دخل الفيلم المصري الجديد ''كف القمر'' منافسة مهرجان وهران للفيلم العربي، بحضور مخرجه خالد يوسف مرفقا بالممثلين جمانة مراد وصبير فواز· العرض، خلافا للأفلام السابقة المتنافسة، أحيط بهالة كبيرة استغربها الجميع· كما تفاجأ الحضور بالمستوى المتوسط للعمل، حيث جاء محملا بالدروس والمواعظ· مقدمة في المديح··· كانت الساعة تشير إلى الثالثة زوالا، موعد عرض الفيلم المصري الذي انتظره كثيرا الجمهور الحاضر بقوة أمام قاعة ''السعادة''، في انتظار ظهور ممثلتهم المفضلة جمانة مراد· داخل القاعة امتلأت المقاعد هي الأخرى، فيما أبقي الطابق العلوي حكرا على لجنة التحكيم وبعض المفضلين الذين لا يخشى منهم على هالة صدقي؟ تأخر انطلاق العرض نصف ساعة قبل أن يقرر المنشط جمال حازورلي منتج حصة سينيراما الإذاعية -سابقا- أخذ الكلام، وبدل الإعلان عن انطلاق الفيلم استرسل في مدح وشكر استغربه الحضور، خاصة من المشاركين العرب الذين لم يحظوا بمثل هذا الترحيب أو التقديم الكافي والوافي· كما استعاد حازورلي حكاية أم درمان، لينسج قصة أخرى في ملحمة المصالحة الجزائرية المصرية· وتحت نظرات صدقي المطلة عليه من الشرفة، لم يجد المخرجون الشباب ما يعلقون عليه، خاصة وأن زميلهم الشاب محمد الحشكي من مصر، لم يجد أحدا أمامه عندما أكمل عرض فيلمه، فبقي وحيدا ينتظر حازورلي أو غيره من التنظيم، ليفتح النقاش، كما دأب المهرجان منذ انطلاقه في 15 ديسمبر الجاري· ''كف القمر''··· قصة الصعايدة الخمسة أخذنا خالد يوسف إلى مساكن فقيرة من طوب، استقر سكانها عند أقدام جبل قاس لا يرحم بصعيد مصر حيث تعيش بأحد البيوت عائلة ''قمر'' (وفاء عامر) وأبناؤها الخمسة الذين يعيشون على ما يجنيه والدهم من قهر صخر الجبل والبحث عن كنز فرعوني مدفون به، كان سيخرج القرية بأكملها إلى نور الراحة والرفاه، لولا اغتيال زوج ''قمر''· تعيش ''قمر'' الجميلة والمرغوبة من الجميع من أجل صغارها، فتقرر استكمال مشروع زوجها وبناء بيت من الطوب، كما كان يخطط· تعلمهم التكاتف والتعاون، إلى أن اشتد عودهم، وأصبحوا رجالا قهرهم الفقر والبطالة· تهتدي ''قمر'' إلى فكرة إرسالهم إلى القاهرة ليعملوا بها، لكنها لم تكن تعلم أن إرسالهم إلى القاهرة سيفتح صفحات مظلمة ومبعثرة في حياتهم· القاهرة بكل سحرها تغري الشباب الخمسة، هي الحياة السريعة في الأسواق المزدحمة والحياة وسط عشوائيات يحتمي فيها اللاجئون إلى هذه المدينة الكبيرة· يتورط كل واحد من الإخوة في قصص خاصة بهم، فيتحول الأخ الأكبر ''زكري'' (خالد صالح) إلى تاجر سلاح ومقاول، ويتوزع الآخرون ''بكر'' (حسن الرداد)، ''جودة'' (صبري فواز)، ''صافي'' (حورية فرغلي)، و''ضاحي'' (ياسر المصري من الأردن)، بين سوق الخضار والمقاهي، بينما يختار الأخ الأصغر ''ياسين'' (هيثم أحمد زكي) محلا لبيع الأشرطة· أما غادة عبد الرزاق فتقمصت شخصية ''جميلة'' ابنة رجل غني ترتبط بزكري في علاقة يفشلان في تكريسها بالزواج· ورغم مقص خالد في حق غادة إلا أنها أظهرت أنها الأصدق تعبيرا وأداء من بين كل الطاقم الفني النسوي المختار لهذه القصة· اختار خالد يوسف أسلوب الفيلم الملحمي، فاعتمد على الأغنية من بداية الجنريك إلى النهاية، مبالغا في بعض الأحيان في الغناء على حساب الحوار و الموقف الدرامي· كما استقر تلميذ يوسف شاهين على طريقة مكياج أساءت كثيرا لملامح البطلة وفاء عامر، إذ لم ينجح شريف هلال في إظهار أثر تقدم السن على وجه الممثلة، هذه الأخيرة التي استفادت من دور رئيسي ظلت حبيسة المكان الذي اختاره لها المخرج· كما لم تلبس جيدا شخصية المرأة الصعيدية التي تتحكم بزمام أولادها· خالد صالح، هو الآخر، تحول نصه إلى ثرثرة زائدة عن اللزوم أرادها المخرج لينقل على لسانه رسائل ومواعظ ودروس· وقد بدا ''زكري'' مستبدا تجاه إخوته، رغم إمكانية استغلال ثورة الإخوة ضد الأخ الأكبر، لم يكن دور الممثلين مقنعا، بالرغم من حضورهم المقنع أمام الكاميرا· حتى موضوع تجارة المخدرات أو السلاح لم يعط للعمل نكهة مميزة· جمانة مراد السورية الأصل التي قدمت نجمة العمل كانت عبارة عن نكهة حلوة أضافها خالد إلى طبقه، فدور ''لبنى'' لم يكن مفيدا في سياق الموضوع· ''كف القمر''، بالنسبة لخالد يوسف، كان استقراء لمستقبل مصر قبل حدوث الثورة التونسية والمصرية وبعدها، هذا ما صرح به عقب العرض· ولكن لم يكن للفيلم الأثر المتوقع من مخرجه، خاصة بالنظر إلى طلعاته الإعلامية الكثيرة وأحاديثه الصحفية في السياسة والفن·