لم تشكل العقوبات التي صدرت في حق المتهمين في فضيحة مقاطعة حفل توزيع الميداليات التي كان بطلها نادي مولودية الجزائر أي مفاجأة، حيث اعتبرها الرأي العام الكروي منطقية وموضوعية بالنظر إلى السابقة الخطيرة التي حدثت أمام أعين العالم. وإذا كان هناك شخص أدين في الواقعة وأثار حفيظة الجماهير الكروية، فهو بدون شك المدرب جمال مناد صاحب التاريخ الثري كلاعب لعدة أندية عريقة مثل شباب بلوزداد وشبيبة القبائل، وكذا تجربته الاحترافية الناجحة في فرنسا والبرتغال، دون أن ننسى مسيرته الموفقة جدا مع المنتخب الوطني الذي شارك معه في مونديال مكسيكو 86 وتوج معه بأول لقب إفريقي بمناسبة نهائيات كأس إفريقيا التي جرت بالجزائر سنة 1990. ومع الأسف، فقد ذهبت إنجازات هذه الشخصية الكروية كلاعب أولا ثم كمدرب قدير ثانيا أدراج الرياح في لحظة غضب ربما أو سوء تقدير لموقف غير رياضي ولا أخلاقي قام به مناد، وهو الذي يشهد له الجميع بحسن خلقه ورزانته وكفاءته وحسن تعامله مع محيطه الكروي. وللأمانة لا نضيف شيئا إن قلنا أن مشوار هذا المدرب كان إيجابيا إلى أبعد الحدود تماما كما كان عندما كان يداعب الكرة ويسجل الأهداف. لقد اتفقت كل التعليقات وردود الفعل التي اعقبت حادثة المقاطعة على أن المدرب مناد ما كان عليه أن يتصرف بتلك الطريقة، وينساق وراء مواقف تتنافى مع العرف الرياضي وترفضها أخلاقيات لعبة كرة القدم. لقد أخطأ مناد من حيث لا يدري، وربما مرارة الخسارة التي تكبدها فريقه في النهائي هي التي ساهمت في قراره بالانسياق وراء مبدأ المقاطعة، خاصة وهو الذي كان يعول كثيرا على نهائي الفاتح ماي ليعوض به خسارته للكأس خلال الموسم الماضي مع نادي شباب بلوزداد. إن المنطق الكروي كان يفرض على المدرب مناد أن يتعامل مع الخسارة باحترافية، وألا ينساق وراء التبريرات التي أدانت الحكم حيمودي، وأدخلت مسيري المولودية في دوامة من الغضب، لأن مناد في الأصل مدرب محترف تم التعاقد معه لتدريب المولودية ومهمته كانت تسيير النواحي الفنية للفريق بعيدا عما يصدر من مسيريه، وكان عليه أن يصدر تصريحا مقتضبا فقط عقب المهزلة يعلن فيه براءته من كل الحماقات التي حدثت، سيجنبه العقوبة التي صدرت في حقه ويحافظ على مكانته في الوسط الكروي، وهو ما لم يحدث مع الأسف الشديد.