هذا العنوان ليس لقصيدة شعرية تُعبّر عن الألم والفرح ولكنه عنوان مذكرات أول امرأة وزيرة في الجزائر استطاعت أن تتوغل في دهاليز السلطة وتعتلي مناصبها وهي التي لم تفكر أبدا في ذلك. في هذه المذكرات قررت السيدة زهور ونيسي أن تفتح باب قلبها وذاكرتها على مصرعيه حتى يدخله من يشاء ذلك ومن خلال شباب الزهور تعرف قيمة المرأة المجاهدة التي أعطت الثورة كل شيء ولم تبخل سواء كانت متعلمة أو أمية. تجد فيها التاريخ يتحدث جليا عن بسالة المجاهد وجور الاستعمار، تعرف بومدين وبن بلة وحسين آيت أحمد ورابح بيطاط وغيرهم من الرموز التي بقيت مجرد أسماء في الذاكرة ولكن قلم الوزيرة حرّك مشاعرنا وجعلنا نعرف أكثر هذه الشخصيات التي عايشتها هي بحلوها ومرها. صحيح، الكثير من الذين مروا على نفس الدرب، وهنا أقصد درب الجهاد والمسؤولية لم يفكروا في كتابة مذكراتهم حتى نقرأها نحن جيل الاستقلال ونعرف من خلالها بعض الخفايا ولكن مع ذلك القليل منهم أمثال السيدة زهور ونيسي قرروا خوض هذه المغامرة دون خوف أو قلق لأنها ببساطة لا تملك ما تخفيه وكل ما عايشته تطرحه على صفحة بيضاء يقرأها من يشاء. باغتها الشاذلي بن جديد ذات يوم يطلب منها أن تصير وزيرة في الحكومة فاندهشت وتعجبت وقالت له.. يجب أن أستشير زوجي هل يقبل بزوجة وزيرة أم لا؟ وبعد أن صارت وزيرة باغتها العربي بلخير يريد منها منحة من الدولة للعلاج في سويسرا ولكنها رفضت وقال لا، لأن الرئيس منع ذلك. هذه المرأة ليست سوى ابنة بنّاي بسيط عمل بكد وجد حتى يعيل أسرته ويربي بناته ويدرسهن حينما كانت تعليم البنات غير جائز، تربت في أزقة وقصبات قسنطينة التي تفوح بعطر العلم والعلماء وعانت مثل غيرها من ويلات المستعمر ولكنها رفعت التحدي وشقت طريقها من التعليم والجهاد وغيرها من مناصب المسؤولية التي وضعت على عاتقها ومع ذلك ما تزال تمتعنا بكتب رائعة وما يزال القلم لا يفارقها حتى وإن وصلت عقدها السبعين. هذه المذكرات جديرة بالقراءة على الأقل بالنسبة لجيلي الذي فقد بوصلة التاريخ ولم يعد يفرق بين الحقيقة والكذب على أمل أن يصح ضمير البعض ويسير على نهج زهور ونيسي التي وإن مشت على الأشواك إلا أنها تبقى زهور هذا الوطن.