يعتبر مصباح مناس، أستاذ العلاقات الدولية، أن الفعل ورد الفعل في الدبلوماسية "يجب أن يكون متكافئا، إلا أن الحالة الداخلية للجزائر والمغرب تختلفان، وهذا ما جعل الرد الجزائري يتميز بالتعقل"، موضحا أنه يوافق تماما الطرح القائل بضرورة تسوية الحدود مع المغرب على المستوى الأممي لوقف الاستفزازات. في الحقيقة الرد الجزائري ينبغي أن يكون متكافئا، لكن المعطيات هنا تدل على أن الجزائر تنزع إلى التعقل، وقد ظهر ذلك من خلال تصريحات وزير الخارجية رمطان لعمامرة عندما دعا الرباط إلى الاعتدال في التصريحات، لكن لا أستبعد سحب الجزائر لسفيرها في الرباط إذا تمادى المغرب في ممارسة الأسلوب العدائي ضد الجزائر. إن الحكومة الجزائرية حريصة على نقطة اللارجوع في مسألة الحفاظ على العلاقات الجيدة مع المغرب، لأن بين الدولتين شعبين محكوم عليهما بالتعايش. لكن الإشكال في النظام الملكي الذي لم يستوعب بعد أن في المبادئ الدبلوماسية الجزائرية تُسوى النزاعات الثنائية بين طرفي النزاع في إطار أممي، والقضية الصحراوية يشملها هذا المبدأ الدبلوماسي الجزائري. أنا أتفهم الحالة المغربية. هناك امتعاض مغربي بسبب الوضع السياسي والاقتصادي الداخلي، فغلق الحدود خلف أثرا اقتصاديا سلبيا بالغا، والجزائر تعرف أن الضرر مغربي وليس جزائريا، وبالتالي فالجزائر ترى أنها ليست في حاجة إلى السقوط في فخ المواجهة والتصعيد، لذا تخلت عن مبدأ المعاملة بالمثل الذي يُمكن أن يتم تنشيطه - كا سبق أن قلت - في حال التمادي المغربي. صحيح، بالنسبة لترسيم الحدود هناك إشكالية ومن الضرورة ترسيمها، لكن بالمقابل ليس علينا إهمال معطيات أخرى، وهي أن هذا النوع من التسويات يكون بتوفر الإرادة السياسية للدولتين، خاصة أن طول الحدود بين الجزائر والمغرب يتجاوز ستة آلاف كلم، إلا أنه حتى إن لم تسو الحدود بشكل رسمي فهذا لن يُغيّر شيئا من واقع الأمر بالنسبة للحدود الموروثة عن الاستعمار الفرنسي، لأن التصرف المغربي الأخير يعكس حالة تأزم داخلي، والجزائر تدرك ذلك جيدا، وهي حريصة على عدم جرّها إلى السقوط في هذا الفخ.