ما إن يكاد يذكر اسم المسجد الأقصى ومدينة القدسالمحتلة، إلا وذكر الشيخ رائد صلاح، الملقب ب “شيخ الأقصى"، فقد كرّس حياته لخدمة الأقصى والدفاع عنه حتى وهو خلف قضبان السجن، كانت حركاته تقض مضجع الاحتلال الصهيوني، حتى أنه احتار طويلا في شأن التعامل معه، فمرة حاول اغتياله لتصفيته والانتهاء منه، إلا أن مشيئة الله عز وجل قضت أن يعيش عمرا أطول، ومرة تزج به في السجن، ومرة تمنعه من دخول المسجد الأقصى. ولد الشيخ صلاح سنة 1951 بأم الفحم شمال فلسطينالمحتلة عام 1958، عاش فيها طيلة حياته هادئا بطبعه، يحبه الجميع لرفعة أخلاقه وحسن صفاته، وهو أب لثمانية أبناء، ينتمي لإحدى العائلات الفلسطينية (أبو شقرة) التي بقيت في أرضها ولم تنجح العصابات الإسرائيلية في تهجيرها، حيث تلقى تعليمه في أم الفحم، ثم حصل على ليسانس في الشريعة الإسلامية من جامعة الخليل في فلسطين، وبدأ نشاطه في الدفاع عن الحقوق والمقدسات مبكرا، فاعتنق أفكار الحركة الإسلامية العالمية “جماعة الإخوان المسلمين" ونشط في ميادين الدعوة داخل الخط الأخضر منذ كان في المرحلة الثانوية، وقد كان من مؤسسي الحركة الإسلامية داخل الدولة العبرية بداية السبعينيات، وظل من كبار قادتها. أُدخل السجن بتهمة الارتباط مع منظمة محظورة وهي (أسرة الجهاد) وكان ذلك عام 1981، ثم بعد الخروج من السجن فُرضت عليه الإقامة الجبرية لفترة طويلة، حيث كان خلالها ممنوعا من مغادرة المدينة طوال الوقت، وممنوعا من مغادرة بيته خلال الليل، وحاول الالتحاق بسلك التعليم كمعلم في مدارس أم الفحم، إلا أن وزارة المعارف رفضت طلبه فعمل في المهن الحرة، ثم انتقل عام 1986 للعمل كأحد محرري مجلة (الصراط) الشهرية الإسلامية حتى نهاية عام 1988. قام بترشيح نفسه لانتخابات بلدية أم الفحم (كبرى المدن العربية داخل إسرائيل) ونجح في رئاستها 3 مرات أولها في عام 1989. أولى الشيخ رائد صلاح اهتماما كبيرا للمقدسات الإسلامية من مساجد ومقابر ومقامات، نظراً لتعمد الإسرائيليين الإعتداء عليها وتحويلها لأغراض أخرى بعد طرد أهلها منها، وانتخب عام 2000 رئيساً لجمعية الأقصى لرعاية المقدسات الإسلامية التي ساهمت بشكل فاعل في الدفاع عن المساجد في كافة أراضي فلسطين، ونجحت في فضح محاولات الإحتلال المتكررة للحفر أسفل المسجد الأقصى، حيث كان الشيخ صلاح أول من كشف النقاب عنه. بدأ يتعاظم نشاطه في إعمار المسجد الأقصى وبقية المقدسات منذ عام 1996، واستطاع إفشال المخططات الرامية لإفراغ الأقصى من عمارة المسلمين وذلك عن طريق جلب عشرات الآلاف من عرب الداخل إلى الصلاة والرباط فيه عبر مشروع مسيرة البيارق. ساهم في إنشاء مشروع صندوق طفل الأقصى الذي يهتم برعاية نحو 16 ألف طفل، وتنظيم المسابقة العالمية “بيت المقدس في خطر" التي تجري أعمالها سنويا في شهر رمضان للكبار والصغار بمشاركة عشرات الآلاف من كافة أرجاء العالم، بالإضافة إلى مسابقة الأقصى العلمية الثقافية. وتعرض خلال محطات حياته للعديد من الاستدعاءات والاعتقال والتضييق، وفي كل مرة كان يخرج من السجن أقوى عزيمة وأشد إصرارا على الصدح بالحق في وجه الجبروت الصهيوني. الشيخ رائد صلاح استحق عن جدارة لقب “شيخ الأقصى"، لما شكَّله من سد منيع أمام محاولات الاحتلال ومغتصبيه لاقتحام المسجد الأقصى المبارك، وفضح كل المخططات التي تستهدفه.