران لا تملك القنبلة النووية، وهي ليست بصدد صنعها· مرحبا بك في ''ديموكراسي ناو'' يا سايمور، قُلْ لنا ما الذي يجب فهمه فيما يخص ما يجري في إيران في هذا الوقت بخصوص قطاع الطاقة النووية· لا أدري إن كنتم ستسمون هذا ''ذُهاناً''، ولكنه نوعاً من البلد الخيالي الذي نبنيه هنا، مثلما كان الحال مع العراق - النوع نفسه و بديهي أنه لم يُستوعَب أي درس· أنظروا لقد أنجزت روبورتاجات حول إيران، وأستطيع أن أقول أنا إنه ابتداء من ,2004 في عهد جورج بوش، وبالخصوص في عهد نائب الرئيس تشيني· وضعوا في ذهنكم أن تشيني كان منشغلاً، بشكل خاص، بوجود منشآت سرية لبناء سلاح، وهو أمر جد مختلف عن التخصيب، لم يكن في إيران تخصيب نووي· وقد اعترف الإيرانيون بذلك· ولهم مفتشون في عين المكان· وهناك كاميرات وغيرها··· وهذا كل ما في الأمر: إن إيران بلد موقِّع على معاهدة منع الانتشار النووي· ولا أحد يتهم الإيرانيين بالغش هناك· والواقع أن التقرير الأخير الذي اِفْتُتِنَ به الجميع، يقول أيضاً، مرة أخرى، بأنه لم يُعْثَر على أي دليل يؤكد أن إيران قد حوّلت اليورانيوم من مسار التخصيب· ويقولون إنه، في أساسه، تخصيب على مستويات جد منخفضة ولأغراض سلمية، ونسبته 3.8 في المائة· نعم، هناك نسبة بسيطة مخصبة بنسبة 20 في المائة لاستعمال طبي، ولكنها جد ضعيفة، ويجري هذا تحت عدسات الكاميرات، وأعين التفتيش· إن ما جرى، وقتئذ، في ,2007 ,2006 ,2005 ,2004 وحتى في نهاية عهدتهم، هو أن تشيني واصل إرسال فِرَق إلى إيران، بواسطة قيادة مختلف أسلحة قوات العمليات الخاصة· وكانت هذه الفرق تعمل مع مختلف المجموعات المتمردة الآذربيجانيين، والأكراد، و حتى مجموعة ''جُنْد الله'' التي هي فصيل معارضة سنية جد متعصبة، كانت تسعى، بقدر جهدها لإيجاد أدلة عن وجود منشآت غير شرعية تحت الأرض· لقد راقبنا كل شيء· ولدينا مراقبة لا يمكن تصورها· والآن، يمكننا أن نفعل أحسن مما فعلناه في الماضي· هناك بعض المسائل التقنية، جد مصنفة سرية، لكن يمكنني أن أقول: ليس ثمة شيء كبير يمكن القيام به، في هذا الوقت، في إيران، دون أن نستطيع كشفه· ولم يكشف الأمريكان شيئاً في إيران· لا شيء· وليس ثمة ولو أدنى دليل على تخصيب لأغراض عسكرية· وبعبارة أخرى، فليس ثمة أي دليل عن منشآت لصناعة القنبلة، إذ يملك الإيرانيون منشآت لتخصيب اليورانيوم لكنهم لا يتوفرون على منشآت منفصلة لصناعة قنبلة· هذه، ببساطة، معاينة لواقع؛ إنه لم يتم العثور على أدلة لإثبات وجود صناعة للقنبلة النووية· والأمر، دائماً، يتعلق بوهم· إننا نريد مثل الكثير من الناس أن نعتقد بوجود مثل هذه المنشآت· في الأسابيع الأخيرة، ظهر التغيير الكبير في التقرير الجديد الذي أعدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية· وهذا التقرير ليس تقريراً علمياً، بل إنه وثيقة سياسية؛ فهو يكرر، أصلاً، ادعاءات قديمة أطلقت على مرِّ السنين، التي درستها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تحت سلطة أو قيادة محمد البرادعي المصري الذي قاد الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمدة 12 سنة، وحاز على جائزة نوبل للسلام لقاء عمله - وهو شخص كان يحذر كثيراً من إيران في البداية، وقد قلَّ حذره مع كل اِنفتاح كانت تبديه إيران· لكن المدير الجديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو موظف ياباني يسمى أمانو، وهو نوع من الموظفين من الجيل القديم، منبثق من حزب وسط اليمين في اليابان، وأنا متأكد من أنه شخص نزيه، وله معتقداته الخاصة· لكن عدد من وثائق السفارة الأمريكية في فيينا، التي سربها موقع ''ويكيليكس''، أعلمنا بطيبة خبر تعيين أمانو في هذا المنصب، كان ذلك في السنة الماضية· إن هذه الوثائق التي نشرتها مجموعة جوليان أسانج هي وثائق جد هامة، ذلك لأنها تخبرنا بأن أمانو أعلن ولاءه لأمريكا· أنا أتفهم انتخابه كمترشح هامشي· لقد ساندناه كثيراً· كان ذلك خلال ست عمليات انتخاب· لقد كان الجميع يعتبره ضعيفاً، لكننا دفعناه إلى داخل اللعبة· وقد عيناه في منصبه· وقد أجابنا بالشكر وبالقول لنا إنه يشاطر وجهات نظرنا· إنه يشاطرنا آراءنا حول إيران· وبالأساس، كان ذلك مجرد تصريح بالحب· إنه سيفعل ما نريده· وليس ثمة جديد في هذا التقرير الحديث· ولستُ أنا من يقول ذلك· إن ذلك موجود في مدونة (بلوغ) ال ''نيو يوركِر''، وذلك لأن التقرير موجود، أيضا، في المدونة· لقد تحدثْتُ مع مفتشين قدامى· إنهم أصوات مختلفة عن تلك التي تتحدث في ال ''نيو يورك تايمز'' وفي ال ''واشنطن بوست''· وهناك أشخاص آخرون لم يشار لهم وهم أكثر تشكيكاً بخصوص هذا التقرير· وببساطة، فإن التغطية الإعلامية تخفي عليكم ذلك· إذن، فإن ما نحصل عليه من الصحافة المهيْمِنَة هو جزء ضئيل من التحليل الذي يتضمنه التقرير· والأمر يتعلق بتحليل مخالِف، تماماً، وهو قليل الجِدَّة· إن الطريقة التي يجري بها ذلك هي طريقة ليست واضحة؛ فخلال السنوات الماضية، كانت جريدة لندنية تعرض التقرير، وقد اِكتُشِف، فيما بعد، أن المعلومات التي يتضمنها كانت مزيفة، وأنها محض دعاية حركناها نحن أو وكالة اِستخبارات أوروبية· وإذا كنتم تتذكرون تحركات أحمد شلبي، فإن كل ذلك جرى خلال التحضيرات للحرب (على العراق)، وتعلمون كل الأحاديث والترسانات الكبيرة التي كانت موجودة في الداخل (داخل العراق)· إن النوع نفسه من الدعاية يُستعمل الآن واسمحوا لي فإن رعشة خفيفة سرت بداخلي وهو شبيه بذلك الذي ظهر، في العَقْد الأخير، في مختلف الصحف· إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعاين، وتقرر التصريح بأن ذلك ليس تصنيعاً للقنبلة، وبالتأكيد، فإنه لا يمكننا أن نصر بأن الأمر هو بالفعل صناعة للقنبلة، بالنظر لكل ما يعلمه المفتشون· وباستثناء دراسة حديثة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تضمنت 30 أو 40 عنصراً قديماً، فإن كل التقارير القديمة هي كلها برأي العديد من الأشخاص داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية هي تراكيب قليلة المصداقية، بل مزوّرة· أنظروا إلى أين وصلنا· إذن، يا سايمور هيرش، إنكم تقولون بأن الأمر لا يتعلق بمعلومات جديدة، وإنما الأمر المخالف هو وجود رئيس جديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية، هل يمكنكم أن تتحدثوا لنا أكثر عن التغلغل الأمريكي في إيران، وعن قيادة مختلف أسلحة قوات العمليات الخاصة في إيران، ومراقبة ما يجري في إيران، أيضاً؟ بالطبع، أريد أن أتحدث عن الأعمال التي قام بها الأمريكان· يمكنني أن أتحدث لكم عن معلومات كانت أسراراً، قبل ثماني أو تسع سنوات· ويمكننا والحال أننا قد سبق لنا أن فعلنا إذا ما شككنا في وجود منشأة تحت الأرض، حيث رأينا أفراداً يحفرون، لنقُل في منطقة جبلية، يمكننا أن نحاذي الطريق عندما تسير شاحنات صاعدة أو نازلة على هذا الطريق بواسطة ما يبدو أنه أحجار· والواقع أن تلك هي أجهزة اِلتقاط تسمح بقياس وزن الشاحنات الداخلة أو الخارجة؛ فإذا دخلت شاحنة فارغة وخرجت مشحونة، يمكن الاِفتراض أنها تخرج بأنقاض، أي أن هناك عمليات حفر جارية· إننا نملك أجهزة مثل هذا النوع من الرقابة· كما أننا وضعنا، أيضا، مختلف أنواع العدَّادات الصامتة لقياس الإشعاع· وهي تقيس الإشعاع الصادر عن اليورانيوم وعن البلوتونيوم وما يُستعمَل هناك، هو بالخصوص اليورانيوم· إنهم لا يصنعون البلوتونيوم· ولكن يمكنك تعقب آثاره· ففي مستوى معين يتوجب تغيير مكان البلوتونيوم· وما أن تخرجوه وتشرعون في تنقيله، فيمكنكم تعقب أثاره· ويمكنك إيجاد عدَّادات ''جايجير''، إذا أردتم اِستعمال هذه التسمية القديمة، يمكنكم قياس الإشعاع وملاحظة اِرتفاعه· وإذا ما أردنا الذهاب إلى بناية للتحقق من أنه لم يجرِ بها أي تخصيب لم نُعلَم بأمره، يتوجه أفرادنا، وفي بعض الأحيان، فإن الأمريكيين أنفسهم هم من يتولون ذلك، إلى مبنى في طهران يشتبه بإجراء أنشطة مشبوهة فيه، ويفبركون اضطرابا في الشارع، ويقتطعون قطعاً من الآجر، ويذهبون إلى فرع آخر فيحركون عدَّاد ''جايجر''، على سبيل المثال، أو جهاز قياس ويتولون المراقبة· ولنا كفاءة لا تصدق في مجال البحث عن التهوية، وهذا اِنطلاقاً من الأقمار الصناعية· وإذا ما بنيتم منشأة تحت الأرض، يجب عليكم تهويتها· يجب عليكم إدخال الهواء بداخلها· عليكم إيجاد وسيلة للفظ الهواء الفاسد وبث الهواء النقي· ولنا أفراد، ضمن أفراد الاِستخبارات، هم خبراء وأشخاص متمكنون· البعض منهم أحيلوا على التقاعد وأقاموا مؤسسات لممارسة هذا النشاط· إنهم يضمنون كل المراقبة الجوية لتحديد أماكن وجود تهويات، وهذا حتى نستطيع، بإلحاح، الكشف عن منشأة تحت الأرض··· والأهم، واِسمحوا لي بأن أشدد على ذلك والتقرير الجديد للوكالة