تحولت السهرة التي أحياها المغني بعزيز بخيمة الهيلتون، ليلة السبت إلى الأحد، إلى منبر للتعبير عن المحظور في زمن الممنوعات السياسية والفضائح الاقتصادية. ابن شرشال صعد إلى المنصة، ليعزف نشيد تمرده، ويستعين بجمهور شاب متحمس، ليدعو رئيس الجمهورية إلى التخلي عن السلطة وحاشيته إلى مغادرة كراسي المسؤولية. أعلن بعزيز، بمجرد اعتلائه خشبة مسرح خيمة الهيلتون الخاصة، وأمام جمهور متنوع، أنه "الكويوت" الذي لن يسكت عن قول أفكاره مهما كان الثمن، وطلب من محبيه أن يتشبهوا به، ليكونوا هم أيضا "دي كويوت" لا يهابون الحقيقة، ويذكرهم أنهم شعب تجاوز محنته لوحده، في وقت كان الآخرون محتمين تحت سماوات أخرى. وهي الأغنية الأولى التي وضعت الحضور في أجواء بعزيز المتمردة، سرعان ما أتبعت بأغنيته الساخرة الاجتماعية "ماروتي" التي أضاف إليها هذه المرة قضية شكيب خليل وفضيحة سوناطراك. "الماروتي" السيارة الصغيرة المتواضعة، جعل منها المغني العربة التي تجر خيبة مجتمع بأكلمه، ورغم صغرها، فهي تخفي تلاعب فئات من أفراد المجتمع، ممن بلغوا مقاليد السلطة والمسؤوليات. بلباسه البحري ودون قبعته هذه المرة، بدا بعزيز أكثر رصانة وهو يحمل نظارة، إلا أن رقصة البطن وهو يتمثل بوزيرة الثقافة خليدة تومي ويهزأ بها، سرعان ما أظهرت "جنونه". جمهور شاب التحق بمقدمة المسرح من كل حدب وصوب، ورددوا معه مطلبه أن "يا خليدة روح روح" و«يا بلخادم باي باي". انسجام كورالي حوَل المسؤولة على الثقافة دمية تسلية بحر سهرة رمضانية، امتد إلى ساعة متقدمة من الليل. لم ينتظر بعزيز طويلا، ليصرخ عاليا أن "بوتفليقة باي باي" واصفا الرئيس بنعوت شتى، وساخرا من تمسكه بالحكم رغم تقدمه في السن. وعلى نوطات قبائلية فشاوية ثم تونسية وأخرى على وزن أغنية الشعبي، وزع بعزيز أغانيه القديمة والحديثة، مانحا إياها قدرة على التأقلم مع أمزجة الناس، وميولاتهم الفنية المتأثرة بأكثر من نوع موسيقي. «أنا اليوم جو مونفو" أو بالعربية الفصحى "أنا اليوم لا أبالي" عنوان آخر، بدا جليا أنه ينطبق على واقع الجزائريين في حياتهم اليومية. رغم مرور سنوات على الأغنية، إلا أنها تدعو للثورة على الطريقة "البعزيزية". موقف تقاسمته فلة عبابسة الحاضرة بالقاعة، التي سرعان التحقت به على المنصة، لتعلن للجميع أنها هي الأخرى لا تبالي بأحد ولا بشيء. قال بعزيز مخاطبا جمهوره: "علينا أن نفكر كيف نلتقي أكثر من هذا.. لا يجب أن نتركهم يحددون متى وأين نلتقي"، مضيفا: "لن يتكرر ذلك من الآن فصاعدا"، في إشارة صريحة منه إلى قلة خرجاته الفنية وعروضه الفنية عبر تراب الوطن، وهو الغياب الذي تأسف عليه، علما أن بعزيز من الأسماء التي نادرا ما يدرج اسمه ضمن قائمة الفنانين لإحياء سهرات المهرجانات والحفلات الرسمية.