زيارة العقيد بوصوف لمدرسة الاتصالات كثيرة هي الدراسات التاريخية التي عالجت موضوع الثورة التحريرية الجزائرية، من كل الجوانب العسكرية والاقتصادية والسياسية من خلال المذكرات الشخصية لمجاهدين عايشوا تلك المرحلة، أو من خلال أبحاث أكاديمية حاولت أن تستقصي الحقائق وتحللها، لكننا إذا ما حاولنا أن نوغل في دور الأرشيف والمكتبات التاريخية من النادر أن نجد مواضيعا تتحدث عن الجانب المخابراتي في الثورة التحريرية ودوره في مواجهة العدو الفرنسي، رغم أننا لا ننفي انه في السنوات الأخيرة نشرت عديد المذكرات الشخصية لضباط جيش التحرير الوطني، تتحدث عن دورهم في جهاز الاتصالات والمخابرات، لكن ذلك ليس كافيا نظرا للدور الكبير الذي لعبه هذا الجهاز طيلة مرحلة الثورة سواء في اختراق أسرار العدو أو السيطرة على ميدان المعركة بعد فك الشفرات، بالإضافة إلى أن الاتصالات والمخابرات كانت الحصن الذي اكسب الثورة قوتها خاصة عندما ذاع صيتها في كل أصقاع العالم وأسمعت صوت المقاومة في المحافل الدولية باعتبار أنها كانت رقما صعبا في معادلة المفاوضات بين الجزائريين والفرنسيين ونالت بفضلها الجزائر استقلالها. ومن هذا المنطلق نحاول أن نعرج عن الإرهاصات الأولى لتأسيس جهاز الاتصالات والمخابرات في الثورة الجزائرية هذا الجهاز الذي استطاع تحقيق نجاحات كبيرة في مواجهة الجيش الفرنسي . النواة الأولى لتأسيس جهاز الاتصالات والمخابرات إن التنظيم الذي بدأت به الثورة ليلة الفاتح من نوفمبر سنة أربع وخمسين وتسعمائة وألف يدل دلالة قاطعة على أن جيش التحرير الوطني، امتداد طبيعي للمنظمة الخاصة التي كانت قد تأسست عام سبعة وأربعين وتسعمائة وألف، في إطار حزب الشعب الجزائري، وإذ قررت القيادة الأولى للثورة تقسيم الجزائر إلى مناطق، فإنها فعلت ذلك تقليداً للمنظمة الخاصة التي كانت قد قسمت البلاد إلى تسع مناطق، وعلى غرار المنظمة الخاصة أيضاً، بدأ جيش التحرير الوطني ينظم نفسه على أساس الفوج ونصف الفوج. وكان المجاهدون الأوائل كلهم من أعضاء المنظمة الخاصة، لأجل ذلك اتسمت الانطلاقة بالسرية المطلقة وتميزت العمليات الأولى بكثير من الدقة والتنظيم المحكم حتى أن السلطات الاستعمارية التي اندهشت لذلك، أشاعت بأن ثمة تقنيين أجانب يسيرون المعركة ويوجهون الثورة في داخل البلاد وفي خارجها. لكن على العكس من ذلك فقد استغلت الثورة التحريرية العدد الهائل من الجنود الجزائريين الفارين من الجيش الفرنسي، و كذا الكفاءات العلمية المتمثلة في الشبان الجزائريين المتعلمين، الذين كانوا في أوساط الجالية الجزائرية التي استقرت بالمغرب الأقصى، أو الذين كانوا يدرسون في المدارس أو الجامعات سواء في الجزائر أو في فرنسا، و ذلك بعد إعلان إضراب الطلبة عن الدراسة والتحاقهم بالثورة في 19 ماي 1956، و بهذا شكلوا المادة الخام لتأسيس المدارس العسكرية والإطارات التي وظّف بعضها في جهاز المخابرات و الاتصالات. وهنا يذكر المجاهد دحو ولد قابلية الفكرة الأولى لتأسيس نواة الاتصالات والمخابرات حيث يقول "بعد اندلاع الثورة التحريرية كان لزاما على قادتها أن يسعوا جاهدين لتوفير السلاح قصد مواجهة القوة الاستعمارية، هذا ما جعل قادة الولاية الخامسة التاريخية وعلى رأسهم العربي بن مهيدي وعبد الحفيظ بوصوف القيام بعمليات جمع الأسلحة وإيجاد طرق متعددة حتى يتم تدعيم المجاهدين بقطع السلاح، لكن