للطاقة الذرية ونحن أنفسنا نقول ذلك هو أنه إذ لم تستولوا، خلسة، عن اليورانيوم أو لم تهربوه إلى مكان سري لصناعة قنبلة نووية وهذا أمر تبدو فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية قطعية فإن كل ما يُخصِّبونه، مهما كانت نسبة التخصيب، يجري تحت أعين الكاميرات والتفتيش· إن كل شيء في متناول النظر، بموجب معاهدة منع الانتشار· ولا أحد يتهم إيران بخرق المعاهدة· إنهم يتهمونها فقط بالتزوير، أو حول بعض عناصر الأدلة التي يتوفرون عليها· وليس هناك أي دليل عن تحويل عن مسار الاِستعمال· إذن، إذا كانت لكم نية لصناعة قنبلة، يتوجب عليكم جلب عناصر من أماكن أخرى· وبالنظر للمراقبة التي نتوفر عليها، فإن ذلك سيكون من الصعب القيام بذلك أو اِستيراد اليورانيوم من بلد آخر و تخصيبه أو استيراده مخصباً· إنه مخطط واسع المدى· وما يشهده العالم مثلما قلْتُ، هو نوع من الهيستيريا يمكن مقارنتها بتلك التي أظهرناها بخصوص العراق، ولكنها موجهة، هذه المرة، نحو إيران· إن هذه ليست مرافعة من أجل إيران؛ فهناك الكثير من الأشياء الممقوتة لدى الجانب الإيراني، مثل طريقة معاملة الساسة الإيرانيين للمعارضين، وغيرها· إذن، لا أسعى سوى لإسماع صوتي وسط الضوضاء الحالية· وفيما يخص العقوبات، اِسمحوا لي بأن أقول، بأنكم تعرفون بأننا نعاقب كوبا منذ 60 سنة، إلا أن ''كاسترو''، رغم مرضه، لا يزال في سدة الحكم· إن العقوبات لا تجدي نفعاً· إن إيران بلدٌ منتج للبترول والغاز، بقدر يقل، لكنه يبقى بكميات هامة· وللإيرانيين زبائن في الشرق الأقصى، يشترون موادهم الطاقوية· وسنكون خاسرين في هذه القضية· كيف تنظرون إلى إدارة أوباما مقارنة بإدارة بوش بخصوص إيران؟ لا أستطيع أن أجد وجها للمقارنة· إنها هي ذاتها إنها أقل حربية نوعا ما، لكنها تبقى مماثلة لها· أظن ولي مبرر للاِعتقاد بذلك، بأنه، خلافاً لبوش، فإن اِحتمال القيام بهجوم على إيران يقلق، حقاً، الرئيس أوباما· إنه لا يريد أن يرى الإسرائيليين يقنبلون إيران· هذا هو نوع الأحاديث التي وصلتنا في صحف الأيام الأخيرة· وفي هذا المجال، هناك جديد، مثلما أشرتم إلى ذلك، وهي القنابل الجديدة التي يقدر وزن الواحدة منها ب 15 طن التي صنعتها شركة ''بوينغ''· والمشكل يكمن في أن أغلب منشآت إيران، المنشآت التي نعرفها، وهي المنشآت المصرح بها أو التي تخضع لمراقبة الكاميرات والموجودة في مكان يسمى ''ناتنز''، تقع في عمق 23 24 مترا، تحت الأرض· ويتوجب طوفانا من القنابل لإلحاق الأذى بها بشكل جدي· ويمكنكم، بالتأكيد، الإضرار بها لكن الكلفة على المستوى الدولي ستكون مذهلة· إن الحجة المؤيدة للقصف هي، حقاً، حجة غامضة وبلا قوة، تبين بعض الدراسات دراسات تقنية أعدها معهد الصناعات والتكنولوجيات لماساشوسيت وفي معاهد أخرى، والحكومة الإسرائيلية كانت، أيضا، قد أشركت رجال العلم في هذه الدراسات بينت هذه الدراسات