وهل مازالت رسالة الشعر في الدنيا مقدسة في عالم متطور متغير؟.. تساؤل جوهري واجهني اليوم قبيل مصافحة شاعرتنا الأنيقة زينب الأعوج، وإعادة قراءة مجموعاتها الشعرية وكتاباتها الأدبية، في غمرة احتفالها مع رفيقاتها بعيدهن العالمي. زينت زينب الأعوج، قامتها الأدبية بشعرها الجميل لتضيف لها التألق والأبهة، ونقدمها هنا موجزة.. هي من مواليد 28 جويلية 1954 بمدينة مغنية، تابعت تعليمها بها وبتلمسان، لتواصل دراستها بجامعة وهران وتتخرج سنة 1979، ونالت في دمشق شهادة الماجستير سنة 1985، وتحصلت بعدها على دكتوراه الدولة سنة 1990، مارست مهنة التعليم كأستاذة في معهد الأدب العربي بجامعة الجزائر، قبل أن تسافر رفقة زوجها الروائي المعروف واسيني الأعرج سنة 1994 للتدريس بجامعة باريس الثامنة، وما لبثت أن أصدرت مجلة دفاتر نسائية، كما أسست رفقة زوجها دارا للنشر تحمل إسم "الفضاء الحر". حكايتها مع الشعر طويلة بدأتها أواخر السبعينات، وأثمرت باكورتها الأولى: "يا أنت من منا يكره الشمس"، ظهرت عن شركة سنيد سنة 1983 وجاءت الثانية بعنوان: "أرفض أن يدجن الأطفال" سنة 1983.. وبعد غياب طويل لمدة عشرين سنة وصفه البعض بسنوات اليأس الشعري، ولدت مجموعتها الثالثة "راقصة المعبد"، عن منشورات الفضاء الحر سنة 2002 وما لبثت أن لحقتها بديوان شعر شعبي بعنوان: "نوارة لهبيلة". وفي سنة 2006، ظهر ديوان أغاني الحمامة الأخيرة باللغة الفرنسية، وسبق أن أصدرت كتابا نقديا بعنوان السيمات الواقعية للتجربة الشعرية في الجزائر سنة 1985، كما أصدرت سنة 2007 كتابها "مرايا الهامش"، وهو أنطولوجيا خاصة بالشعر الجزائري المعاصر، وجدت عينة من قصائدها طريقها إلى عدد من اللغات العالمية مثل: الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والإيطالية. تربطني بأديبتنا الأنيقة زينب الأعوج وزوجها العزيز واسيني الأعرج، علاقة محبة وتقدير عبر أزيد من ثلاثين سنة، وما زلت أحتفظ بأول مقالة مطولة كتبتها وأرسلتها من دمشق ونشرناها بملحق النادي الأدبي لجريدة الجمهورية بتاريخ 5 مارس 1981 تحت عنوان بارز: "ألم الكتابة عن أحزان المنفى"، تناولت فيها التجارب القصصية الأولى للأديب واسيني الأعرج، زوجها المحبوب فيما بعد، حيث تقول حرفيا: واسيني لا يكتفي بالرصيد الشعبي الجزائري، بل يتجاوزه إلى التراث العربي والإنساني، بتوظيف بعض الشخصيات العربية والعالمية، ومحاولة استغلالها لإبراز مواقف نصادفها الآن.. وكمتابع للمشهد الأدبي، يمكنني تصنيف تجربتها عبر أربعة مراحل متباينة متداخلة.. مرحلة الشعر النضالي من 1979 إلى 1983.. ثم مرحلة الإحتراق والأشواق والإشراق من 1983 إلى 2002.. وتليها مرحلة ولادة الشعر الشعبي المفصح من 2003 إلى 2009.. وتأتي بعدها مرحلة الشعر الوطني الإنساني من 2009 حتى الآن. وتظل وفية لشعرها الأصيل، محافظة على تطوير قاموسها الشعري، تنتقي نصوصها من براءة الأطفال وحلم النساء، بدون أن تغفل نضال العمال وبطش الحكام، والأمل في بزوغ فجر مشرق منير. وها هي الآن، تجرب حظها مع القصيدة الملحمة بمرثية لقارئ بغداد، نالت بها جائزة نازك الملائكة للإبداع النسائي لسنة 2011 وهي قصيدة مطولة تضم أزيد من مائة مقطع عبر 280 صفحة، طافحة بمخزون تاريخي وتراث ثقافي، تتبعها شاعرتنا زينب بديوانها: "صرخة حنين"، وتعكف حاليا على إنجاز أنطولوجيا الرواية العربية. وتظل شاعرتنا زينب مسكونة بهاجس تعميم وتدعيم الشعر الجميل الأصيل، حيث تقول: "ينقصنا الكثير من الشعر حتى تتحول الحياة إلى شيء نشتهيه، وحلمي الكبير أن نجعل من الكتاب الأدبي الجسر الواصل بين اللغات والثقافات".. ولا يسعنا إلا أن نضم صوتنا القوي لفكرتها الهادفة، في انتظار إجابتها الوافية عن سؤالي الوحيد الذي طرحته عليها مؤخرا، عن كيفية تعاملها مع اللغة كمادة خصبة ثرية في هندسة بنائها الشعري. هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته