حركة "كوبيس" أو بلحاج جيلالي لم تقل خطورة عن الحركات المناوئة للثورة الجزائرية مثل حركة بلونيس وحركة الشريف بن السعيدي وحركة الزرق الاستخبارتية فلولا القادة بالولاية الرابعة لحدث مالا يحمد عقباه لمسيرة الثورة الجزائرية ولهذا نطرح السؤال التالي: من هو زعيم الحركة المناوئة للثورة في الولاية الرابعة بلحاج الجيلالي المدعو كوبيس ؟ بلحاج الجيلالي من مواليد دوار "زدين" بعين الدفلى تخرج من مدرسة ضباط الصف بشرشال، وكان دخوله إلى هذه المدرسة سبب انتمائه إلى عائلة كبيرة ذات علاقة حسنة بالسلطات الفرنسية في بداية حياته إنضم بلحاج إلى حركة انتصار الحريات الديمقراطية ثم التحق بالمنظمة الخاصة، التي تأسست عام 1947م، وعند اكتشاف أمرها عام 1950م، أعتقل ضمن الذين ألقي عليهم القبض وسجن بسجن البليدة وعلى عكس بقية المعتقلين، فإن بلحاج لم يبدي أي تردد أثناء التحقيق للاعتراف ، بمناضلي المنظمة الخاصة، وتعد هذه المرحلة مرحلة تحول خطيرة في حياة بلحاج، حيث قامت السلطات الفرنسية بإطلاق سراحه بعد أن ضمنت ولاءه لها ليكون عينا لها على حركة إنتصار الحريات الديمقراطية... بعد اندلاع الثورة التحريرية في الفاتح من نوفمبر 1954م، انضم بلحاج إلى جماعة مصالي الحاج وقد قام بتجنيد عدد كبير من سكان ناحية عين الدفلى معتمدا في ذلك على سمعته القديمة في صفوف المنظمة الخاصة وفي نهاية عام 1956م أطلق على نفسه إسم "كوبيس" وجمع أتباعه وزعم أنه تابع لجيش التحرير الوطني بينما كان يتلقى الدعم من السلطات الفرنسية لاسيما في الفترة التي قرر فيها بعض أتباع مصالي الإلتحاق بصفوف الثورة، وجد بلحاج فيهم ضالته فزاد عدد أتباعه فسماهم جيش التحرير الوطني الحقيقي A.L.N.V زاعما أن جيش التحرير وجبهة التحرير الوطنيين هم مغامرين وشيوعيين.وقد كانت السلطات الفرنسية تغض الطرف عن تحركاته وتقدم له التسهيلات بصفة خفية جدا لتجعل منه قوة فعالة وفاعلة في وجه الثورة. شهدت بداية عام 1957 حدوث أول اشتباك بين قوات بلحاج ووحدات جيش التحرير الوطني، وكان معظم جنوده وأتباعه في تلك الفترة يجهلون نواياه الحقيقية، ولكن الكثير منهم يسأل نفسه عن سر عداء بلحاج لجيش التحرير الوطني وفي نفس الوقت عن عدم قيامه بهجومات ضد الجيش الفرنسي، لما صعبت الحقيقة عليهم قرروا الفرار والالتحاق بجيش التحرير الوطني، بينما بلحاج أوجس خشية انكشاف أمره تحالف مع "الباشاغا بوعلام" أحد عملاء فرنسا، المعروفين بولائهم لها وقاما بمساعدة القوات الفرنسية، لمهاجمة جيش التحرير في الولاية الرابعة، وإثر ذلك وبالضبط في شهر رمضان عام 1957 قرر العقيد سي أمحمد بوقرة توجيه ضربة قاضية لهذا الخائن... فور ذلك تحرك الكوموندوس التابع للجبهة تحت قيادته وجعل بلحاج يقع في مأزق حقيقي، و لم يسعفه سوى الطيران الفرنسي بقنبلة مناطق جيش التحرير الوطني، بهذه الحادثة باتت الأمور واضحة لأفراد بلحاج، فبدأوا إتصالاتهم بقيادة الولاية الرابعة يعرضون عليهم الانضمام إليهم وافقت الولاية الرابعة على ذلك مشترطة عليهم أن يحضروا معهم رأس بلحاج، ففي ليلتي 27 و28 أفريل 1958م، إلتحق حوالي ألف جندي من أتباع بلحاج بجبل عمرونة حاملين معهم رأس بلحاج... لما فوجئ الجيش الفرنسي بهذه الهزيمة لجماعة بلحاج قام بمتابعة وحدات جيش التحرير الوطني، إلى جبل عمرونة، وإستمرت المعركة ثلاثة أيام ووزعت قيادة الولاية الرابعة خلالها أتباع بلحاج على النواحي نظرا لفقدانهم التدريب الجيد فقد استشهد العديد منهم وأستسلم الباقون لقوات العدو، أما نواب بلحاج وكبار ضباطه فقد عرفوا طريقهم إلى الإعدام على يدي جيش التحرير الوطني وبهذا طويت صفحة العميل بلحاج إلى الأبد.