مع بداية مارس 1955 وصلت أول سفينة من الشرق الأوسط والمعروفة بالسفينة "دينا" كان على متنها حوالي 160 طناً من الأسلحة التي تم تقاسمها مع جيش التحرير المغربي وبمجرد الحصول على الأسلحة، فكر العربي بن مهيدي وعبد الحفيظ بوصوف في بدء سياسة تجنيد الشباب وتدريبهم، وقد نجح هذا المسعى بعد الإضرابات التي قام بها طلاب الجامعات وطلاب المدارس الثانوية في ماي 1956، والتي تكللت بالفعل بانضمام الشباب إلى صفوف جبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني وفي صيف عام 1956 توصل عبد الحفيظ بوصوف من خلال المناقشة مع مجموعة من المجندين الشباب إلى فكرة إطلاق أول عمليتي تدريب تقني لمشغلي الراديو و الإرسال مع تدريب المسؤولين التنفيذيين السياسيين الذين سيشرفون على تأسيس جهاز للاتصالات والمخابرات. رغم صعوبة المهمة... رجال المخابرات والاتصالات في مواجهة العدو لقد أخذت الثورة التي اندلعت في الفاتح من نوفمبر 1954 تنتشر عبر جميع أنحاء الوطن حتى شملت كل مناطق البلاد، وباتساع نطاقها، أصبح الأمر يستدعي تكثيف الاتصالات بين قيادة الجبهة والجيش في مختلف المناطق، وذلك من اجل تنسيق الأعمال وتنفيذ الأوامر والاطلاع على أوضاع العدو. وكل هذا يتطلب بالضرورة السرعة في مجال الاتصال، حيث أن الوسائل التي كانت مستعملة في الاتصالات من قبل لم تكن قادرة على تغطية متطلبات الجبهة والجيش، أضف إلى ذلك أنها لا تساعد على الاتصال في الوقت المناسب، والحرب تتطلب السرعة والدقة في نقل المعلومات هذا من جهة، ومن جهة أخرى هناك خطورة الموقف حيث انه في بعض الحالات يلقى القبض على رجال الاتصال فيطلع العدو على محتوى هذه الرسائل وما تحمله من أسرار، مما يلحق بالجبهة والجيش أضرارا لم تكن مرتقبة من قبل، هذه جملة من العوامل التي دفعت برجال الثورة الجزائرية إلى البحث والتفكير في الحصول على وسائل تقنية متطورة قصد استعمالها في الميدان. رغم ذلك لم يكن سلاح الاتصالات ضمن الاهتمامات الكبرى لقادة الثورة في البداية لصعوبة الحصول عليه من جهة ولصعوبة استغلاله من جهة ثانية، غير انه وبعد مرور الزمن وتطور الأحداث وانتشار الثورة وملاحظة مزاياه عند العدو، ظهرت أهميته بل أصبح ضرورة ملحة بالنسبة لقوة لا تملك وسائل النقل العادية ولا تتوفر على مراكز ثابتة مأمونة مثل جيش التحرير الوطني الذي يعتمد على سرعة الحركة، وكان الاتصال في البداية يتم بالطرق التقليدية عن طريق البريد المحمول أو بواسطة إشارات أو أصوات متفق عليها، غير أن هذه الوسائل جميعها لا تقارن بسلاح الإشارة الذي يمتلكه الخصم وينتجه ويستعمله وفق تقنيات عصرية لكن الحصول على أجهزة الراديو واستعمالها ليس بالأمر الهين، لاسيما بعد أن طُوقت الجزائر بالأسلاك الشائكة على الحدود المغربية والتونسية. هذه الظروف جعلت رجال الثورة يعدون العدة من اجل الحصول على أجهزة الإرسال والاستقبال لاستخدامها في المعركة قصد إعطاء قوة دفع جديدة للثورة، ومساعدة أعضاء القيادة العسكرية على تأمين الاتصال فيما بينهم بطريقة أسرع وأنجع وبصورة أدق من ذي قبل، فلقد غنم الجيش أثناء المعارك التي تدور رحاها هنا وهناك عدة أجهزة، ونسجل هنا انه في إحدى المعارك استطاع جيش التحرير أن يحصل على جهاز من نوع ANGRC 9 وهو جهاز متطور يصلح للاستعمال من قبل المشاة، وله مولد كهربائي يدوي يميزه عن الأجهزة الأخرى التي تشتغل بالبطاريات، وقد أخذت منه معلومات و مواصفاته الفنية التي ساعدت على البحث على أجهزة مماثلة، إلى جانب ذلك قامت الثورة بشراء أجهزة إرسال و استقبال من ألمانيا، رغم أن العدو الفرنسي كان يضرب حصارا عاما على الثورة الجزائرية حتى لا تتمكن من الحصول على الأسلحة والعتاد. الطلبة الجزائريين يعززون صفوف جهاز الاتصالات والمخابرات شرعت جبهة التحرير الوطني خلال 1956، في إطار هيكلة شرائح المجتمع الجزائري وإعطاء الثورة بعدها الشعبي في إنشاء عدة منظمات جماهيرية، وضمن ذلك المنظور شهدت سنة 1956 ميلاد اغلب التنظيمات الجماهيرية كالاتحاد العام للعمال الجزائريين في فيفري 1956، الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين، وجمعية الشبيبة الطلابية الإسلامية كما كانت هذه السنة بداية لتحولات كبرى بالنسبة للثورة خاصة الناحية التنظيمية، وذلك بعد إعلان الطلبة الجزائريين عن مقاطعة الدراسة والامتحانات في شكل إضراب عام وغير محدود ابتداء من تاريخ 19 ماي 1956، وقد أتاح هذا الإضراب فرصة لتدعيم وتعزيز وحدات جيش التحرير الوطني بعناصر مثقفة ونشيطة بعدما شرع قادة الجبهة في استقطاب الطلبة خاصة الفئة التي كانت على اتصال بمناضلي جبهة التحرير الوطني، والمستعدة دوما للالتحاق بالثورة، فبعدما كان الطلبة ينقسمون إلى فئتين، فئة موجودة بالخارج تتابع أحداث الثورة عن بعد، وفئة موجودة بالداخل جزء منها مهيكل في خلايا جبهة التحرير الوطني يقوم بتنفيذ التعليمات الصادرة عن جبهة التحرير الوطني من نقل الأسلحة والطرود والرسائل، وقسم آخر لم يكن مهيكلا ضمن صفوف جبهة التحرير الوطني، وحرصت الثورة على دمج القسمين في تنظيم واحد خاصة بعد إضراب الطلبة الذي ساعد على إنشاء مصالح جديدة لخدمة الثورة على غرار مصلحة الإعلام، الاتصالات اللاسلكية وغيرها. هذا وقد اتخذ قرار إنشاء هيئة الاتصالات في مؤتمر الصومام، لتدارك النقائص المتزايدة للاتصالات الأرضية بالفعل، فمنذ مدة وجيش الاحتلال يستزيد من محاصرة الوطن، يوما بعد يوم وهو يهدف من وراء ذلك، إلى كسر تناسق قيادة جيش التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني. فالاتصالات الأرضية "الاتصال" بين الولايات كان من نقائصها ما بها من بطء فصارت بذلك مضطربة أكثر فأكثر ومع أجهزة الاتصالات، لم تكن مجهولة كل الجهل، من طرف جيش التحرير الوطني قبل 1956، إذ أنها كانت قد استعملت هنا وهناك، عندما يتمكن المجاهدون من الحصول صدفة على جهاز تركه العدو فيأخذونه ويستعملونه، ولم يدخل ميدان الممارسة إلا بعد قرار مؤتمر الصومام. الراديو ... القلب النابض لجهاز الاتصال والمخابرات منذ انطلاق دفعة احمد زبانة التي تعتبر أول تربص منظم، منذ ذلك الحين أصبح استعمال الراديو كوسيلة متطورة للاتصال وكان لابد، أن ينظم استعماله فعرف تطورا ملحوظا إلى أن كان الاستقلال. ففي سنة 1956 ، أصر عبد الحفيظ بوصوف على شركائه في الولاية الخامسة لإقحام الراديو داخل مؤسسات الثورة، كانت تلك ضرورة وحاجة جديدة لمستها هياكل منظمة جبهة وجيش التحرير الوطني " الاتصال" "وهم الأفراد المكلفون بالربط بين الوحدات المقاتلة" لم يعد قادرا على لعب هذا الدور الحاسم الذي كان يلعبه في بداية حرب التحرير، بالفعل، اعتبارا للمسافات التي كان "الاتصال" يقطعها، ومساحة البلاد، ونظرا لتضييع الوقت الكثير لإيصال المعلومة من القمة إلى القاعدة، ولان " الاتصال" كان مستهدفا من طرف العدو، كل هذه العوامل تجعل إصرار بوصوف مبررا لصناعة السلاح الحربي ولكن كان يجب استغلال عدة عوامل منها: * -إضراب طلبة الثانويات والجامعات يوم 19 ماي 1956 المعلن والمنظم من طرف الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين. * -البحث في الداخل كما في الخارج ( المغرب ، تونس ، وفرنسا) عن جزائريين عملوا كمشغلين، تقنيين أو في الشيفرة ورموزها في الجيش الفرنسي أو في الهياكل شبه العسكرية * -استرجاع آلات الراديو المستغلة من طرف الجنود الفرنسيين، وذلك خلال الاشتباكات والكمائن، أو عن طريق المستخدمين الجزائريين في الثكنات الفرنسية . * -التنقيب عن الوسائل الزائدة عن الضرورة في البلدان الأوروبية والبلدان المجاورة (المغرب، تونس، ليبيا) أين توجد قواعد فرنسية وأمريكية . ومن جهة أخرى، فإن حضور صدار سنوسي (سي موسى) جنب بوصوف، ومجيء ثليجي علي (سي عمر) وكلاهما أخصائي اتصالات، أكد على ضرورة التكوين الفوري لمشغلي الراديو. في أوت 1956، تمت برمجة أول دفعة لمشغلي الراديو بوحدة الاتصالات اللاسلكية، وسميت " دفعة احمد زبانة"ّ، تخليدا لهذا البطل الذي كان أول شهيد يعدم بالمقصلة بسبب مشاركته في ثورة التحرير. مصلحتي التنصت والشيفرة تعطي دفعا قويا للثورة التحريرية من جانب آخر فقد لعب سلاح الاتصالات والمخابرات دورا كبيرا أثناء الثورة التحريرية، فقد استطاع ربط قادة الثورة في مختلف المستويات و تزويدهم بالمعلومات اللازمة، و ذلك عن طريق التقاط البرقيات المرسلة من طرف الوحدات العسكرية الفرنسية، و بعد تفطنها لذلك، أُجبرت على إرسال برقياتها مشفرة، الأمر الذي جعل بوصوف يحدث مصلحة لفك الرموز و لم يكتف بذلك بل أقام عدة مصالح منها: مصالح التنصت و الشيفرة و الصيانة و التصليح، و التي ستعطي دفعا قويا للثورة التحريرية. ولتطوير سلاح الإشارة، قام بوصوف بإنشاء مدرسة لتكوين متخصصين في هذا المجال سنة 1956، و بعد تخرج الدفعة الثانية للمواصلات، تمّ إنشاء نظام بطاقات (Fichiers) لتنظيم كل الوثائق الموجودة بمركز القيادة، و ترتيبها و تصنيفها حسب التسلسل الأبجدي، الزماني و المكاني، و محتوى الوثيقة أو المراسلة، تمّ إحضار علب الأحذية لتوضع فيها هذه البطاقات. و بهذا أصبح هذا المركز منظما تنظيما محكما، مما زاد في سرعة الوصول إلى المعلومة أو استخدامها بشكل جيد وسهل على مستوى مصلحة المخابرات و الاتصالات بالولاية الخامسة. جهود العقيد عبد الحفيظ بوصوف في تأسيس جهاز الاتصالات والمخابرات إن المخابرات الجزائرية أثناء الثورة لعبت دورا هاما في دعم العمل المسلح الذي كان المجاهدون يقومون به، كما عملت على رفع معنويات الشعب الجزائري فنجد أن العمل المخابراتي الذي كرسه عبد الحفيظ بوصوف وانشأ له خلايا خاصة في الداخل والخارج مع ربطه بمسألة الاستعلامات القائمة على الأجهزة اللاسلكية يعد عملا خارقا للعادة لان عملية الربط بين هذين الفرعين تعد من الأعمال التي شجعتها كافة وزارات الدفاع في مختلف دول العالم وخاصة الدول الكبرى. وبالعودة إلى السنوات الأولى لدور جهاز المخابرات نجد أن العقيد عبد الحفيظ بوصوف ساهم في تطوير مصلحة المخابرات وذلك من أجل استغلال المعلومات و إيصالها إلى الوحدات العسكرية وبالتالي جعلها جاهزة للعمل، وذلك لحماية الثورة ورجالها خاصة من المديرين التنفيذيين الأجانب