لا يمكن فهم الاتفاق الذي تم عقده في جنيف أمس الأول بين ما يعرف بمجموعة 5+1 الكبرى والجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعيدا عن منطق "اللقاء" الذي يرتقب عقده في ذات المدينة تحت مسمى "مؤتمر جنيف 2" لبحث الترتيبات اللازمة حول الأزمة السورية، وخارطة التداعيات التي خلفتها على المنطقة والإقليم ومستقبل الخارطة السياسية بشكل عام في الشرق الاوسط والخليج العربي . الربط بين الملفين السوري والنووي الإيراني لم يقتصر على موقع "عقد الصفقة"، وهي المدينة السويسرية التي تنام في هدوء آسر على ضفاف نهر "الرون" وبحيرة "جنيف"، بل على خلفيات الصراع وتصورات القوى الفاعلة في المجتمع الدولي والإقليمي لمآلاته المفترضة أوالمرتقبة، والخطط المطروحة لإعادة تشكيل قائمة التحالفات تزامنا مع تشكيل الخرائط الجيوسياسية الجديدة. ولم تكن جنيف سوى مدينة جميلة مستعدة طوال الوقت لاستقبال "الكبار" وهم يعدون كعكة المستقبل، ولا يضيقون صدراً بحضور "الصغار" للشهادة أوالتقاط بعض الصور الضرورية للذكرى والتاريخ. وبدا واضحا منذ التهديد الأمريكي بتوجيه ضربة عسكرية قاصمة للنظام السوري، ثم تراجع البيت الأبيض عن ذلك الوعيد والظفر بصفقة تدمير الترسانة الكيمياوية السورية دون أي حرب مكلفة أوفواتير باهظة الثمن. والدور الروسي الإيجابي الذي ضمن عقد تلك الصفقة ثم التحولات التي أعقبت ذلك التطور سواء على مستوى دعم المعارضة السورية، أواتخاذ مواقف من التدخل الأجنبي خاصة الإيراني في الشأن السوري.. حيث بدأت قائمة الصفقات من تلك اللحظة لتصل سقف النووي الإيراني بتفاهمات أمريكية -روسية - أوربية. وما هذا الاتفاق إلا جزء من تلك الكعكة الكبرى، أوهو بمثابة لوح "شوكولاطة" من معرض يضم كل ما لذ وطاب من الحلويات السويسرية الفاخرة.