أجمع المتتبعون لحيثيات وفعاليات الدورة ال 29 من منافسة كأس إفريقيا للأمم التي تجري حاليا بجنوب إفريقيا، على أنها تعد إحدى الدورات الضعيفة جدا التي لم يسبق ربما أن عرفتها هذه البطول، حيث كشفت المواجهات التي جرت لحد الآن عن محدودية عطاء المنتخبات المشاركة بما فيها تلك التي تصنف في خانة الكبار، ولم يتعد المستوى الفني العام درجة المتوسط، وبلغ في بعض المواجهات درجة ضعيفة جدا، وهو ما طرح العديد من الأسئلة حول خلفيات التراجع الرهيب في المردود العام. وإذا كانت خرجات بعض المنتخبات التي لا تملك تقاليد في هذه المنافسة على منوال منتخب الرأس الأخضر قد جلبت انتباه الجميع، فإن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى محدودية عطاء المنتخبات العريقة التي كانت لحد الآن ظلا لنفسها على منوال غانا، زامبيا، كوت ديفوار، المغرب وتونس، وقد كشفت العروض الكروية التي قدمتها هذه المنتخبات مدى التراجع الكبير الذي سجلته ولئن كان من السابق لأوانه إجراء تقييم شامل لهذه الدورة، إلا أن ما يمكن استنتاجه هو غياب النكهة الكروية المعهودة وجنوح جل المنتخبات إلى اللعب السلبي الخالي من التنافس، وإذا كانت بعض المنتخبات الصغيرة التي فاجأت الجماهير الإفريقية بمستوياتها الطيبة، فإن التساؤل الكبير الذي يطرح اليوم بجنوب إفريقيا، هو هل بروز المنتخبات المغمورة يعود إلى التحسن والتطور الذي سجلته، أم أن ذلك كان نتيجة تراجع المنتخبات التي تمثل أقطاب الكرة الإفريقية. في كل الأحوال فإن الحكم على مدى ارتفاع إيقاع اللعب يبدو سابقا لأوانه، طالما وأن مجريات الدورة ماتزال في بدايتها وقد تشهد انتعاشا مع مرور الجولات. وفي خضم الطابع الذي انفردت به المنافسة، فإن عنصر المفاجأة يبقى واردا واحتمال خروج المنتخبات التي كانت مرشحة لنيل اللقب يبقى رهين ما ستسفر عنه النتائج المقبلة، وهو ما سيبقي “السيسبانس" مستمرا، والتشويق حاضرا في العرس الكروي الإفريقي. ومنطقيا ستفرز الجولة الثانية من المنافسة معطيات جديدة تؤكد مدى توقعات المتتبعين وآرائهم حول حظوظ المنتخبات التي باشرت المنافسة بإخفاقات في الاستدراك، ومدى جدية وأحقية التشيكلات التي أحدثت المفاجأة وأبانت عن رغبتها في مزاحمة الكبار، وبالتالي التنافس على اللقب الإفريقي الذي لم يكشف بعد عن خباياه في دورة لم تكن، مع الأسف الشديد، كبقية الدورات السابقة، حيث لم يُحترم العرف الكروي.