بلخادم، هذا الرجل لا أحبه، لأنه يذكرني بوالدي الذي مات بعد يوم واحد من تطليقه أمي.. يا الله، لهما نفس الملامح، نفس النظرات الخادعة والمضللة، نفس الإبتسامة التي وراءها الدواهي والسواهي.. نفس الإنتماء إلى نفس الحزب.. تزوج والدي من قبل بأمي ومن بعد، ثم مات.. لم أبك عليه، دمعة واحدة لم تقطر من عيني.. كنت لا أحبه.. وهو أيضا لم يكن يحب أمي، ولا أخي ولا أنا.. كان يتحدث في اللقاءات العديدة في اليتيمة على الثورة، وعلى البلد.. أشك أنه يحب الثورة، أو يحب البلد.. أما جيبه فكان يحبه كثيرا.. البعض من أقاربي كانوا يحسدونني على والدي.. أما أنا فكنت أشفق عليه.. بنت المحافظ، كانوا يقولون عني.. وفي قلبي كنت أتأفف من هذا اللقب، بنت المحافظ! ماذا يعني هذا؟! المهم والدي مات، أما ذاك الذي يذكرني بوالدي، فلقد ظل حيا، أي على قيد الحياة، وكذلك على رأس الحزب الذي كان فيه والدي، وكذلك ظل يفكر أن يحكمنا يوما بعد أن يرحل بوتفليقة.. وهكذا بوتفليقة لن يعد رئيسا، وبلخادم يصبح رئيسا. رئيسا للجمهورية، هكذا دفعة واحدة، ونصبح نراه كل يوم في التلفزيون، أما ابتسامته التي وراءها الدواهي والسواهي فلن نعد نراها، لأنه يصبح منتفخ الوجه، متجهم الملامح وقاسي النظرات. طبعا.. سأشعر بالحزن والغضب، وسأشتم والدي الذي ينام تحت التراب، وأقول له، بغضب، لماذا، جئت بي إلى هذا العالم، وهذا البلد الذي سيصبح فيه ذاك الرجل الذي يشبهك رئيسا عليّ..؟! طبعا، والدي لن يجيب، وأيضا بلخادم لن يجيب، ولا أحد آخر سيجيب. وعندئذ سأقرر أن أتحوّل إلى قاتلة.. أجل أقتل نفسي، ربما في ذلك يكون عزائي وعزاء أمي التي قد تبكيني كثيرا في بلد ذاك الرجل الذي بقي بعد أن رحل ذاك الذي يشبهه.