بأنه سيكون من الصعب، فعلاً، إلحاق أضرار معتبرة بها، بالنظر إلى عمق هذه المنشآت في جوف الأرض· ومع ذلك تستمعون إلى الحديث عن ذلك· ثم هناك هذا الأمر، واحكموا عليه بأنفسكم: هذا الرئيس لم يقل شيئاً عن الأحداث الجديدة التي عرفها ميدان التحرير (بالقاهرة)· إننا صم· ولقد بقي صامتاً بخصوص هذا النوع من المواقف العدوانية· وأظن أنني فهمت، من وجهة نظر المعلومات الخام، أنه يفهم بقدر أكبر رهاناتها· وأظنه، الآن، يرتدي ثوب المتشدد في السيرك السياسي· أنتم تعرفون، جيداً، أن كل المرشحين يحاولون اِستقطاب أصوات الناخبين المستقلين· ولا أدري السبب الذي يضفي مثل هذه الأهمية على السعي لتقديم أشخاص للمنافسة الاِنتخابية وهُم عاجزين عن اتخاذ القرارات سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين، لكن هذا الأمر هو اِنحياز تم اِختياره· طيب، لننتقل إلى رد إسرائيل على تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية· صرح وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، في اِستجواب مع ''سي· أن·أن''، أنه حان الوقت للتصرف مع إيران· وعندما سُئِل تحديداً عما إذا كانت إسرائيل ستهاجم إيران، كان هذا جوابه: ''لا أظن أنه موضوع نقاش عمومي· لكنه يمكنني أن أقول بأن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية دفع الكثير في العالم، قادة ومواطنين، إلى التفكير· والناس يفهمون بأنه حان الوقت لذلك· إن أمانو يصرح، بلا لف، بما وجده، خلافاً للبرادعي· لقد أصبح الأمر، بشكل مستعجًل، مشكلا كبيراً ورهانا ضخماً في مجال العقوبات والدبلوماسية المكثفة· ويفهم الناس، الآن، أن إيران مصممة على امتلاك الأسلحة النووية· وليس ثمة تفسير آخر ممكن أو محتمل لما فعلوه، حقاً· وعلينا إيقافهم عن ذلك''· كان هذا تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود بارك، فما هو ردكم، يا سايمور هيرش؟ حقاً، إن ما يثير أعصابي هو أن باراك وبيبي ناتانياهو، يتحركان بشكل متفق بخصوص هذا الموضوع· فهما غير متفقين بشأن أغلب المواضيع· هنا يتفق الإثنان، وهذا أمر مقلق لأنه، مرة أخرى، مشكل سياسي هناك· إن الجميع في إسرائيل البلد بأكمله يتجه بسرعة نحو اليمين· ويمكنني فقط أن أقول لكم إنني تحدثتُ، أيضا وللأسف، فإن قواعد اللعبة هي جد عديمة الذكاء في إسرائيل حيث لا يمكنني كتابة ذلك مع أشخاص جد سامين في مجال الاِستخبارات، في إيران وفي إسرائيل· وإذا ما لاحظتم، فإنكم ستستنتجون كثرة الحديث، لكن القائد السابق الذي غادر الموساد، مائير داغان (وهو الشخص الذي دبَّر محاولة الاِغتيال) كذا المترجم (في دبي··· وغيرها، وهو ليس من الحمائم) كان عنيفاً إزاء جنون مهاجمة إيران، بسبب عدم التأكد مما يملك الإيرانيون من أسلحة· وبالتأكيد، فهم أبعد من أن يملكوا قنبلة· وقد صرحت إسرائيل، لمدة 20 سنة، وأنتم تعرفون ذلك، بأن هذه القنبلة ستكون