فوج من مجاهدي جيش التحرير بالناحية الثانية المنطقة الثانية الولاية السادسة تمر علينا اليوم الذكرى الثامنة والخمسون لمعركة مهمة في تاريخ الثورة التحريرية وتاريخ الولاية السادسة، هاته المعركة التي شارك فيها ضباط المنطقة الثانية والتي اثبت فيها جنود جيش التحرير مدى قوتهم وصبرهم وجلدهم على مواجهة المصاعب العديدة منها الآلة الاستعمارية الغاشمة والطبيعة القاسية بالإضافة إلى الخونة، ورغم تلك العوامل إلا أن أشاوس الولاية السادسة لم يستكينوا بل استطاعوا أن يبرهنوا كل مرة للعدو الفرنسي وأذنابه مدى صلابتهم. وفي هذه الذكرى ومن خلال الشهادات الحية ارتأينا أن نتذكر مجريات معركة "وجه الباطن"... وقعت هذه المعركة في مكان يعرف بوجه الباطن بالمنطقة الثانية الولاية السادسة، والتي تعتبر من اكبر المعارك في المنطقة بعد معركة "قلتة الرمال"، فهذه المعركة كانت تحت قيادة مسؤول المنطقة الثانية الشهيد "لغريسي عبد الغني" ونائبه "سليماني سليمان" المدعو سليمان لكحل والملازم الثاني "بلقاسم لقرادة"، ولعل من أسباب المعركة ما يؤكده المجاهد "بلقاسم زروالي" في مذكراته "فرسان الخطوط الأولى" بان السبب هو محاولة رد الفرنسيين على الكمين الذي قام به جيش التحرير في جبل بودنزير، على الطريق الرابط بين الجلفة وبوسعادة حيث أنهم كبدوا القافلة الفرنسية خسائر فادحة في الأرواح. من جهته المجاهد "لقليطي الشيخ" أكد بان الجيش الفرنسي هيأ قوات ضخمة في 07 مارس 1959 من مدفعية ودبابات ومشاة وطائرات، وقد شارك جيش التحرير بثلاث كتائب، منها كتيبة المنطقة الأولى بقيادة الحاج الهادي وجلول ونهاي محمد، استيقظ حينها الجنود على وقع الآلات الحربية للقوات الفرنسية وفي حدود الساعة التاسعة صباحا كان الجبل مطوقا، وفوهات المدافع الميدانية مصوبة نحوهم وقنابل النبالم تنهمر عليهم من الطائرات، لكن الأوامر كانت واضحة وهي عدم الدخول في المواجهة من اجل التأكد بان قوات جيش التحرير غير متواجدة في المكان، وأمام هذا الوضع فسح المجال للمشاة فتقدموا جماعات ضنا منهم بأن الجبل خال، هذا ما جعلهم في مرمى أسلحة المجاهدين وبدأت المواجهة، فقد حصد جنود جيش التحرير العديد من جنود العدو واستمرت هذه المعركة يوما كاملا لم يهدا فيها القتال حتى ساد ظلام الليل وانتهت المعركة، التي أسفرت عن خسائر فادحة في صفوف العدو حوالي 80 عسكريا قتيلا، وغنم جيش التحرير أسلحة منها 02 رشاش من نوع مات 49 من طرف المجاهد علي بن عريوة ، واستشهد يومها 13 مجاهدا منهم ( محيفرة عبد القادر ، جلول احميدة، بن زرقة الشيخ ، ويس الديس) أما المجاهدون الجرحى فمن بينهم الضابط سليماني سليمان لكحل، عبد القادر بوعسرية، بوحوص بن ساعد ، ويحي معيزة المدعو فليفلز وتمت مغادرة ارض المعركة إلى جبل اللبة حيث تم إرسال جميع الجرحى إلى المستشفى، ماعدا الضابط سليماني سليماني الذي بقي يعالج في صفوف جيش التحرير، ومما يرويه المجاهد امعيزة يحي، أصيب بجروح في المعركة مما استدعى نقله ناحية اللبة قصد علاجه وقد أقاموا ليلتهم هناك، ليتم تحويلهم في اليوم الموالي إلى المستشفى الميداني، فقد كانت طريقهم وعرة، ليسلكوا "جبل امساعد" ثم "الزعفرانية"، وللعلم فقد دامت رحلتهم ثمانية أيام، لتكون محطتهم الاخيرة منطقة "امحارقة" و التي يتواجد بها المستشفى الميداني. وأثناء تواجدهم في تلك المنطقة علموا بان أحد المسبلين قد قبض عليه من طرف القوات الفرنسية و تم استجوابه وأعلمهم بمكانهم. وفي هذا السياق يقول المجاهد "معيزة" بأن فرنسا حشدت كل قواتها بالمنطقة واتجهت نحوهم. حيث جهزت سبعة طائرات من نوع هيليكوبتر" ويضيف المجاهد معيزة قائلا "علمت قيادة كتيبتنا بما ينتظرها فقامت بالإجراءات الوقائية ليتم إخماد النيران في حين تم وضع مادة حمراء على كل اتجاهات المنطقة. وكان دور هذه المادة يكمن في تظليل وعرقلة استعمال الكلاب المدربة من أجل معرفة مكان جنود جيش التحرير. وهذا لكون الكلاب لا يمكنها تحمل رائحة هذه المادة التي تم جلبها من تونس.