الآن وبعد أن طرحت كل الأحزاب السياسية أوراقها أمام المواطن المطالب باختيار ما يراه مناسبا له للتصويت عليها، ترى هل سيقنعه الأفلان الذي بقي منه سوى الاسم وفرغ من المحتوى بسبب سلوكاياته السياسية المشينة، هل تقنعه جبة بلخادم وعمامته البيضاء، هل يقنعه السباب والشتائم التي أصبحت مجالا للتراشق بين المناضلين والراغبين في الوصول إلى عرين البرلمان؟ هل تقنعه وعود أويحيى التي لا ترى النور، هل يقنعه نفاق أبو جرة وكل من على شاكلته من أصحاب اللحى التي تتلون حسب الزمان والمكان؟ نهق حماري بخبثه المعروف وقال ساخرا: أنا شخصيا كحمار محترم أملك كل حقوق المواطن البسيط الذي يقنع بالخبز والماء، ليس هناك حزبا يمكنني أن أعطيه صوتي ولا حتى نهيقي هذا الذي لا يساوي فلس· قلت باستهزاء: مادمت رأيت ''الغاشي'' المرشح، لماذا لم ''تشطار'' مثلهم وتجد لك مكانة معهم عساك تخرجنا من همنا الذي نعيش فيه؟ ضرب بحافريه الأرض وقال: ضمنيا تقول وتؤكد أن كل من يترشح يفعل من أجل خدمة نفسه وإشباع كرشه التي لا تشبع· قلت: وهل أنا أكذب أو أخترع شيئا غريبا، هذا ما يفعله كل من يصل إلى هناك واستنادا إلى نظرية جاب الله العائلية فكلامي صحيح مائة بالمائة· أطلق حماري قهقهة غريبة وقال: ذكرتني بجاب الله الذي صام دهرا وأراد أن يربح وستدرك ما فاته من وقت بعد أن أدرك أن السياسة ليست فن التخندق مع الشعب كما كان يردد دائما، بل من يريد ممارسة السياسة يجب أن يتخندق مع السلطة وهاهو فعل وربما سيجني ثماره ويصبح عنده برلمان مصغر في البيت· قلت له: وأنت أليس لك ضلع في السلطة تتخندق وراءه حتى يخرجنا من هذا الجحيم؟ صرخ عاليا وقال: السلطة لا تختار حمارا شريفا مثلي لأنها تدرك مسبقا أنها ستخسر الرهان لذلك فهي تعول على غيري من الانتهازيين والوصوليين والراغبين في المال والأعمال· قلت: وهل أنت لا ترغب في المال مثلي مثل هؤلاء؟ نهق من جديد وقال: أحب المال ولكن النزيه النقي الذي لا تشوبه شائبة وهذا ما يجعلني أرى الفساد فيهم جميعهم ولذلك لن أمنحهم حتى نهيقي وليس صوتي فقط·