ليلة واحدة في الأوراسي وفق التسعيرة الجديدة التي اعتمدها الفندق بعد التحديثات أضحت أكثر تكلفة من ليلة أخرى يمكن أن تقضيها في فنادق ذي خمسة نجوم في باريس أو شرم الشيخ أو حتى لندن·· دون أن نعقد مقارنات مع دول الجوار كالمغرب وتونس التي توفر أسعارا تنافسية أكثر من خيالية· تمخض عامان·· ولكن لم يمض على إعادة افتتاح فندق ''الأوراسي'' أكثر من شهر واحد، بعد عمليات صيانة وتحديث امتدت لأكثر من عامين ونيف من الزمن، على يد شركة متخصصة في التهيئة الفندقية، وبتكلفة إجمالية تعدت سقف ال 56 مليون أورو، تحمّل الفندق نسبة 30 بالمئة منها، فيما مَوّلت النسبة المالية المتبقية والمقدرة ب 70 بالمئة من قرض منح من طرف أحد البنوك العمومية الجزائرية· وكان من الواضح أن عملية العصرنة والتهيئة التي يخضع لها الفندق على مستوى الشكل والمحتوى، ستؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع الأسعار لامحالة، سيما وأنها ستوفر خدمات جديدة لم يكن الفندق يقدمها أو على الأقل توقف عن تقديمها منذ عقود·· وأن تلك الخدمات ستكون بمستوى الجودة التي تلتزم بالمعايير الدولية· وبالرغم من أن الفترة المحددة ب 22 شهراً لإنجاز التهيئة قد تجاوزت السقف لأشهر أخرى، فإن افتتاحه خلال الأسابيع الماضية كان من المتوقع أن يصنع الحدث من حيث الإقبال، سيما وأنه ظل مغلقاً لأكثر من عامين· جولة لاستكشاف الجديد عند وصولنا إلى الفندق القديم - الجديد، لم تكن هناك ثمة مؤشرات توحي بتغيير كبير عدا الواجهة العصرية التي بدا عليها من الخارج، بينما في الحديقة المحيطة بالمركب تكشف أن لا حركة تدب في المكان لتوحي بحدوث تغيير على مستوى الإقبال، سيما وأن زيارتنا كانت عند منتصف النهار، وهو الوقت المحدد لاستقبال ووداع الزبائن· صالة الاستقبال تبدو فارغة تماماً إلا من الحركة المتقطعة لبعض العاملين بالفندق، المقهى الموازي للصالة أيضاً لم يكن يستضيف أحداً عدا عاملاته الثلاث·· إلا أن التغيير كان واضحا في كل التفاصيل الصغيرة بالداخل، سواء على مستوى ''تخليص'' المبنى أو على مستوى التجهيزات الأخرى من سيراميك وأفرشة موكيت وصالونات، وآرائك وإضاءة ولوحات وغيرها من النثريات التي أضافت الكثير من الجمالية لصالة الإستقبال·· اللوحات المعلقة على ممرات الفندق أيضاً تشير إلى إضافة مطاعم وصالات جديدة، منها صالة للرياضة وأخرى للتجميل بالإضافة إلى حمامات البخار والجاكوزي· المفاجأة في الأسعار ربما الصدمة الأولى التي يمكن أن تصيب الزبون وحتى الزائر هي قائمة الأسعار المعروضة بالقرب من الريسبشن، حيث أن سعر الغرفة الفردية العادية (لشخص واحد) تساوي 39 ألف دينار لليلة واحدة، دون أن تشمل فطور الصباح الذي يتراوح وحده بين 2200 دينار إلى 2500 دينار·· أي أن ليلة واحدة لفرد واحد بإضافة فطور الصباح فقط تصل إلى حدود 41500 دينار جزائري، بينما سعر الغرفة العادية المزدوجة يبلغ حدود 44000 دينار للغرفة المطلة على البحر، بينما تصل أسعار الأجنحة (سويت) من 55000 إلى 75000 دينار لجناح البرستيج، أما الشقق الفندقية فتبلغ 120000 (12 مليون سنتيم)، بينما يصل سعر الجناح الرئاسي إلى حوالي 250000 (25 مليون سنتيم) لليلة الواحدة· والواقع أن هذه الأسعار المشهرة منذ تاريح إعادة افتتاح الفندق تطرح سؤالا مهماً يتعلق بمدى منطقيتها من جهة، وماهية الخدمات الإضافية الجديدة التي دخلت حيز العمل في هذا المركب السياحي المهم بوسط العاصمة، حتى تساهم في ارتفاع