الذين كانوا مهتمين بالتجسس و محاولة معرفة نوايا جبهة التحرير الوطني و جيش التحرير الوطني، وكان هذا هو دور جهاز المخابرات لإحباط عملهم، فبعد أن ورث عبد الحفيظ بوصوف هذه المصلحة اللوجيستية التي كان يترأسها في المغرب والتي غطت مدن "تطوان" و"الناظور"، وكان الأمر يتعلق بجمع أسلحة "طنجة" أو "الدار البيضاء" أو "الرباط" من التجار السريين أو من الوحدات الأجنبية الموجودة في المغرب، كما كان هناك الكثير من عمليات استرجاع الأسلحة من القواعد الأمريكية من المغرب و في الوقت نفسه انضم العديد من الجزائريين الذين كانوا متمركزين بالوحدات الفرنسية في المغرب إلى صفوف جيش التحرير الوطني بأسلحتهم وأمتعتهم، نذكر من بينهم عرباوي عبد الله الذي انضم إلى جيش التحرير الوطني مع مجموعة مكونة من 45 عنصرًا عادوا من الهند الصينية كانوا في ثكنة فرنسية بالقنيطرة، وتم استغلال "عرباوي" على وجه التحديد في إطار التدريب العسكري لعناصر المالق التي اختارها العقيد عبد الحفيظ بوصوف بشكل رئيسي وكان لديها المستوى المطلوب، من جانب آخر تم إرسال رسالة إلى قادة المناطق الداخلية طُلب منهم إرسال جميع الكوادر التي لم يتم توظيفها بشكل كافٍ في الوحدات ويتمتعون بمستوى يسمح لهم بالتواجد ويمكنهم أن يتحملوا تدريبا إضافيا ومع مطلع سبتمبر 1957 تم تعيين العقيد بوصوف عضوا في لجنة التنسيق والتنفيذ ما سمح له بتوسيع جهاز المخابرات على الصعيد الوطني. جهاز الاتصالات والمخابرات يحقق أهدافه المنشودة كانت الأعمال الاستخباراتية التي قام بها رجال المخابرات أثناء الثورة، متعددة رغم أنها كانت بطيئة وضعيفة بعض الأحيان إلا أنها سعت في الكثير من الأحيان لتحقيق الأهداف التي سطرتها، عبر الكشف عن مشاريع العدو في جميع الميادين خاصة في الشؤون العسكرية، بحيث تجمع المعلومات وترسل في شكل مناشير لهيئة الأركان العامة، بلغت إلى غاية أوت 1961 حوالي 45 منشورا، اطلعت من خلالها هيئة الأركان على مشاريع العدو قبل مباشرتها والتي تمثلت في الهجومات التي حضر لها العدو خلال 27-28 نوفمبر 1960 والتي استهدفت مراكز عين زقة، برج مارو، الساقية، عين زانة، الكويف وكذا هجومات 21 جانفي التي استهدفت مركز كاف الحوش وهجومات 15-16-17 فيفري 1961 بالحدود الغربية. هذا ولم يقتصر عمل جهاز استخبارات الثورة على إبلاغ قيادة جيش التحرير بمشاريع الجيش الفرنسي فقط، بل قام بإرسال 21 منشورا خلال سنة 1961 إلى مصالح الحكومة المؤقتة، بالإضافة إلى ما كانت تقوم به من مهمات خاصة في إطار الجوسسة المضادة بما تحتويه العملية من سبر للآراء، والتحقيق ومراقبة المنظمات المعادية للثورة والأشخاص المشبوهين بحيث تم الكشف عن خمسة عشر عنصرا بتونس يعملون مع الإدارة الاستعمارية، وفي صيف 1961 تم الكشف عن 200 عنصرا آخر لهم علاقة عمالة من سلطة الإدارة الاستعمار. بعد الانجازات التي قام بها جهاز الاتصالات والمخابرات نرى أن الثورة الجزائرية انتصرت على الجيش الفرنسي في معركة المواجهة في كل الميادين ولعل أهمها ميدان المخابرات، الذي تمكن من إحراز تفوق على جميع الأصعدة سواء في الداخل أو الخارج، وكان لاعبا أساسيا في لعبة المفاوضات التي نالت الجزائر بموجبها الاستقلال. للموضوع مصادر ومراجع للبقاء على اطلاع دائم بالأخبار عبر جريدتكم "الجلفة إنفو" الإلكترونية و تلقي الإشعارات، قم بتحميل تطبيق الجلفة انفو