يقول فريدريك الأكبر أعظم ملوك بروسيا ''لقد انتهيت أنا وشعبي إلى إتفاق يرضينا جميعا، يقولون ما يشتهون وأفعل ما أشتهي'' وهذا هو حالنا اليوم مع السلطة الحاكمة في البلاد تتركنا نقول ما نشاء وهي بدورها تفعل ما تشاء والفرق بيننا هو الفرق تماما بين القول والفعل· السلطة استأثرت لنفسها الفعل لأنها تدرك أنه ذو قيمة ومردود أما الكلام فتركته لنا، كل الكلام الفارغ والمليء بالفراغ· نهق حماري باستخفاف وقال: صنعت في مخابرها بعض الوجوه الكريهة وجعلت منها أحزابا وتكتلات سياسية وقالت هذا كل ما لدينا، ونحن صدقنا الكذبة وأصبحنا نبيت ونمسي على تلك الوجوه، تارة نسبها وتارة نشتمها ومرات كثيرة نحملها وزرنا ووزر كل ما يحدث لنا فصرنا جعجة بلا طحين وكلام بلا صوت· قلت له ساخرا: تقصد أن السلطة تخدعنا وبلخادم وأويحيى وأبوجرة وجاب الله مجرد ''خدّامين'' عند السلطة؟ قال والنهيق يتواصل: طبعا هذا ما أقصده، ونحن نعيش في حلقة متواصلة من الفراغ وليس أمامنا سوى هذه الأحزاب العتيقة وبعض الأحزاب السنفورية التي جاءت بها السلطة حتى تشغلنا أكثر بالكلام عوض الفعل· قلت باستهزاء: أنت مثلا كحمار بدرجة مواطن ماذا يمكن أن تفعل أمام هذه السلطة التي تحسب كل شيء؟ قال وهو يحك رأسه الغليظ: أكيد لا يمكنني فعل شيء، ولكن على الأقل أكون واعيا لما يحدث من حولي ولا يمكن أن أختصر البلاد كلها في مجموعة أحزاب أصبحت مثل الجراد تقضي على الأخضر واليابس وأحيد بصري عما يحاط في الظلام· قهقهت عاليا وقلت: لا تخف مما يحلك في الظلام فهو ليس بعيدا عما يحدث في النهار· ضرب الأرض بحافريه وقال: أعرف أن الانتخابات هي الشغل الشاغل للسلطة الخفية والظاهرة، وأعرف أن البرلمان القادم لن يخرج عن مبتغى السلطة وأطماعها ولكن هل نكتفي نحن بالفرجة؟ قلت بسخرية حادة: قم بثورة إذا الشارع أمامك وأصرح الحمار يريد إسقاط النظام وسوف ترى السلطة كيف تجعلك تنسى حماريتك وأوهامك·