الأسعار بشكل يتجاوز ال200 % من الأسعار القديمة· اتصال هاتفي واحد بدائرة الحجوزات، أكد لنا أن هناك خدمات جديدة تقدم للزبائن بعد فترة التحديث التي عرفها الفندق، أهمها صالة رياضة، gymastics، وحمامات البخار Sauna التي تقدم خدماتها مجاناً للزبائن المقيمين، بالإضافة إلى night club تم إقامته أثناء عمليات التهيئة· إلا أن هذه المعلومات التي استقيناها من الاتصال الهاتفي كانت مناقضة لتلك التي وجدناها على الواقع، حيث أن حمامات البخار لم يتم إقامتها حتى اللحظة، ومن المتوقع أن تبدأ عملها في شهر ماي القادم في أحسن الأحوال، بينما ليس هناك موعداً محدداً للخدمات الأخرى ك ''النايت كلوب''، وبالتالي كل ما تم حتى الآن هو تحديث الغرف والمباني، أما على مستوى الخدمات، فلا جديد يمكن ملاحظته حتى الآن· مقارنات لابد منها وبعيداً عن الحديث في مستوى الخدمات ومدى جودتها مقارنة بالفنادق الأخرى خاصة خارج البلاد، فإننا سنحاول من خلال هذه الزاوية مقارنة أسعار فندق الأوراسي المستحدثة بفنادق نظيرة، في بعض أهم مدن العالم السياحية، حيث تكشف المقارنة هول الفوارق القائمة· في مدينة شرم الشيخ المصرية، حيث تستضيف المدينة مجموعة من المنتجعات التي تكتسب سمعة عالمية وتصنيفا دوليا من ذوي الخمسة نجوم، توقفنا عند أسعار أهم الفنادق هناك، ك ''الرويال باتروس موديرنا''، ذو الخمسة نجوم، الذي تبدأ فيه أسعار الغرفة الفردية العادية، من 48 دولار أمريكي أي ما يعادل 5000 دينار جزائري فقط· أما الخدمات فتتضمن (غرفة رياضة، حمام سباحة، مساج، مركز تجميل، تدليك، سونا، جاكوزي، شاطئ خاص على البحر، نشاطات مائية، السهام المريشة، وملاعب غولف، ملاعب التنس)، أي أن فارق السعر بين الأوراسي وبين نظيره في شرم الشيخ يصل إلى 35000 دينار! فضلا عن أن هناك فنادق تقدم أسعارا أكثر تنافسية من هذا السعر في شرم الشيخ، كما أن هناك منتجعات توفر خدمات أكثر توسعا وبالتالي تفرض سعراً أعلى· أما إذا انتقلنا إلى العاصمة الفرنسية باريس، فنتأكد مرة أخرى أن الأسعار التي فرضها ''الأوراسي'' على زبائنه ليست غير منطقية حساباً مع الخدمات التي يقدمها فحسب، بل تتجاوز الأسعار الدولية، في حين أن خدمات الأوراسي هي دون مستوى الخمسة نجوم الذي يشهره الفندق أمام زبائنه (في غياب تام لمقومات أساسية كالسونا، والملهى الليلي·· وغيرها)· ففي فندق ك Hospes Lancaster بباريس ذو الخمسة نجوم، والذي يقع على بعد 100 متر من شارع Champs Elysées، وعلى بعد 3 دقائق سيرا على الأقدام من محطة مترو أنفاق، يمكنك الإستفادة من خدمات الغرفة الفردية، بمتوسط سعر يتراوح بين 21000 دينار جزائري، إلى 28000 دينار جزائري في أقصى الحدود، وهو الذي يوفر فارق سعر يفوق مليون سنتيم من أقصى سعر في باريس لأقل سعر في فندق الأوراسي!!· أو فندق آخر هو ال Concorde La Fayette ذو الخمسة نجوم والواقع بين شارع الشانزليزيه ومنطقة La Défense، والذي تبدأ فيه الأسعار للغرف الفردية من 13000 دينار جزائري، وحتى حدود 22000 دينار جزائري· مقارنة أخرى قادتنا عبر شبكة الأنترنيت إلى موقع إحدى الفنادق البريطانية، وهو The Montcalm ذي الخمسة نجوم، والذي يقع على بعد 5 دقائق سيراً على الأقدام من حديقة هايد بارك الشهيرة وشارع أكسفورد ومحطة Marble Arch لمترو الأنفاق، والذي يضمن غرفة فردية عادية بمعدل سعر لا يتجاوز 17127 دينار جزائري فقط· وهو ما يساوي أقل من 50 % من السعر الذي يفرضه الأوراسي اليوم!·