محتالون يستهدفون المسنين لسلب أموالهم    مستحضرات التجميل تهدد سلامة الغدة الدرقية    الشروع في إنجاز سكنات "عدل 3" قريبا    الرئيس تبون جعل السكن حقّا لكل مواطن    مجلس الأمن: مجموعة "أ3+" تؤكد على ضرورة احترام سيادة سوريا وتدعو إلى وقف شامل لإطلاق النار    الرابطة الأولى موبيليس - تسوية الرزنامة: شبيبة القبائل ينفرد مؤقتا بالصدارة وشباب بلوزداد يواصل سلسلة النتائج الايجابية    الوضع العالمي مؤسف.. والجزائر لا تريد زعامة ولا نفوذا في إفريقيا    تتويج مشروع إقامة 169 سكن ترقوي بتيبازة    افتتاح الملتقى الكشفي العربي السادس للأشبال بالجزائر العاصمة    عناية رئاسية لجعل المدرسة منهلا للعلوم والفكر المتوازن    شياخة: هذا ما قاله لي بيتكوفيتش واللعب مع محرز حلم تحقق    "الكاف" تواصل حقدها على كل ما هو جزائريٌّ    صيود يسجل رقما وطنيا جديدا في حوض 25 متر    رفع مذكرات إلى رئيس الجمهورية حول قضايا وطنية هامة    حملة "تخوين" شرسة ضد الحقوقي المغربي عزيز غالي    "حماس" تؤكد إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار    "الوزيعة"عادة متجذّرة بين سكان قرى سكيكدة    لقاء السنطور الفارسي بالكمان القسنطيني.. سحر الموسيقى يجمع الثقافات    تأسيس اتحاد الكاتبات الإفريقيات    حكايات عن الأمير عبد القادر ولوحاتٌ بألوان الحياة    5 مصابين في حادث مرور    دبلوماسي صحراوي: "دمقرطة المغرب" أصبحت مرتبطة بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية    نجاح الانتخابات البلدية في ليبيا خطوة نحو استقرارها    الإطاحة بعصابة تروِّج المهلوسات والكوكايين    اليوم العالمي للغة العربية: افتتاح المعرض الوطني للخط العربي بالمتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط بالعاصمة    الجزائر تتسلم رئاسة الدورة الجديدة لمجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب    سوناطراك: استلام مركب استخراج غاز البترول المسال بغرد الباقل خلال السداسي الأول من 2025    "اللغة العربية والتنمية" محور ملتقى دولي بالجزائر العاصمة    المالوف.. جسر نحو العالمية    مشروع جزائري يظفر بجائزة مجلس وزراء الاسكان والتعمير العرب لسنة 2024    المحكمة الدستورية تكرم الفائزين في المسابقة الوطنية لأحسن الأعمال المدرسية حول الدستور والمواطنة    هيئة وسيط الجمهورية ستباشر مطلع سنة 2025 عملية استطلاع آراء المواطنين لتقييم خدماتها    ربيقة يواصل سلسة اللقاءات الدورية مع الأسرة الثورية وفعاليات المجتمع المدني    ترشيح الجزائر للسفيرة حدادي لمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي يهدف لخدمة الاتحاد بكل جد وإخلاص    آفاق واعدة لتطوير العاصمة    مولوجي: علينا العمل سويا لحماية أطفالنا    95 بالمائة من المغاربة ضد التطبيع    إلغاء عدّة رحلات مِن وإلى فرنسا    عطّاف يلتقي نظيره الإثيوبي    مولى: الرئيس كان صارماً    برنامج الأغذية العالمي يعلن أن مليوني شخص في غزة يعانون من جوع حاد    الاتحاد يسحق ميموزا    حرمان النساء من الميراث حتى "لا يذهب المال إلى الغريب" !    انطلاق فعاليات "المهرجان المحلي للموسيقى والأغنية الوهرانية" : وزير الثقافة يدعو إلى ضرورة التمسك بالثقافة والهوية والترويج لهما    تصفيات مونديال 2026 : بيتكوفيتش يشرع في التحضير لتربص مارس    اتفاقية تعاون بين كلية الصيدلة ونقابة المخابر    وفاة الفنان التشكيلي رزقي زرارتي    سوريا بين الاعتداءات الإسرائيلية والابتزاز الأمريكي    جزائريان بين أفضل الهدافين    خطيب المسجد الحرام: احذروا الاغترار بكرم الله وإمهاله    المولودية تنهزم    90 بالمائة من أطفال الجزائر مُلقّحون    الجوية الجزائرية تعلن عن تخفيضات    التوقيع على اتفاقيات مع مؤسّسات للتعليم العالي والبحث العلمي    باتنة : تنظيم يوم تحسيسي حول الداء المزمن    الصلاة تقي من المحرّمات وتحفظ الدماء والأعراض    كيف نحبب الصلاة إلى أبنائنا؟    أمنا عائشة رضي الله عنها..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية " قواعد العشق الأربعون" .. نشيد بهجة الروح
نشر في الجزائر نيوز يوم 10 - 02 - 2014

«قواعد العشق الأربعون" رواية للكاتبة التركية إليف شافاق، رواية تتأسس على حكاية العلاقة بين جلال الدين الرومي وشمس التبريزي... وتنسج حبكة قصة مركبة، تؤسس لرؤية تفك الفواصل وتستحضر الزمن كحضور متلخص من ماضي ومن مستقبل، حاضرا في الحال، في راهن تقويمه من"قواعد العشق الأربعون"...
