فتح المسرح الوطني محي الدين بشطارزي أبوابه سهرة أول أمس ليستقبل واحدا من أبنائه الذين أعطوا الكثير له وعلى ركحه، الفنان امحمد بن قطاف وهو أحد أعمدة المسرح في الجزائر، حظي بتكريم خاص من طرف الجمعية الفنية ''الألفية الثالثة'' قبل يوم واحد من عيد ميلاده والذي احتفل به رفقة كل الفنانين والحضور في ختام الحفل، المفاجأة السارة التي تأثر بها كثيرا الشيخ بن قطاف· كانت أول فقرة من حفل تكريم أحد رواد المسرح الوطني الجزائري محمد بن قطاف عبر تقديم مقطع من مونولوج ''فاطمة'' من طرف الفنانة الواعدة ''صبرة نسرين بلحاج'' المتخرجة من المعهد العالي للفنون الدرامية وفنون العرض، هذا المونولوج الذي ألفه محمد بن قطاف وأخرجته الفنانة صونيا يروي يوميات امرأة تعيش حياة بائسة في مجتمع لا وجود فيه لحريات المرأة، وتغيب فيه القيم والأخلاق· تعيش فاطمة حياة بائسة ولا ترى شيئا من العالم أبعد من المنظر الذي يطل عليها عند صعودها إلى شرفة العمارة لغسل الملابس الوسخة، ولكن مع هذا تتفاجأ بزيارة نساء من كل الإيديولوجيات قصد ضمها إلى صفهن، ما يدخلها في دوامة من الشكوك عن قيمتها الفعلية· تنوعت السهرة التكريمية التي كانت مميزة وقد نشطت الفقرة الثانية منها الجمعية الموسيقية والأغنية الأندلسية ''الجزيرة''، والتي قدمت عدة مقطوعات من التراث الموسيقي الأندلسي، ليليها مباشرة الفنان القدير محمد عماري الذي أبى إلا أن يشارك الشيخ محمد بن قطاف تكريمه وقدم مجموعة من أغانيه الوطنية التي أهداها خصيصا لصاحب العرس والمكرم محمد بن قطاف· لم يكن حفل تكريم بن قطاف من خلال المسرح والغناء فحسب، بل تحصل مدير المسرح الوطني حاليا محمد بن قطاف على مجموعة من الهدايا والتكريمات، فقد كانت أولها درع جمعية الألفية الثالثة الثقافية المنظم للحفل والذي قدمه له خصيصا الفنان ورئيس الجمعية سيد علي بن سالم، بالإضافة إلى عدة جوائز وهدايا من بينها عمرة كاملة التكاليف من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي لسيدي محمد ''مختار بوروينة''، بالإضافة إلى مجموعة من الأدوات الكهرومنزلية مقدمة من طرف ''ريس سات'' والتي ناب عن مديرها الفنان محمد عجايمي. وتم تقديم مجموعة من الهدايا الرمزية له من طرف كل من مدير الديوان الوطني لحقوق التأليف والحقوق المجاورة، البالي الوطني الجزائري بالإضافة إلى كل من محمد عوادي ورابية عبد الحميد· للتذكير فقد أعلن سيد علي بن سالم مدير الجمعية الفنية الألفية الثالثة في ختام الحفل عن أسماء الفنانين الذي سيكرمون في محطات لاحقة من بينهم الفنان مدني نعمون، احمد قادري المدعو قريقش والفنان المطرب الكبير رابح درياسة· ثلاثة أسئلة إلى: الفنان محمد بن قطاف الفنان بن قطاف· ماذا يمكن أن تقوله في مثل هذا اليوم؟ صحيح أن مثل هذا التكريم يشرفني كثيرا، خاصة أنه يوجد الكثير من الفنانين الجزائريين الذين غادروا الحياة دون تكريمهم، ولكن هذا التكريم أعتبره أيضا تكليفا بمهام أخرى لا يجب إغفال النظر عنها، فما حققه المسرح الوطني الجزائري اليوم ليس عملي وحدي بل عمل مجموعة متكاملة من تقنيين، ممثلين، مخرجين وحتى صحفيين· وماذا عن رهانات المسرح في السنوات القادمة؟ أعتقد أن النجاح الذي حققه المسرح وعودته إلى المحافل الدولية واسترجاعه للمكانة التي يستحقها، راجعة إلى جهود الدفعة الجديدة من الفنانين والممثلين الجزائريين الشباب ، معظم الممثلين الذي ينشطون في المسرح متخرجون من المعهد العالي للفنون الدرامية، ما يعطي جرعة أمل جديدة للمسرح الذي هو الآن في الطريق الصحيح· وماذا عن برنامج المسرح في سنة2009؟ المسرح الوطني الجزائري سيواصل المسيرة التي بدأها قبل سنوات، وسيكون دائما في الموعد وستكون أيضا أبوابه مفتوحة على المسارح الجهوية من خلال نشاط ''البطاقة البيضاء'' التي ستستضيفها على مدار أسبوع كامل، بالإضافة إلى شهر المسرح النسوي في مارس، مهرجان المسرح المحترف في شهر ماي، أيام مسرح الجنوب ومسرح الطفل في شهر جوان، بالإضافة إلى إنتاج 7 مسرحيات جديدة لعام ,2010 ثلاثة منها تقريبا مكتملة ستعرض قريبا في عروضها الشرفية· قالوا عن بن قطاف محمد عجايمي (الفنان الموهوب) كان لي الشرف أن تعاملت مع محمد بن قطاف، كان ذلك في فيلم الهجرة من إخراج محمد حازرلي وكانت تلك أول مرة أتعرف عليه، وبعيدا عن بن قطاف الإنسان فإنه فنان بأتم معني الكلمة، موهوب في جميع الميادين سواء كان في التمثيل، التأليف أو الإخراج ، أما عن بن قطاف المسؤول فلا يمكن أن نقول شيئا فالقفزة النوعية التي عرفها المسرح في فترته سواء كانت في حدود الوطن أو على الساحة الإقليمية والدولية تحكم على نفسها، حتى مع كبر سنه مازال يعمل بكل جهد ومثابرة· بهية راشدي (معلم كبير ومناضل أكبر) لو جمعت كل قواميس لغات العالم لما استطعت أن أقول جملة واحدة تفي بما أكنّه من مشاعر نبيلة للأستاذ محمد بن قطاف، حتى مع كبر سنه فهو مازال يناضل عل رأس المسرح الوطني ويعطي الكثير من جهده ومعرفته للشباب، هذه هي الاحترافية وهذا هو حب الفن، أما عن بن قطاف الإنسان الذي تشرفت بمعرفته فأكثر ما أحبه فيه هو صبره وتواضعه، وأبدا لا يكمن لي أن أتحدث يوما مع بن قطاف دون أن أتعلم شيئا جديدا· عزيز قردة (بن قطاف فنان كامل) محمد بن قطاف يمكن أن أقول أنه أخي أكثر منه زميل في العمل أو ما شابه، فقد تربينا معا، عملنا معا وسافرنا معا. أعرفه جيّدا وأعرف حبه بل عشقه للمسرح، فحاجته للمسرح كحاجة السمك للماء، محمد بن قطاف مبدع وموهوب في التأليف، التمثيل والإخراج· بكلمة واحدة ''فنان كامل''. سيد علي كويرات (شكرا بن قطاف) لن أتحدث عن محمد بن قطاف الفنان ولكن سأتحدث عن بن قطاف المسؤول، فحنكته، صبره وتفانيه في العمل هي ما استطاع أن يرجع المسرح الجزائري إلى المحافل الدولية ويستعيد ريقه ومكانته التي يستحقها.. شكرا بن قطاف· جمال معروف (صابر ومتفان في العمل) منذ سنة 1964 ونحن مع بعض، مثلنا معا أكثر من 30 مسرحية والعديد من الأفلام السينمائية. كانت طريق طويلة مشيناها مع بعض، الشيء الذي لاحظته فيه هو صبر بن قطاف ووقوفه في وجه الصعاب من أجل الوصول إلى ما يصبو إليه. بن قطاف فنان بأتم معني الكلمة. تفانيه في العمل هو ما أوصله إلى ما عليه الآن. في الحقيقة هو يستحق ما هو أفضل· حكيم دكار (صاحب بصمة في المسرح الجزائري) لست أنا من سيتكلم عن بن قطاف ولكن الأربعين سنة التي قضاها في المسرح هي التي تتحدث عنه. بن قطاف ركيزة من ركائز المسرح الوطني الجزائري. أنا شخصيا كان لي الشرف أن تعاملت معه في مسرحية ''ألف تحية'' المقتبسة من نص لمحمد ديب مع فرقة القلعة، في الحقيقة تعلمت الكثير من هذه التجربة، بالأخص من بن قطاف الممثل والفنان، أما في التأليف والإخراج المسرحي ف''فاطمة'' و''العيطة'' اللتان تركتا بصمتها في تاريخ المسرح الجزائري هي من تحكم عليه· فايزة أمل (انتصر للشباب وما زلنا بحاجة إليه) في الفترة التي سبقت مجيء محمد بن قطاف إلى المسرح الوطني الجزائري، كنت أحسست أنني في سبات طال أمده، لم ينته إلا بعد مجيئه، فنشاطه الدؤوب رغم كبر سنه لا يمكن لأحد ورائه أن يبقى ساكنا، كل ما يمكن أن أقوله عنه قليل، المسرح عاد إلى الحياة بعد أن جاء إليه، حتى الممثلين الشباب الذين أنتمي إليهم وجدوا ضالتهم في المسرح، هذا من خلال تشجيعه والرعاية الخاصة التي نتلقاها منه.. ''شكرا والدي العزيز، نتمنا لك طول العمر لأننا مازلنا محتاجين إليك''.