في هذا الحوار، يكشف اسماعيل شيخون الكيفيات والأساليب التي يندمج لها المهاجرون الجزائريون في الولاياتالمتحدةالأمريكية وأية مكانة تحوز عليها الفئة التي تعمل بجهد وكدّ، كما يكشف سر نجاح غالبية المهاجرين الجزائريين في أمريكا مقارنة بأوربا وباقي دول العالم، كما يحدثنا عن آفاق التعاون الأمريكي الجزائري الجديد الذي بدأ يخرج عن نطاق التعاون في مجال الطاقة. اسماعيل شيخون تكوينه الأصلي طبيب، ولكنه أيضا مختص في الإعلام الآلي، ودخلت هذا المجال في مؤسسة “سيليكون فالي" المختصة في الأبحاث الطبية والعلمية، حيث عملت مع فريق متخصص لتطوير برمجية تستعمل في الطب لمعالجة السرطان، ثم قمت بمشروعين استثماريين بعد تقاعدي كطبيب باحث.. اليوم أنا في عالم الأعمال أكثر من أي مجال آخر، وأقوم بتسيير مجلس الأعمال الجزائري الأمريكي. أنت في الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ 22 سنة.. خلال هذه الفترة هل تحققت أحلام غالبية الجزائريين الذين تعرفهم ممن هاجروا إلى هذا البلد؟ كنت رئيسا للجمعية الجزائريةالأمريكية، طيلة سنوات وخلال هذه الفترة سمح لي نشاطي بتكوين فكرة عن مستوى ونتائج هجرة الجزائريين إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، إذ يهاجر إليها ما بين 500 و600 شخص في السنة، إما على انفراد وإما بشكل عائلي عن طريق القرعة السنوية التي تسمى البطاقة الخضراء. في الحقيقة، البداية من أصعب المراحل في الولاياتالمتحدةالأمريكية وتعترض الغالبية إشكالات في الاستقرار تكون عادة لها علاقة بالغة، إذ يستغرق إتقان اللغة معدل ما بين 3 أشهر إلى سنة بالنسبة لجميع المهاجرين، منهم من يتعلم في 3 أشهر ومنهم من في ستة أشهر ومنهم من يصعب عليه ويصل إلى سنة كاملة، لكن الجميع ينتهي إلى تعلم اللغة كأداة أساسية للتواصل وفتح المجال أمامهم للعمل والاندماج الاجتماعي. لكن الجزائريين لديهم خصوصيات ليست لدى مختلف الجنسيات المهاجرة، أنهم متميزون بسرعة التطور والاندماج، خاصة وأن مشكلة السكن غير مطروحة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، بإمكانك أن تؤجر على أسس واضحة منذ البداية، ثم بالنسبة لغير الكسلاء العمل متوفر جدا، وإذا أردت شراء سيارة البنوك موجودة وتمولك فورا. حتى لو كان أجنبيا؟ أنا أقصد الأجنبي المهاجر الذي جاء ليستقر.. نعم البنوك تموله على أن يكون مشروع الاستقرار واضح لديهم، وبالتالي يصبح يتمتع بحق من حقوق الأمريكيين. ما تزال القرعة السنوية الأمريكية تثير الجدل رغم أن عديد الجزائريين المترشحين حظيوا بفرصة، البعض يعيب عليها كونها انتقائية، ولا توفر أي ضمان للمهاجر على الأقل للأيام الأولى، رغم أنها مخطط أمريكي رسمي للتهجير؟ القرعة لا تضمن أي شيء والمهاجر عليه أن يعمل على الاستقرار بجهده الفردي، لكن بالمقابل، الوفرة موجودة في الأساسيات، وأؤكد لك أنه في الولاياتالمتحدةالأمريكية يمكن لك أن تؤجر بيتا خلال ال 24 ساعة التي تصل إليها، والعمل أيضا سهل الوصول إليه، وهنا الحكومة الأمريكية لا دخل لها في مشاريع المهاجرين. ولكن عندما تجد الظروف متوفرة والشروط السوسيو اقتصادية متاحة للعمل، والإدارة غير بيروقراطية، يمكنك أن تتطور بسرعة. بالنسبة للمهندسين والمعماريين والأطباء الشباب الذين يهاجرون من الجزائر لا يبقى أمامهم سوى معادلة شهاداتهم ليكونوا ضمن طبقة اجتماعية رفيعة وهذا ما حدث مع كثيرين. إذن، ما يُفهم من كل هذا أن المهاجر الجزائري الذي يحلم بالولاياتالمتحدةالأمريكية، لا ينبغي أن يكون من البسطاء والبطالين بل يهاجرون ومعهم أموال على الأقل تسمح لهم بالعيش الأشهر الأولى، وهذا يتطلب ملايين كثيرة قد ينجح إذا استثمرها في الجزائر بدلا من أن يخاطر بها في الولاياتالمتحدةالأمريكية؟ البطال يجد ضالته في الولاياتالمتحدةالأمريكية وغير البطال أيضا. في الولاياتالمتحدةالأمريكيةالجزائريون متضامنون يقومون باستقبال المهاجرين الجدد لمدة معدلها ثلاثة أشهر على الأكثر، فالشباب يستقبلهم، الشباب العازبون والعائلات المهاجرة تستقبلها العائلات المستقرة، ويحدث تكافل إلى غاية أن تتعرف العائلة المهاجرة على النظام الاجتماعي وتشرع في الحبو نحو الاندماج. ثم المهاجرون عادة ما يختارون الولاياتالأمريكية التي يعرفون بها أقرباء أو أصدقاء أو معارفهم، ويحضرون لهجرتهم بالاتصالات قبل مجيئهم إلى هناك. مناصب العمل الصغيرة والبسيطة موجودة كثيرا، ومع شيء من الاقتصاد والتقشف يوفر المهاجر الجزائري ما يمكنه من تأجير بيت صغير خلال ثلاثة أشهر. وبالنسبة للمهاجرين من أصحاب الشهادات العليا فهم عادة ما يهاجرون بإمكانياتهم للكراء، لكنهم يعملون بسرعة في الصباح لتمويل دراساتهم المسائية ومعادلة شهاداتهم، وعادة ما تدوم هذه المرحلة بالنسبة لأصحاب الشهادات العليا، ما بين عام وعامين، ليندمجوا في مناصب عمل بشكل سهل جدا. في أوربا عامة وفرنسا خاصة يواجه المهاجرون الجزائريون حديثا مشكلات كبرى للاندماج الاجتماعي والوصول إلى مناصب هامة، البعض يعزو ذلك إلى العنصرية واحتقار المهاجرين، ألا توجد مثل هذه المشاكل بالنسبة للمهاجريين الحدثين في أمريكا؟ أبدا.. الولاياتالمتحدةالأمريكية بلد بني على الهجرة والمهاجرين، ولا يوجد في أمريكا أمريكي الأصل، فتاريخ أمريكا ليس أكثر من ثلاثة قرون، بدأت الهجرة بالإيرلنديين والتحقت أجناس أخرى بعدهم كالبريطانيين والبولونيين والألمان والإيطاليين والأفارقة. إذا هناك دوما وسيلة للاستقرار في أمريكا.. الأمريكي لا يفرق بين الناس وبين الجنسيات، إنهم لا ينظرون إلى شهاداتك خلال المقابلة التي يحظى بها طالب العمل، يسألونك عما تستطيع فعله وكيف تفعله وبناء على أسئلتهم لك يعرفون إن كنت تليق للمنصب أم لا، وتأكد إذا عرفت كيف تقنع وتجيب فاعتبر نفسك بأنك حصلت على وظيفتك. الشهادة كوثيقة لا تمثل لهم مرجعا أساسيا وإذا كنت مهندسا معماريا مثلا، يوم المقابلة ستجد أمامك مهندسون من اختصاصك يعرفون ما يوجهونه لك من أسئلة، حتى يعرفوا قيمتك المهنية.. إذا نجحت في تسويق نفسك لمختبريك ومحاوريك في المقابلة فقد فزت بوظيفتك. ولا تفيدك جنسيتك ولا شهادتك المبدأ في التوطيف بأمريكا “قل لي ماذا باستطاعتك أن تصنع أوظفك".. هكذا بكل بساطة.. إذا عرفت تسويق نفسك تبدأ الثقة فورا، ثم إن سر النظام الذي يُبنى عليه الاقتصاد الأمريكي هي المنافسة. فإذا كان مشروعك أو عملك أو مهمتك تستغرق شهرا وأنجزتها في أقل من ذلك بمعايير ومقاييس مقبولة، فإن اختصار الوقت يُثمن ويقدر بالمال، وبالتالي لا يبقى أمامك سوى إبراز قدراتك.. الأمريكيون يستثمرون في طموح الإنسان لتطوير اقتصادهم، فيجعلون من الإنسان يبذل مجهودا أكبر ويبدع أكثر من تلقاء نفسه، فتجد المجتمع يتطور، والجزائريون عندما يجدون ظروفا مهنية كهذه تنفجر قدراتهم بشكل عجيب. بالمناسبة ما هي المجالات الاستراتيجية التي ينتشر بها الجزائريون أكثر في الولاياتالمتحدةالأمريكية؟ في أمريكا، هناك جيلين من المهاجرين، هناك الجيل الذي كان قد هاجر بعد أن أرسلته الدولة لإتمام دراساتهم هناك، وهذا الجيل اليوم في عمره 60 سنة وهم من الجيل الذي هاجر في السبعينيات، وكان هذا الجيل قد تخصص في مجالات استراتيجية كبيرة وذات أهمية قصوى بالنسبة للأمة الأمريكية، وفي العادة هم مدراء ومسيرون لوكالات ومؤسسات رفيعة في الولاياتالمتحدةالأمريكية كمراكز البحوث والطب وعلم الفلك، وهناك جيل البطاقة الخضراء الذي قدم إلى أمريكا بالقرعة وهم عادة من المهنيين الذين تركوا مناصبهم بالجزائر وجاءوا لتطوير أنفسهم ونمطهم المعيشي، وهم على العموم من الأطباء وجراحي الأسنان ومهندسين، ومنهم من يأتي إلى أمريكا من غير حملة الشهادات، فتجدهم يعملون كسائقي سيارات الأجرة ونوادل في المطاعم وفي وظائف صغيرة، وهذا النوع من الجزائريين باهر في الولاياتالمتحدةالأمريكية، فتجدهم في ظرف قصير قد وفروا أموالا اقتصدوها، وينطلقون في مشاريعهم الخاصة، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك. فهم يطلبون قروضا من البنوك ويتم مرافقتهم إلى غاية أن يصبحوا على رأس شركات صغيرة ومتوسطة. وأعرف جزائري جاء إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية من فرنسا بعد أن فشل في تحقيق ذاته هناك، وما كان أمامه بكاليفورنيا سوى أن بدأ ببيع الفطائر للطلبة أمام جامعة “باركلي" على عربة بسيطة، وشيئا فشيئا تطورت تجارته، وأصبحت لديه حوالي 30 عربة من النوع ذاته بسان فرانسيسكو وباركلي، ويقوم بتوظيف الناس معه خاصة من الجزائريين. اليوم مؤسسة “فطائر جزائرية كثيرة" موجودة في سان فرانسيسكو في كاليفورنيا وفي نيوجرسي وفي الساحل الشرقي، وهو يسير اليوم مؤسسات رقم أعمالها 10 ملايين دولار، وإذا كان قد وصل إلى ذلك خلال 20 سنة، إلا أنه في السنة الأولى من مباشرته لعمله هذا، كان ميسور الحال. الرجل فهم المجتمع وكان ذكيا في اختيار مكان تسويق فطائره الجديدة بالنسبة للمجتمع أمام الجامعات فنجح ببساطة رغم فشله في فرنسا. ألم يكن هناك ما يمنعه قانونيا بسبب تجارة متنقلة؟ في الولاياتالمتحدةالأمريكية حتى التجارة بالعربات المتنقلة مسموحة، ولكنها تخضع لقوانين خاصة، فإذا كانت نظيفة وغير مشوّهة للمحيط وتتوافر على الشروط الصحية يمكن لك أن تحصل على سجل تجاري بشكل عادي، بعد أن يعاين عملك فريق متخصص، وهو الفريق الذي يمنحك مكانا خاصا تبيع فيه سلعتك بشكل لا يؤثر على النظام العام وحركة المرور، فكل شيء مدروس. وبالنسبة للمجالات العلمية الكبيرة، فالجزائريون منتشرون بها أيضا، فهم بوكالة الأبحاث الفضائية “نازا" وبوكالة الأبحاث الطبية والعلمية “سيليكون فالي"، وهي هيئات تقود النخبة الأمريكية وسرّ قوتها، ويقفز من بينهم بهذه المناسبة اسم نورالدين مالكشي، أصله من الثنية ببومرداس درس بباب الزوار، ولكن عند قدومه إلى أمريكا وظفته وكالة “نازا" بصفته متخصصا في الفيزياء النووية، وهو باحث فيها وهو مستقر في ولاية ديلاور بالساحل الشرقي، وهو عميد جامعة ديلاور، كان من بين المهندسين الخمسة في “نازا" الذين صنعوا المركبة الفضائية الاستكشافية لكوكب المريخ التي أبهرت العالم بما حققته خلال الأشهر الماضية. هناك كثيرون من يعملون بوكالة الفضاء “نازا" من الجزائر، وهم متكونون