ذهاب وإياب، ذلك هو الإيقاع بين حكاية أمريكية في منتصف العمر داهمتها حالة الإنتباه لمرور الزمن وخنق الرتابة وتصحرها العاطفي وحكاية كتبها مصور يتنقل بين الأماكن، مسكونا بروح التبريزي، إسكتلندي إعتنق الإسلام وسلك طريق الصوفية... المرأة "ايلا " كلفتها وكالة أدبية بقراءة الرواية وكتابة تقرير عنها، فكانت الرواية فتحا لما استغلق بالنسبة لها وحلول في الدوران الذي يكثف الحياة... ايلا، كلفت بقراءة رواية عنوانها "الكفر الحلو"، و دلالة العنوان في صميم ما تعنيه الرواية التي كتبتها "إليف"، ونقرأ تأسيسه في قصة ترد في الرواية، قصة عن مصادفة سيدنا موسى لرجل يصلي، صلاة جعلت كليم الله يبتهج، لكن سرعان ما غضب لما سمع المصلي يخاطب الله بعبارات رأى فيها موسى تعديا على المقام الإلهي، وأن ما يصدر عن الرجل كفرا.. فاعتذر الراعي ووعد كليم الله بأنه سيصلي وفق المطلوب من الأتقياء.. و في الليلة ذاتها، جاء الهاتف إلى الكليم مبينا له بأن الراعي قد لا تكون طريقته في الصلاة صحيحة، لكنه كان مخلصا وأن الرضا متحقق له وقد تكون كلماته تبدو ككفر، لكنه كفر حلو.
الكفر الحلو الذي يقترن بالفطري وبالتجرد من حسابات عارضة، متجرد من المّن ومتعلق بهمة التحقق بالحقيقة والدلالة ترتبط بقواعد العشق التي ترتبط بها الرواية، قواعد براكيسيسية بالتعبير الماركسي أي أنها قواعد تنجز بمكابدة التحولات بمجاهدات تحقيق الحقيقة التي تظل لا متناهية وتظل استحالتها معادل للممكن الوجودي.
بروعة، حبكت "إليف" روايتها، حضر سحر الحكي
وحضرت قبسات من إشراقات العرفان، إشراقات تفصم وتصل لتصغ حضرة الوجود الذي ينبض بالقلب الجياش.
فالطريق إلى الحقيقة كما في إحدى قواعد العشق: "يمر من القلب لا من الرأس، فاجعل قلبك، لا عقلك، دليلك الرئيسي، واجه، تحدّ، وتغلب في نهاية المطاف على نفسك بقلبك، إن معرفتك بنفسك ستقودك إلى معرفة الله".
يحيلنا القول إلى الحديث النبوي الشريف الذي ردّ به الرسول الكريم عن سؤال لأحد الصحابة عن الإثم : "إستفت قلبك".
عمران الأمكنة من عمران القلوب ولا يمكن أن تحل البهجة بأمكنة تخربت قلوب كائناتها، فالجنة في الصدر بعبارة إبن تيمية وكما ورد في الرواية:
«إن المدن تنتصب فوق أعمدة روحية، كالمرايا العملاقة، وهي تعكس قلوب سكانها، فإذا أظلمت هذه القلوب، وفقدت إيمانها، فإنها ستفقد بريقها وبهاءها".
تعبير رائع ودقيق، أقرأه، فأقرأ تحلل المكان الذي تفترسه خرابات الباطن، خرابات تحيل الحياة جحيما.
الرواية تحضر بتاريخ صراعات تظل تتحيّن، صراعات صنعت المحن وهندست الجحيم، صراعات منبعها الجهل وافتقاد الحب... إفتقادا رسخ للجهل المقدس بتعبير أوليفييه روا والذي نشر الجهالة بكل فظاعاتها، تحضر إشارات للمغول وللحشاشين ويحضر العصر، يحضر الشرق ويحضر الغرب، يحضر المصير الإنساني...