في متناولهم في ظرف ستة أشهر· ويمكنني أن أقول لكم إنني تحدثت مع ضباط سامين إسرائيليين في إسرائيل، قالوا لي بأنهم يعرفون بأن إيران، مثلما صرح بذلك سلك الاِستخبارات الأمريكي وأعتقد أن ذلك كان في سنة 2007 وكان هناك تقييم لهيئة ال ''ناشيونل إنتيلجانس'' أصبح عمومياً، يقول، أساساً، إن إيران سعت، فعلاً، للحصول على قنبلة· لقد كانوا في حرب لمدة ثماني سنوات مع العراق، وهي حرب رهيبة، من سنة 1980 إلى .1988 وكنا، نحن، بالأحرى الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى جانب العراق، الذي كان يقوده صدام حسين، آنذاك· عندئذ، بدأت إيران تبدي قلقاً، في السنوات اللاحقة بشأن موضوع تصريحات العراق المتعلقة بتصنيع سلاح نووي، حيث أنهم حاولوا، فعلاً، خلال الفترة، لنقل بين 87 و97 للحصول عليه· لكن لم تعد المسألة قائمة منذ .2003 وقد صرح بذلك تقييم ال ''ناشيونل إنتيليجانس'' الأمريكي في 2007 وهو تقييم جرى اِستكماله في .2011 وقد كتبتُ، بهذا الخصوص منذ سنة في ال ''نيو يوركر''· لقد أكد التقييم أن الإيرانيين كانوا قد سعوا للحصول على القنبلة، لكنهم كانوا يعلمون أنهم لا يستطيعون الحصول عليها وأنهم لا يستطيعون، بأي حال من الأحوال، تصنيع قنبلة رادعة لأمريكا أو لإسرائيل· إنهم ليسوا أغبياء· إن هذا المجتمع الفارسي موجود منذ آلاف السنين· وهم لا يستطيعون تثبيط عزيمتنا، ذلك لأن لدينا كمية كبيرة من القنابل· لقد كانوا يظنون أنه يمكن أن يردعوا العراق· وبعد غزونا للعراق واِنتصارنا في ,2003 توقفوا عن ذلك· لقد أنجزوا بعض الدراسات· ونحن نتحدث عن تنميط إعلامي وغيره··· وليس عن صناعة القنبلة· وهذا لا يبعد الشك في أنهم فكروا في كيفية الحصول على القنبلة أو في كيف يكونون قادرين على صناعتها· هذا ما فعلوه، لكنهم توقفوا عن ذلك في .2003 إن الإجماع الأمريكي لا يزال قائماً· ويقول لكم الإسرائيليون في جلسات خاصة ''نعم، نحن متفقون''· لقد كفوا عن أغلب تخطيطاتهم، وحتى عن دراساتهم، في .2003 الموقف الإسرائيلي يرى بأنهم لم يتوقفوا بسبب ما عملناه في العراق وإنما لأنهم رأوا أننا حطمنا العراق هذا هو ما أسر لي به جنرال خلال ثلاثة أسابيع، بينما لم يستطيعوا هم الوصول إلى ذلك خلال ثماني سنوات· وكانوا يظنون أنهم سيكون الهدف التالي في القائمة· لكن الإجماع يقول نعم إنهم كفوا عن ذلك· ثم لو أنكم تسألون إسرائيليين أكفاء، أذكياء ومطلعين وهم كُثْر يعملون في مجال الاِستخبارات: ''هل تعتقدون، حقاً، لو أن لهم القنبلة إنهم لا يملكونها في الوقت الحالي إنهم سيضربون ''تل أبيب''؟ فإن الجواب سيكون: ''وهل ستظنون أنهم مجانين؟ إننا سنحولهم إلى رماد· الأكيد، أنهم لن يضربوا· إنهم هنا، منذ 2000 سنة· ولن يحدث ذلك''· ولكن هناك عنصر عقلاني في سلك الاستخبارات الإسرائيلية لا يعبّر عنه القادة السياسيون· إنه الجنون نفسه الموجود لدينا، هنا· هناك عنصر عقلاني لدى سلك استخباراتنا قال، في سنة ,2007 وقد كرره في السنة الماضية: إنهم (الإيرانيون) لا يتوفرون على القنبلة ولن يصنعونها· وفي داخل جهاز تقييم ال ''ناشيونل إنتيليجنس''، هناك 16 وكالة على 16 وكالة توصلت إلى النتيجة نفسها من خلال تصويت داخلي، قبل التحيين الذي خضعت له في 2011 ، دراسة .2007 وببساطة، ليس ثمة قنبلة· وهذا لا يعني أنهم لا يحلمون بها· كما أنه لا يعني أن رجال العلم لا ينجزون دراسات على الحاسوب، وهذا لا يعني، أيضا، أن خبراء الفيزياء في جامعة طهران لا يعملون ما يحب عمله الفيزيائيون، أي كتابة المقالات وإعداد الدراسات· لكن، ببساطة، ليس هناك دليلا على وجود جهد شامل للتوجه نحو تخصيب اليورانيوم لصناعة قنبلة· إن ذلك مسار عظيم وصعب· وحتى تتمكنون من ذلك، عليكم تناول غاز جد حار وتحويله إلى حديد، ثم تحويله إلى نواة· ويتوجب عليكم القيام بذلك عن بُعد، لأنه لا يمكنكم التواجد قريباً جداً من هذه النوع من الآلات· إنه أمر قاتل ومشع· إذن، حقاً، أنا، فعلاً، هو الوحيد الذي يقول ذلك· وأنتم تعلمون مدى حذر مجلة ال ''نيو يوركر''، حتى ولو كان ذلك بخصوص مقال في مدونة، على الأنترنت· لقد جرى التحقق من معلومات هذا المقال مرة ثم مرة أخرى· وأنا أذكر أشخاصاً ''جو سيرانسيون''، وهو أمريكي شارك في نزع التسلح لمدة عدة سنوات· إنها أصوات مختلفة عن تلك التي تقرأونها في الصحف· وأحياناً، أتعرض للشتم من طرف الأصوات نفسها التي نقرأ ما تكتبه في ال ''نيويورك تايمز'' و ال ''واشنطن بوست''· إنه لا يُسمَح لنا بمجابهة الآراء المختلفة· وهناك، وهذا ليس فقط داخل سلك الاستخبارات الأمريكية، لكن، أيضا، داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ''فيينا''، الكثير من الأشخاص لا يتحملون ما يقوم به أمانو، والكثير من الناس، في أعماقهم، جد منزعجين من الاتجاه الذي يفرضه عليهم أمانو· إنني أتلقى برقيات على الأنترنت، وهذا المقال، على ما أظن صدر في نهاية الأسبوع، من أشخاص يعملون في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهم في حالة مثل الجنون، عندما يقولون لي: ''واصلوا على هذا المنوال!''· أنا أتحدث عن داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ذلك لأنها منظمة لا تهتم بالصحافة· إن ذلك (تقرير المنظمة) ليس دراسة علمية· بل هو وثيقة سياسية· وهي وثيقة سياسية يؤدي داخلها أمانو لعبتنا· وهي اللعبة نفسها التي يلتحق بها الإسرائيليون وأولئك الذين لا يحبون إيران· وأتمنى أننا نستطيع التمييز بين عواطف إزاء إيران، والموالي وإزاء ما جرى مع الطلبة في ,1979 وبين الواقع الذي، على ما أعتقد، يوفر فرصة جد جادة حتى يمنحنا الإيرانيون نوع التفتيش الذي نرغب فيه، رداً على إبداء مظاهر الود نحوهم بمثل رفع العقوبات والاحترام الذي يطالبون منا، بإلحاح، أن نظهره نحوهم· وهذا ما لا تفعله هذه الإدارة·