بالمدارس والجامعات الجزائرية سنوات السبعينيات. وهناك جزائريون في وكالات ومراكز ومعاهد التنمية والتطوير، وهناك جزائريون نجحوا في تأسيس شركات عملاقة في الإلكترونيك والإعلام الآلي منهم بلقاسم حبة، وهو مهندس معروف عالميا، لأنه صاحب اختراع فريد من نوعه لا يمكن للهواتف الخلوية أن تعمل دون أن تتضمن تركيبتها تشكيلة إلكترونية لا يصنعها أحد في العالم سواه، وبالتالي كل المؤسسات العالمية العاملة في مجال التكنولوجيات الحديثة للاتصال ينبغي أن تشتري عليه تلك الجزئيات الإلكترونية.. وهو عبقري كبير يحمل لوحده 400 براءة اختراع في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولا تعني ابتكارات شركات الهواتف وتكنولوجيات الاتصال الحديثة أي شيء دون أن تزودها شركته بمركبات أساسية لتشغيلها، هو من المغيّر. وفي الطب بطبيعة الحال ليس مخفيا عن الناس القيمة العلمية للياس زرهوني الذي شغل طيلة 6 سنوات منصبا يعادل أو يساوي منصب وزير الصحة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، إذ كان على رأس المعهد القومي الأمريكي للصحة، وكان يسير ميزانية قدرها 55 مليار دولار وقبلها كان رئيس مصلحة الأشعة في مستشفى جون هوبكينس وهو مرجع استشفائي عالمي في بالتيمور بضواحي واشنطن، وله براءة اختراع في مجاله الخاص بالأشعة، فأصبح لاحقا مديرا للمستشفى ذاته، ويعمل اليوم لياس زرهوني المدير العام الدولي للبحث والتكنولوجيا بالمخبر العالمي للأدوية “سانوفي أفانتيس". وماذا عن الجيش الأمريكي؟ هناك من المهاجرين الجزائريين الذين التحقوا بالجيش الأمريكي، ولكنهم ليسوا بالأعداد الكثيرة، لكن يعتبر الجيش الأمريكي إحدى القنوات الأقصر الضامنة للمستقبل، إذ بالالتحاق بالجيش الأمريكي، يحصل المهاجر فورا على وثائق الإقامة وليس هناك شرط السن في ذلك، والتوظيف في الجيش يومي بالولاياتالمتحدةالأمريكية. كم هو آخر إحصاء للجالية الجزائرية في أمريكا؟ في حدود 30 ألفا. بصراحة، هل تعرف منهم من فشل في تحقيق حلمه أو على الأقل من لم يستطع التأقلم وفشل في حياته الاجتماعية والمهنية؟ بصراحة، لا أعرف أحد أو ربما قليلون جدا، الذين أعرفهم عادوا إلى الجزائر، وعادة لا يفعلون. أنا مطلع على حالة أو حالتين عادوا للجزائر ولكن يتمتعون بمكانة اجتماعية رفيعة، منهم ياسين رحمون الذي كان يعمل ب “سليكون فالي" وهو مهندس كان في البحث العلمي، وأقام مشروعه الخاص بالجزائر، وعلي عزوز الذي أقام مشروعه أيضا في الإعلام الآلي وأيضا كريمو سالم، ولكن هذه المجموعة لم تفشل ولكنهم عمدوا إلى الاستثمار في الجزائر، وأصبح اليوم يوجه بين أعضاء الجالية والأدمغة المهاجرة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأصبحوا يسألون أكثر فأكثر عن فرص الاستثمار، وحتى من لم يستثمر قد يأتي كخبير في مجاله لمنح القيمة المضافة لبلده. وفي هذا الباب بادرت الأدمغة الجزائرية بإنشاء جمعية خاصة بهم تدعى “عايدة" تجمع كل الأدمغة الجزائرية عبر العالم.. في جنوب إفريقيا مثلا في الهند والصين وأوربا وبريطانيا والولاياتالمتحدةالأمريكية... وغيرها. الجزائريون المهاجرون يقدرون اليوم بحوالي سبعة ملايين شخص، وهذه المبادرة جاءت من عبد الوهاب رحيم رئيس مجمع “أركو فينا" عمل كثيرا في الصيدلة ودخل إلى الجزائر من أجل الاستثمار، وهو اليوم في وضع مريح للغاية بعد عودته من الولاياتالمتحدةالأمريكية سنة 92. فكرة “عايدة" أن يتم إنشاء قاعدة بيانات عن الأدمغة الجزائرية وخريطة انتشارها مع المجالات التي تعمل بها، وبالتالي إحصاء المادة الرمادية الجزائرية والتفكير فيما يمكن أن تساعد هذه الأخيرة الجزائر. هل وقع الاتصال مع الحكومة الجزائرية؟ نعم، محتشم لكنه وقع، ويتم التفكير في كيفية العمل مع السلطات الجزائرية لاستثمار الخبرة والتجربة للأدمغة الجزائرية عبر العالم في مجالات عدة بالجزائر، والهدف على مدى عام نجد محاور التعاون. أي ولاية أمريكية يهاجر إليها الجزائريون بكثرة؟ كاليفورنيا.. لأنها ولاية غنية يقطنها 37 مليون نسمة، وحتى مناخها سبحان الله يشبه المناخ الجزائري لأنها على الارتفاع نفسه على سطح الأرض. والجزائريون بين سان فرانسيسكو وساندييغو يوجد قرابة 10 آلاف مغترب، وينتشرون أيضا عبر الساحل الشرقي في بوسطن وكارولينا الشمالية وميامي وفلوريدا ونيويورك وشيكاغو وهيوستن بالتكساس. مقارنة بكندا الجزائريون شارفوا على لمس عتبة 100 ألف نسمة. هل يعترض الجزائريون في الولاياتالمتحدةالأمريكية متاعب لها علاقة بمعتقدهم الديني مثلما يحدث معهم في أوربا، بسبب ارتداء الحجاب مثلا أو انتشار المساجد أو ممارسة العبادات؟ الأمريكي لا يكترث لهذه الأشياء، هناك من الجزائريات من يعملن بالحجاب ولا أحد يعترض على ذلك، في أمريكا يسود احترام كبير للحريات الشخصية، إذا لم تصطدم بالقانون ليس هناك ما يعارض معتقدك الديني. ماذا عن التعاون الأمريكي الجزائري الأول من نوعه في مجال السكن، وهل يعتبر هذا التوجه الثنائي بين البلدين هو انطلاقة لتعاون مثمر ودائم خارج المحروقات؟ لقد تم إنشاء مجمعات أمريكية متخصصة للاستثمار في مجال السكن بالجزائر، تم تنظيمها حسب تخصصات البناء. هناك برنامج طموح لبناء 800 ألف سكن، منها 450 ألف سكن اجتماعي و250 ألف سكن تساهمي بين الخواص والدولة والباقي سكن ترقوي. والأمريكيون فهموا جدا قاعدة 51/49 في إنشاء المؤسسات المختلطة ولم يعترضوا عليها. الأمريكيون يهدفون إلى تحقيق نمط سريع في البناء، وقد قابلنا العديد من الشركاء بين أرباب العمل وتكللت المحادثات بالتنقل إلى الميدان مباشرة وتوجد مبادرة إنجاب إحدى المؤسسات ال 12 الأمريكية في الطريق الصحيح لإنشاء أولى الشركات المختلطة. واختار الأمريكيون في إطار التعاون بناء العمارات ذات خمسة طوابق وبنايات تشبه ناطحات سحاب تصل أو تفوق 30 طابقا مزوّدة بالمصاعد وحظائر سيارات تحت الأرض للقاطنين وفضاءات خضراء والرياضة، وستكون هذه البرامج منتشرة عبر العاصمة ووهران وعنابة. ليس هذا فقط، بل هناك اتفاق جزائري أمريكي آخر في مجال الصيدلة لجعل الجزائر قطبا عالميا في الصناعة الصيدلية (بيو تكنولوجيك) في أفق 2020 يضاهي قطب سنغافورة ودبلن وبوسطن، وبالتالي الأمور بدأت تتحرك بين أمريكا والجزائر خارج المحروقات، وحضر إلى الجزائر ما لا يقل عن 50 مخبرا أمريكيا لبحث المشروع وتجسيده. كل هذا التوجه الاستثماري يتطلب فتح خط جوي مباشر بين الجزائروالولاياتالمتحدةالأمريكية؟ إنه أمل الجميع سواء بالنسبة لرجال الأعمال الجزائريين أو الأمريكيين، وقد يكون ذلك عبر نيويورك أو واشنطن، ويندرج التفاوض في إطار الحوار الاستراتيجي، وأعتقد أن مسألة الخط تتعلق فقط بتسوية مسألة البريد، ولو أننا لسنا على اطلاع على تفاصيل أكثر، وأعتقد إن شاء الله على أقصى تقدير العام القادم سيتم فتح هذا الخط.