يعرف معدل الجريمة بمختلف أنواعها وحوادث المرور في كل شهر رمضان منحى تصاعديا تعكسه إحصائيات المصالح الأمنية المتعلقة بالسنوات الأخيرة، إلى جانب بروز ظواهر سلبية أضحت ميزة كثير من الجزائريين في هذا الشهر الفضيل. يستقبل الجزائريون، اليوم، على غرار بقية الشعوب المسلمة، أول أيام الشهر الفضيل الذي يفترض فيه أن تعرف معدلات الجريمة أدنى مستوياتها باعتبار أن شهر رمضان هو شهر عبادة، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك بعد أن أضحى هذا الشهر شهرا لاقتراف الجرائم، بدليل الاحصائيات التي تشير إلى تكرار وقوع الجرائم بمختلف أشكالها في هذا الشهر سنويا، إلى جانب الارتفاع المحسوس في حوادث المرور. وبالعودة إلى الأرقام المتعلقة بالجرائم المرتكبة خلال شهر رمضان المتداولة في وسائل الإعلام، يتضح جليا ارتفاع معدلاتها في شهر رمضان الماضي، حيث سجلت مصالح الأمن في الأسبوع الثاني 15 ألف جريمة بمختلف أنواعها، وتوقيف 117 شخص متهم بانتهاك حرمة رمضان، منهم المدمنين على التبغ واستهلاك المخدرات والأقراص المهلوسة، تم توقيفهم أثناء عمليات المداهمة التي قامت بها مصالح الأمن. وتعتبر جرائم الاعتداءات بالأسلحة البيضاء والاعتداء اللفظي من أكثر الجرائم شيوعا في هذا الشهر، وغالبا ما تنتهي المشاجرات والمناوشات التي تشب لأتفه الأسباب بجريمة قتل.. كما عالجت مصالح الامن في سنة 2008، في الأسبوع الثالث من شهر رمضان، 789 جريمة وأحصت 25 شجارا في اليوم، وارتفعت هذه النسبة في السنوات الموالية لتتجاوز سنة 2009 عتبة الألف جريمة خلال الشهر بمختلف أنواعها، وتستقر في حدود 15 ألف جريمة سنة 2012. وتصل حوادث المرور المميتة إلى مستويات أعلى خلال هذا الشهر، حيث تشير إحصائيات مصالح الحماية المدنية إلى تسجيل 7 حوادث مرور خلفت العديد من القتلى بمعدل 30 حادثا سجل يوميا في شهر رمضان من سنة 2010. وتشير الأرقام إلى أن شهر رمضان 2012 الأكثر دموية مقارنة بالسنوات الماضية، حيث أحصت مصالح الدرك مقتل 199 شخص، وسجلت مصالح الدرك الوطني وفاة 94 شخصا وإصابة 1234 آخرين بجروح في الأسبوع الأول من شهر رمضان، ووصل عدد القتلى في آخر أسبوع إلى 105 قتلى. هذه الحصيلة الثقيلة التي خلفتها حوادث المرور تشكل عبئا على الدولة رغم التدابير الوقائية والإجراءات العقابية والردعية التي اتخذتها. ويعتبر عامل السرعة المفرطة من قبل السائقين من بين العوامل الرئيسية التي تقف وراء هذه الجرائم التي ترتكب عبر الطرقات، لاسيما أن هذه الحوادث تسجل في الساعات الأخيرة التي تفصلنا عن موعد الإفطار. وعلى ما يبدو فإن قدسية هذا الشهر لم تكبح كثيرا من الجزائريين عن اقتراف الجريمة بمختلف أنوعها، على غرار السرقة والاعتداءات وكثرة حوادث المرور، إلى جانب انتشار الظواهر السلبية التي أضحت ميزة بعض الجزائريين في هذا الشهر الفضيل. وفي انتظار أن تؤخذ العبرة مما حدث في أشهر رمضان السابقة، يبقى شهر رمضان لهذه السنة فرصة جديد للرقي بالأخلاق والقيم الاجتماعية والإنسانية في هذا المجتمع..