في البداية، لابد من شكر الصديق المثقف، الكاتب والمترجم محمد ساري على وفائه وطينته النقية التي كانت السبب في أنكم ستطالعون، اليوم، على صفحات ''الأثر'' بورتريه حول الراحل عنا بشكل مبكر ومفاجئ، الكاتب والمترجم محمد يحياتن، الذي فقدناه منذ أيام، هو الرجل الذي ميّزته دائما عزلة أو بعد عن الأوساط الثقافية ربما كانت إجبارية بسبب تواجده في أغلب الأوقات بمدينة تيزي وزو· لكن رغم أننا لم نكن نلتقي به باستمرار، إلا أن لغته الراقية كانت دائما تعيش معنا بفضل ترجماته الوفية للمقاييس العلمية وإبداعاته الراقية، وستتعرّفون على هذه الجوانب وغيرها من حياته من خلال البورتريه الذي أعده الكاتب محمد ساري بكل الحب والوفاء الذي لديه· في هذه الأثناء التي تطالعون فيها صفحات ''الأثر'' ربما يكون الفنان الجزائري رضوان نهار، عازف الباص يقف أمام المحكمة المحلية للدولة بمنطقة ماديا براديش الهندية، بتهمة الانتماء للإرهاب وحيازة رصاصة غير مستعملة· أيعقل أن يتحوّل فنان رائع ومجنون بالحياة والحب والانفعال مثل رضوان ''سلاوهاند ريدو'' إلى إرهابي؟ هذا أمر مستحيل بل يشبه الجنون·· في رمضان الماضي دعونا فرقة ''الجزائر'' لإحياء سهرة في الفضاء الثقافي ''ألف نيوز ونيوز''، وكان رضوان حاضرا بكل ثقله في تلك السهرة وهو يحتضن ''قيثاره الإلكتريك'' بدفئ يشبه احتضان حبيبة ويرتدي eshirtt أسود مكتوب عليه بالأبيض ''حفرونا''، سألته في الخارج ''رضوان واش هذ التريكو''، أجاب باستغراب بطريقته الساخرة من جهلي ''وين راكي عايشة'' وروى لي قصة القميص، التي تعود إلى أيام ''حرب الكرة'' بين الجزائر ومصر التي عاشها رضوان كالكثير من الشباب الجزائري بحماسة زائدة جعلتهم يصنفونها ضمن القضايا الأكثر وطنية· وفيما روى لي رضوان، فإن شابا جزائريا شجاعا -حسبه- بعد انتهاء مباراة التصفيات التي جمعت الجزائر ومصر على الأراضي المصرية، تحدث إلى قناة خليجية وسط الحشود المصرية، وقال بأعلى صوته ''حفرونا يا صديقي''، كانت هذه قصة القميص الذي ارتداه رضوان طويلا، وهو مقتنع بالأمر وكأنه يشكل وقفة وطنية، الأسبوع الماضي، عندما حوكم رضوان الذي ذهب في جولة سياحية إلى الهند وعثر على رصاصة بالفندق، فقرر حملها معه كذكرى وقف بسببها بالمطار كان وحيدا في محكمة ماديا براديش، حكم عليه بسنة سجنا نافذا وعومل على أنه إرهابي ولا أحد تحرّك لذلك، ترى ما الذي كان يفكر فيه في عزلته المريرة تلك، هل كان يقول ''حفرونا يا صديقي''؟ أتمنى ألا يقف رضوان نهار اليوم في محكمة الاستئناف وحيدا وإلا على كل الجزائريين ارتداء قمصان تحمل شعار رضوان ''حفرونا يا صديقي''·