تفادى مجددا رئيس الحكومة السابق، مولود حمروش، في خرجته الإعلامية الأخيرة، الخوض في ما وصفه ب "الجدل حول مسألة الترشيحات، والجدل حول تحديد العهدة الرئاسية"، متجاوزا بذلك إشكالية الأسماء - بما فيها طرح اسمه - إلى التركيزعن حالة الانسداد السياسي التي لخّصها في "حالة تهالك ونهاية منظومة الحكم"، التي دعا لاستغلالها لبناء جزائر جديدة، دون أن يحدّد حمروش الدور أوالموقع الذي سيكون له وفق تصريحه "أريد إسقاط النظام بأسلوب هادئ ومنتظم"، بعد تأكيده عدم دخوله سباق الاستحقاق الرئاسي المقبل. على بعد أيام قليلة من تاريخ انتهاء مدة إيداع ملفات الترشح لدى المجلس الدستوري، أطلّ رئيس الحكومة السابق مولود حمروش، على الرأي العام، أول أمس الخميس، في ندوة صحفية بفندق السفير، ليؤكد عدم ترشحه رسميا عبر الاعتذار لأنصاره الذين ظلوا أوفياء وفي حالة ترقب لعقدين من الزمن وكذا كل المتحمسين لبيانه الصادر في 17 من الشهر الجاري والذين رأوا فيه خارطة طريق لعودة الرجل للمشاركة في الحياة السياسية مجددا، لكن حمروش أجابهم "إني لأستسمح عذراً كل اللواتي والذين اعتقدوا أن تصريحي السابق كان إعلان ترشح ". عاد حمروش في الندوة الصحفية للحديث عن ما وصفه في بيانه السابق بحالة الانسداد السياسي الحاصل، والذي أكد أنه "يحمل في طياته مخاطر حقيقية"، مرجعا إياه إلى "تهالك منظومة الحكم"، مستبعدا نظرية الصراع بين طرفين في سرايا الحكم، لأنها ليست "بين طرفين ولاعدة أطراف، وإنما نهاية منظومة حكم تآكلت آلياته" مشبّها الوضع بالشجرة التي كبرت وجفت وباتت على وشك السقوط، لذلك يعتقد حمروش ان المشكلة لاتتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة أو الأسماء المطروحة للمشاركة فيها، وإنما بغياب أدوات الحكم "لا تكمن المشكلة في هوية الشخص الذي سيصل إلى الحكم ولا في بقاء الرئيس من عدمه، بل في غياب أدوات الحكم"، متسائلا أيا كان الذي سيصل إلى قصر المرادية بعد 17 أفريل "ما الذي يمكن أن يفعله، وعلى أية قوة سيعتمد وماهي الأدوات التي يتوفرعليها لإصلاح الاختلالات الموجودة ؟"، وأكد رجل حكومة الإصلاحات أن هذا لايعني أن "الأدوات متوفرة لدى جهة دون الأخرى، وإلا كيف نفسرهذا التحلّل والعجز وعدم نجاعة الحكومات في حل مشاكل المجتمع رغم الوفرة المالية، إلا بزوال تلك الأدوات"، لهذه الأسباب يرى مولود حمروش أن الانتخابات في بلادنا" لم تعد آلية ديمقراطية للفصل أوالخيار وإنما تحولت إلى آلية للإقصاء"، وحسب حمروش، فإن هذا يفقد أي معنى للمقاطعة أوالدعم أوالمساندة. هذا وأكد حمروش، في سؤال حول المشهد الحالي والتوجهات الأخيرة للخيارات السياسية، أنه لا يملك "معلومات كبيرة لكي يقدم تحليلا صحيحا 100 بالمائة حول الدواعي التي جعلت النظام يختار هذا المسعى بدل مساع أخرى للخروج من الانسداد الحاصل". لم يخف مولود حمروش الذي غادر المؤسسة العسكرية سنة 1984 برتبة مقدم، لاختياره شغل منصب مدني سياسي، تعاطفه الدائم واحترامه المؤسسة العسكرية في الرد على أسئلة الصحفيين "أكيد لديا ميول وشعور خاص تجاه المؤسسة العسكرية لأنها بيتي الأول، والعديد من العسكريين الموجودين حاليا ربطتني بهم صلة الزمالة، لذلك عندي تعاطفا إلى حدّ ما تجاه هذه المؤسسة"، لكن مع ذلك نفى التحليلات التي ذهبت إلى أن بيانه السابق "كان عرضا للمؤسسة العسكرية"، دون أن يتوانى عن ذكر الدور المهم الذي يجب أن يلعبه الجيش في هذه المرحلة والمراحل القادمة في حال التوجه نحو التوافق لحل الانسداد الحاصل "في حال التوجه نحو حل توافقي مدروس لا يجب أن تعارضه المؤسسة العسكرية، بل عليها أن تساهم في تنفيذه لأن هذا من مهامها"، مضيفا في رده عن سؤال آخر "لا أطلب من الجيش أن يمنع بوتفليقة من الترشح، بل أن يساعد في البحث عن طريقة للخروج من المأزق". كما أكد حمروش في حديثه عن الدور الذي يمكن أن يلعبه الجيش في انفراج الأزمة الحالية بأن "يساهم في وضع الحلول، دون أن يدخل في الصراعات السياسية والإيديولوجية". هذا ودعا حمروش - الذي أكد أنه لم يكن غائبا كما يقال لمدة 15 سنة "تكلمت في إطار المتاح والأماكن الموجودة، وعبر مقالات وكتابات، وعندما تم رفع حالة الطوارئ على خلفية ما يسمى بالربيع العربي، وقلت إنها خطوة غير نافعة"- دعا إلى ضرور "استغلال حالة تهالك وانهيارمنظومة الحكم بحنكة وذكاء"، مؤكدا انه لا يدافع عن "بقاء أو ذهاب"، لأنه حسب تصريحاته "أنا لا أريد إسقاط النظام بموجة هوجاء، وإنما بأسلوب هادئ ومنظم، وبمسؤولية وهدوء تام، وبإشراك جميع الأطراف والجهات والمناطق كلها لأننا نعمل على بناء جزائر جديدة"، داعيا المعارضة للتفريق بين "الانضباط والخضوع". ويرى حمروش أن هذه الخطوة يجب أن تتخذ بدون أحقاد "لاأعاتب ولا أتكلم عن الماضي ولا سلبياته ولا إيجابياته، فقد آن الأوان لقلب الصفحة وبدء صفحة جديدة"، مؤكدا على ضرورة إيجاد حلول توافقية ضمن حوار ديمقراطي يشارك فيه الجميع "لاسيما النخب وخاصة الجديدة منها والتي يجب تخليصها من أعباء صراع الماضي".