هي قواعد للعشق، عشق التحقق الملخص بتكثيف في عبارة البسطامي: "ينزل الحق إلى الخلق ويعرج الخلق إلى الحق".. والوصل الناسوتي باللاهوتي، هو الذي يتهندس في دوران الدراويش، في رقصتهم التي ترفع انفصال الجسدي عن الروحي، وتكتب إيقاع الوصل الفاني بالدائم.. فكما ورد في الرواية: "إن الطريقة التي نرى فيها الله ما هي إلا انعكاس للطريقة التي نرى فيها أنفسنا، فإذا لم يكن الله يجلب إلى عقولنا سوى الخوف والملامة، فهذا يعني أن قدرا كبيرا من الخوف والملامة يتدفق في نفوسنا، أما إذا رأينا الله مفعما بالمحبة والرحمة، فإننا نكون كذلك".
والعدد مرتبط ببعض أسرار العرفان وأسرار الأرقام، الأعداد.. وكل قاعدة تتصل بغيرها كحبات السبحة التي تظل ضابطة للذكر، وكل قاعدة مقام من مقامات السالكين نحو عين اليقين.. كل قاعدة تكتب التخلي والتحلي، الذوبان والحلول.. تكتب الخلاص بالتخلص من أهواء تستعبد ومن أوثان تجثم محنطة.
وبالتحلي بروح التحري للحق، يكون النفاذ نحو الجوهر، جوهر ومعنى التحقق، تحقق بمكابدة أشار إليها عبد القادر الجيلاني بقوله: "صارعت الحق بالحق للحق".
وذلك هو ترحال التبريزي:
«إن الشريعة كالشمعة، توفر لنا نورا لا يقدر بثمن".
لكن لا يجب أن ننسى، "أن الشمعة تساعدنا على الإنتقال من مكان إلى آخر في الظلام، وإذا نسينا إلى أين نحن ذاهبون، وركزنا على الشمعة، فما النفع في ذلك؟".
رواية شافاق إشتغال على التصوف من خلال علمين مهمين من أعلامه الرومي والتبريزي، تواصلا فكانا بسيرة الإتصال من تجليات العشق للحق:
«تقول إحدى القواعد، إنه يمكنك أن تدرس الله من خلال كل شيء وكل شخص في هذا الكون، لأن وجود الله لا ينحصر في المسجد، أو في الكنيسة أو في الكنيس، ولكنك إذا كنت لا تزال تريد أن تعرف أين يقع عرشه بالتحديد، يوجد مكان واحد فقط تستطيع أن تبحث فيه عنه، وهو قلب عاشق حقيقي، فلم يعش أحد بعد رؤيته، و لم يمت أحد بعد رؤيته، فمن يجده يبقى معه إلى الأبد".
هي رواية الرومي وعلاقته بالتبريزي، علاقة تعيدنا للنص القرآني وقصة موسى مع الخضر، و إلى الأسطورة عن علاقة أنكيدو مع قلقامش، العلاقة التي تنقدح تجليات وجودية، تجليات حقيقتنا فلا هوية بلا غيرية والمؤمن مرآة أخيه كما ورد في الحديث الشريف.
علاقة الرومي بشمس ظلت مثيرة للأسئلة ومؤججة لها، و يقول الدكتور حسين مجيب المصري: "إن شمساً كالخضر في الولاية والإمامة، وأن الرومي إتخذ سمت موسى الكليم عليه السلام فى دعوته ودروسه وطريقته فى التغيير النفسي لمريديه وأتباعه، باتباع الطرائق الروحية ونظرية الحب الإلهي فى الإصلاح والتطوير".
كانت العلاقة تحولا أعاد بلورة الأثر، أثر الرومي الذي سيمتد مشحونا ومشعا.
الرواية سفر في الجواني لفقه البراني، تمثل الإختلاف لتحقيق الإئتلاف، إنارة الباطن لرؤية الخارج... رواية الإنسان متجردا من كل التصنيفات ومتجليا بهشاشته وأوهام قوته وبحزنه المشع جلالا وبحرائقه.
الرواية تثير وتستفز للحلول في حالات لن تكفي العبارات لقولها، فالعبارة تضيق والرؤية تتسع كما في معنى قول للنفري.
وهي رواية إنشغالات الراهن بتحديات مد التعصب، التطرف، التكفير، العمى القاتل والصمم المدمر.
شكرا للكاتبة الرائعة إليف شافاق على هبتها لنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.