أطلق، أمس السبت، اِسم المناضل الجزائري الراحل "مولود عونيت" الذي توفي، منذ سنة ونصف، على أحد شوارع مدينة "أوبيرفيليي" بضاحية باريس. في حفل حضره حوالي 200 شخص، من بينهم أرملته "آني عونيت" ومنتخبون فرنسيون وقنصل الجزائر ببوبينيي، ونشطاء الحركة الجمعوية، تم رفع الستار عن لافتة تحمل اِسم "مولود عونيت" على شارع ب "أوبيرفيليي" (حوالي 70 ألف ساكن وبها الجالية جزائرية هي الأولى عدديا). وهو أمر نادر في فرنسا تقتضي الإشادة به. وكانت عائلة "مولود عونيت" وهو من مواليد 1953، قد قدمت إلى فرنسا وهو صبي رفقة والده العامل، والذي كان أحد مصادر إلهامه ليصبح فيما بعد من أهم المناضلين وقد تقلد في سنة 2004 رئاسة الحركة المناهضة للعنصرية ومن أجل الصداقة بين الشعوب (المراب)، إلى غاية 2011، وبقي رئيسا شرفيا لهذه الهيئة المصنفة من أهم الهيئات النافذة في مجال حقوق الإنسان في فرنسا. الحفل جرى بالقرب من بورتريه كبير للراحل، على ورقة بيضاء كبيرة، وقد شُكِّلَتْ خطوط ملامحه من شعارات وعناوين معارك الرجل خلال عدة عقود، قبل أن يخطفه داء السرطان، في 2012. وبعد دقيقة صمت، وخلال كلمات مرتجلة أو محضرة ألقاها بعض المدعوين جرى ذكر مناقب الرجل؛ فقد تدخل ممثل شباب أوبيرفيليي، فأثني على مواقف الرجل الذي كان مع الشبيبة في كل معاركها من أجل الكرامة والمساواة في الحقوق. وقال مسؤول جمعية محلية بأنه كان للفقيد "صوت مسموع في المعارك الذي تم خوضها من أجل حق الفلسطينيين والمساواة وفرض اٍعتراف مسؤولية فرنسا بمجزرة 17 أكتوبر 1960، إلى جانب سخائه وقوة اِقتناعه وحبه للسلم". أما الأب "جاك غايو"، أحد رجال الدين المحبوبين هنا، الذي شارك عونيت معاركه منذ 25 سنة، لفائدة المهاجرين غير الشرعيين وذوي الحقوق المهضومة وضحايا العنصرية، فقال بأن مولود كان يقول "قبل انتماء المرء إلى بلد معين أو ثقافة ما أو معتقد ما فهو إنسان قبل أي إعتبار آخر". وأضاف رجل الدين هذا بأن مولود "رجل صاحب قناعات ورجل مقاومة وهو وفي لهذه القناعات إلى غاية النهاية". أما "بيير ميرا"، ممثل "المراب" فقد ذكر بأهمية مساهمة مولود في المعارك من أجل حقوق الإنسان "وكان لا يحتمل الغبن الذي لحق بالجزائريين ... وهو فخور بأصله الجزائري. وقد حفزه والده الذي علمه الاِنتفاض أمام الظلم وهو أيضا ما فعله معلم شيوعي..." مؤكدا الحاجة الكبيرة لأشخاص مثل مولود، في هذه الأيام، حيث يتصاعد الحقد ضد عدة فئات اجتماعية مضطهدة. من جهته، لم يجد قنصل الجزائر في "بوبيني"، السيد "شريف وليد"، ما يضيفه إلى ما قيل في الراحل، مؤكدا بأن ما سمعه "مستحق لمولود الذي خصص حياته للآخرين". وعلى هامش الحفل، قال لنا القنصل إن هذا الحفل اِعتراف بهذه الشخصية على مستوى أوبرفيليي وفرنسا وبتأثيرها على المجتمع وقد قدم خدمة كبيرة للجالية وخاصة ضد العنصرية التي كانت تتعرض لها وكذا في الاعتراف بمجزرة 17 أكتوبر...". وجاء دور أرملة الراحل السيدة "آني عونيت" التي تحدثت عن مشاغل زوجها "الذي كان يشدد كثيرا على مجزرة 17 أكتوبر". وأضافت بأن هذا اللقاء اعتراف بالمعارك التي خاضها مولود ضد كل العنصريات ومن أجل احترام حقوق الإنسان عبر اِلتزامه الوطني والدولي... واليوم، وفي هذه الأجواء المنذرة يقول لنا مولود: إبقوا مجندين وأنا أعرف أنكم ستبقون كذلك". وهو ما فعله الرجل منذ شبابه من خلال معاركه لنصرة حقوق المهاجرين والعمال والمضطهدين والفلسطينيين والغجر وغيرهم دون مراعاة لمعتقداتهم ولا لأصلهم ولا لونهم أو جنسهم...