إن الحكم الأول الذي سيطلقه كل من يبلغه ما حدث بدار الثقافة محمد الأمين العمودي الجديدة بالوادي، بمناسبة استضافة جمعية عشاق الخشبة لأبطال مسلسل "نسيبتي لعزيزة"، لا يمكن أن يكون سوى قاسيا وجارحا في حق الجمهور الذي انفلت وخرج عن الإطار الأخلاقي وواجب الاحتفاء ووقع في المحظور، محظور التشويه لصورة مدينة كاملة عملت أجيال متعاقبة من أبنائها على رسمها بالشكل اللائق. لقد قدم الشباب المندفع صورة مغلوطة لضيوف المدينة من خلال قذف المنصة بالحجارة، التي أوشكت أن تشج رأس أحدهم لولا لطف الله، والإساءة إلى ضيوف توافدوا بالآلاف لحضور سهرة رمضانية متميزة برفقتهم، ومهما كانت المبررات، فإن الفوضى التي حصلت خلال بداية الحفل وتسببت في توقيفه لا يمكن أن يُبرأ منها الجمهور بأي حال كان. ولكن بالمقابل تفتح عيوننا على إشكالية الشغف الثقافي والفني في مدن الداخل وحرمانها وحرمان أبنائها من برامج ضخمة تخلق عادة التواصل مع النجوم وتروي شيئا من ظمأ المنسيين على جغرافيا تمتد لآلاف الكيلومترات في كل الاتجاهات. إن تكرر مثل هذه الحوادث في أكثر من مناسبة وفي أكثر من مدينة يجعل القائمين على الشأن الثقافي مطالبين أكثر من أي وقت مضى بالالتفات إلى هذه المدن وإلى أبنائها، لأن انفلاتهم بهذا الشكل ليس حالة كره بقدر ما هو حالة فرح وانتشاء لم يحسنوا التعبير عليها.