تحدث المجاهد والكاتب، حمو عميروش، من خلال هذا اللقاء مع ''الجزائر نيوز'' عن أهم ما ركز عليه في كتابه ''أكفادو·· سنة مع العقيد عميروش'' من صفات اتسم بها هذا الثوري العظيم الذي جمع بين اللطف والشدة، كما سرد لنا بعضا من تصرفات عميروش التي تميز بها دون غيره من الثوريين· هل يمكن أن تحدثنا عن مسيرتك كمجاهد خلال الثورة التحريرية، وكيف التقيت بالعقيد عميروش؟ بدأ عملي الثوري كمجاهد خلال سنة ,1956 حيث كنت في مقتبل العمر، وقد دفعني حبي لوطني للوقوف جنبا إلى جنب مع المجاهدين والشهداء الذين دفعوا بدمائهم ثمنا للحرية التي ينعم بها الجيل الجديد، كما دفعتني الصورة التي رسخت في ذاكرتي سنة ,1945 حيث عشت على هاجس المشهد البشع لوالدي وهو يعذب بوحشية أمامي من طرف بعض الجنود الفرنسيين· وعملي الثوري خلال هذه الفترة هو ما سمح لي بالالتفاء بالعقيد عميروش والعيش معه لمدة سنة كاملة لحظة بلحظة· ما هي أهم صفات عميروش التي حاولت إبرازها من خلال هذا الكتاب؟ لقد حاولت من خلال هذا الكتاب أن أبرز كيف كان العقيد عميروش رجلا حساسا ولطيفا مع الجميع، كما يمكن أن يكون شديدا وصارما خصوصا فيما يتعلق بالعمل الثوري، وقد صورت في هذا الكتاب أهم ما قام به من أعمال ثورية وكيفية تعامله مع المجاهدين الآخرين وكذا مخططاته العسكرية والسياسية، وتكلمت عنه كرجل دولة عبر مؤتمر الصومام، حيث تطرقت إلى اللقاء الذي جمع المجاهدين من أجل مساعدة الولاية الأولى لحل مشاكلها الداخلية، وقد نجح في ذلك، وقد اهتم كثيرا بإنشاء مراكز استقبال للشباب من أجل تكوين إطارات ممولة من طرف الولاية الثالثة، وقد أصبحت جامعيا بفضل العقيد عميروش· وكيف كان ينظر عميروش إلى فكرة استقلال الجزائر؟ لقد كان العقيد عميروش أول من فكر في حرية الجزائر، وقد كنت أحمل نفس نظرته حول الدولة الحالية، حيث كان يطرح دائما تساؤلات حول ما إذا كان جيل الاستقلال يستحق التضحية التي قام بها المجاهدون الذين ضحوا بحياتهم من أجل هذا الوطن· ولماذا استغرق كتابك 50 سنة كاملة من أجل الظهور؟ لقد استغرقت في كتابة هذه المذكرات الثورية حوالي 50 سنة، وقد ترددت كثيرا قبل البدء في كتابته خوفا من عدم تمكني من إعطاء الأحداث حقها من القوة وتخوفا من عدم تقديم العقيد عميروش بالصورة التي يجب أن يكون عليها، وكنت أعتقد أنني لن أتمكن من كتابته جيدا، وقد واجهتني في كتابته بعض العقبات التي وقفت أمام إنهاء كتابته مثل أحداث أكتوبر 1988 وكذا العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر في فترة التسعينيات، ولكن الكتاب رأى النور أخيرا· حقق الكتاب مبيعات كثيرة بالمقارنة مع العديد من الكتب التاريخية، لماذا؟ لقد أخذت وقتا طويلا من أجل كتابته وفكرت كثيرا قبل الشروع فيه، وكوني كنت من الثوار وعايشت الأحداث، فمن يقرأ الكتاب يلمس الصدق الذي كتب به لكونه سرد لأحداث ووقائع عشتها حقا على عكس ما تتضمنه بعض الكتب التاريخية التي تركز على بعض الإيديولوجيات، فهناك من يكتبون وهم لم يعيشوا الثورة وهناك من عاشوا الثورة ولا يكتبون· ما الذي تتذكره كثيرا عن العقيد عميروش؟ ما أذكره عن الشهيد العقيد عميروش هو ردة فعله عندما يكون فرحا وحزينا، فقد كان يضع يديه إلى الوراء ويمشي ويدور وهو يدندن بحزن كلمات إحدى الأغاني الثورية عندما يكون سعيدا إذا انتصرنا في الهجومات التي نشنها ضد المستعمر، فكان يردد ''من الجزائر إلى تيزي وزو ، الاستعمار الظالم ترك أرامل وأيتام···''، أما عندما يكون حزينا عند تلقيه أخبارا سيئة فهو يدور ويدور بصمت· وهل من عبارة قالها لك ورسخت إلى حد اليوم في ذاكرتك؟ لقد همس لي العقيد عميروش في أحد الأيام، وقال لي بنبرة من الحزن العميق ''أكتب للعجوز''، حيث أراد أن أكتب رسالة لأمه التي كان بعيدا عنها وحن للقائها، فكتبت له الرسالة وكأنني أكتبها لوالدتي، ودون أن يقرأ ما فيها، أرسلها مع أحد المجاهدين·