أساتذة الأدب الجزائري لم يقرأوا “نجمة" و 10 آلاف طالب قرأوها بالأذن أثار اليوم الدراسي حول الروائي كاتب ياسين، المنظم بقاعة الأطلس على هامش مهرجان المسرح المحترف، تباينا وتنوعا في الآراء حول فهم عمل الرجل. ففيما قال واسيني إن كاتب راح ضحية الإحساس الدرامي، فقدان اللغة الأم فخسرناه كروائي، قال بوطاجين إن 10 آلاف طالب جامعي قرأوا “نجمة" بالسمع فقط. استهل واسيني الأعرج، مدير اليوم الدراسي المنظم الخميس الماضي بقاعة الأطلس بباب الوادي، كلمته حول صاحب “الجثة المطوقة" بالإشارة إليه وهو في سن العشرين، يوم سافر إلى فرنسا ليحاضر أمام شخصيات كبيرة ومهمة، كانت تنتظر الاستماع إلى خطاب معهود حول القضية الجزائرية، إلاّ أنهم وجدوا أنفسهم يستمعون إلى شاب مميّز، ذكرهم بسيرة الأمير عبد القادر وكفاحه، ليخلص إلى أن ما أخذ ظلما سيستعاد في آخر المطاف. ويضيف الأعرج: “بعد ذلك يظهر كرجل سجالي، لا يقبل كل ما يقدم له، كتب بلغة فرنسية، كان يعتقد أنها غنيمة حرب، يمكن الاستفادة منها، وعلى عكس الكتاب الآخرين، لم يكن ياسين خطابيا، بل “نجمة" كانت نصا محمّلا بالروائية والشفرات لدرجة الانغلاق..." في إشارة منه إلى مشكلة الهوية التي تطرق إليها كاتب. التيه الذي ميّز سيرة ياسين الحياتية والمنعكسة على نصوصه أرجعها مؤلف “الأندلسي" إلى صدمة سلب الأرض وجنون الأم خوفا عليه. فياسين -حسب واسيني- ينتمي إلى جيل “كان يحمل شيئا في داخله عبّر عنه باللغة الفرنسية، كان يعيش داخل مأساوية انعدم لغة الأم المغيبة"، مثله مثل مالك حداد ومولود معمري اللذان اختارا حلولا بعيدا عن الرواية: “نحن خسرنا هؤلاء بسبب هذا الإحساس الدرامي"، يردف الأعرج الذي دعا الجامعيين إلى البحث في الموضوع أكثر. وضع الناقد سعيد بوطاجين أصبعه على حقيقة مرة تتداول وسط المتحدثين عن كاتب أو باسمه، حين قال للحضور إنه منذ سنتين قام باستبيان شمل 10 آلاف جامعي حول سؤالين: هل تعجبك نعم؟ (الإجابة: رائعة)، هل قرأت “نجمة"؟ (الإجابة: لا). وعن ظاهرة “القراءة بالأذن" كما سماها بوطاجين يوضح مستعجبا: “الغريب أن أساتذة الأدب الجزائري لم يقرأوا نجمة!!"، متسائلا: “هل نجمة ايديولوجية أم رواية تؤسس لقضايا فنية وجمالية"، إذ يرى المتحدث أنه لا يمكن دراسة هذه الإشكالية اذا لم يكن القراء فعليون، وهو سبب عزوف الكثير من الدراسات عن الإهتمام بأدبية “نجمة"، والبحث في نشأة المجاورات الممكنة مع السرود الأخرى في الغرب. تثير “نجمة" إهتمام العارفين بجانبها السري لأسباب شتى منها “أن نجمة ليست قصيدة، و95 بالمائة من النص لا علاقة له بالشعر، صحيح أن هناك مقاطع شعرية إلا أنها لا تتعدى الخمسة بالمائة، وتظهر عندما يتعلق الأمر بمونولوج أو حوارات"، ثانيا يمتاز النص “السرد السريع" أو “التسريع" وهي خاصية لم تدرس في ياسين، “نجمة" صادمة أربكت النوع الروائي الأوروبي في الخمسينات، وياسين تأثر بالرواية الأمريكية ممثلة في جاك لوند وجويس، إذ نجد ملامحها في نصه المشهور. تأثر ياسين بالكتاب الغربيين، وهو ما أكده من جهته احمد منور حينما تدخل مشيرا إلى أن كاتب “تأثر بجون فيلار، المثقف الذي أسندت له مهمة التأسيس للمسرح الشعبي في فرنسا، نجح في ذلك ولفت إليه إعجاب واهتمام العام والخاص، وقد واستفاد ياسين من هذه التجربة، حيث قدم بدوره المسرح في شكل شعبي بسيط، إخراجا ولغة يقدم في أي مكان، لهذا قلت إن كاتب وفيلار يؤمنان بتوجيه الثقافة إلى عموم الشعب". ويستند منور في ربطه هذا إلى كون صاحب “فلسطين المغدورة" وفق مخاطبة الناس، في جزائر ما بعد 62 التي خرجت بنسبة عالية من الأمية، فقراره الكتابة بالعامية كان بهدف أن يفهمه الجميع، ياسين بطبعه متمرد، لا يقبل الجاهز، فهو رجل ينظر للأشياء من الجانب النقدي وهذا أمر ممتاز ومهم في أعماله كلها. رفض الباحث الكويتي نادر القنا أن يوصف ياسين بالمتمرد، فدعا الأساتذة إلى ضبط مصطلحهم وتغييره بالثائر: “كاتب ليس متمردا بل ثوريا ومؤسس حلق في فضاءات عالية"، بينما اعتبرت الأردنية رزان ابراهيم أن “نجمة" هي “واحدة من السرديات الكبرى المحفزة للشعوب لكي تنتفض". نبيلة سنجاق