يتخذ المهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب من "حرر خيالك" شعارا دائما له، والحقيقة أن هذا الشعار يحمل العديد من الإحالات في فضاء الأدب والكتاب خصوصا إذا تعلق بما يكتبه الشباب أو يقرأه في شتى المجالات الأدبية، فالرواية أو القصة أو القصيدة تمثل فضاء خصبا للخيال، وتفتح مساحات شاسعة للخلق، تؤثثها طاقات كامنة ليس أجمل أو أفضل من الإبداع محررا لها من قيد الزمان والمكان إلى عوالم ومحطات أجمل تهرّب إليها اللحظات المنفلتة من ركام الوجع، أو تخلق بديلا يتفيأ ظله جيل عرف الأزمة وغاب عنه الفرح طويلا. ذلك أن الأدب حاضن للمشاعر الإنسانية النبيلة، وهو يمثل ضمير العالم الواعي حين ينفجر غضبا في وجه الظلم مهما كان نوعه أو مصدره، كما يتدفق شلال حب يملأ الحياة ويبهرجها بأغانٍ من الفرح الجميل حين تهزه لحظة وجد أو نظرة عشق تخترق حواجز الزيف وتذيب جدار الجليد الذي يغطي أرواحا شاخت دون سن اليأس. إن اختيار هذا الشعار إذا واكبه فعل حقيقي قادر على نقله إلى الواقع بشكل سلس، سيكون حتما نقلة في الحركة الثقافية، وسيفتح أبوابا علاها الصدأ لتنفذ من خلالها وجوه ملّت العتمة والسواد الداكن إلى رحابة الإبداع ونوره الفياض، لتقدم حسها ورؤيتها وقراءتها حول واقعنا أو تنقل إلينا عالما آخر تولده خيالاتها الخصبة لنتقاسمه نصا وأحاسيس تقرب المسافة، وتشعرهم بأنهم الطرف الفاعل في معادلة الحياة كجيل يأتي محملا بعبق التاريخ دون أدلجة ليشارك البلد أفراحه بخمسينية الاستقلال ويتطلع إلى غد أكثر حرية وإشراقا. قد يكون تخصيص ورشات للرسم والتلوين للأطفال وأخرى لسماع القصص والحكايات مؤشرا لإيجابية جديدة في العمل الثقافي، فهم الرصيد الذهبي ومن حقهم دائما أن يكون لهم فضاءهم الخاص لأنهم خيالات بكر يمكن، بل يجب أن نستثمر فيها منذ الآن حتى لا تضيع في ضوضاء الحياة، ولكن ثمة أطفال جزائريين على امتداد البلد القارة تظلمهم الجغرافيا ويُنسون، وقد لا يلتفت إليهم أحد إلا بعد أن تضيع براءة أرواحهم ويهدر عطر ورودهم في الفضاءات الجرداء.