حين تفجرت القضية سنة 2004 صنفها المتتبعون بأعقد وأثقل ملف مطروح و ما زاد هذا الاعتقاد طريقة سير التحقيق والضجة الكبيرة المصاحبة له ، لكن مع مرور الأيام تبين أن " المندبة كبيرة و الميت فأر" على حد تعبير المتتبعين لها ، غير أن ما كشفه الدفاع في جلسة الاستئناف الأسبوع الماضي عن إقفال التحقيق أكثر من عامين و معاملة المتهمين أثناء التحريات جعلها بحق اغرب قضية ، و جعل السؤال مطروحا عن سر الإقفال و إعادة فتحه ؟ و من يكون مفجر القضية و لماذا صارت الميت فأرا ؟ مكالمة هاتفية تفجر الملف ؟ 14 اطار ومقاول في قفص الاتهام المتصل : "ق.ع" كان يشغل رئيس مصلحة الأمن الداخلي بوكالة الضمان الاجتماعي بالجلفة ، والمستقبل : مصالح رئاسة الجمهورية ، وفحوى المكالمة الهاتفية وجود اختلاسات و تبديد أموال عمومية، و المُبلغ عنه مدير الوكالة و إطارات ، ..من هنا تفجرت القضية وبإرسالية مصالح الرئاسة المؤرخة بتاريخ 06/12/2004 الواردة لقيادة الدرك الوطني فُتح التحقيق ليستدعى المسمى "ق.ع" قصد الإدلاء بتصريحاته، و يكشف عن ستة تجاوزات تمثلت في شراء أجهزة مراقبة للوكالة و مشاريع ترميم مشكوك فيها و صرف مبالغ باهضة بمناسبة الأبواب المفتوحة و التلاعب في أداء مستحقات النقل الخاصة بمرضى الكلى و توظيف أقارب المدير على مستوى الوكالة و المراكز التابعة لها ، وللتأكد من صحة ما سبق تنقلت عناصر الدرك الوطني للاطلاع على الملفات المتعلقة بالنقاط المذكورة و معاينة المشاريع المنجزة و استجواب مدير الوكالة وبعض الأعوان و رؤساء المصالح ، لتبدأ التحقيقات القضائية بعد إحالة الملف على و كيل الجمهورية و توجيه الاتهام إلى 14 إطار ومقاول من بينهم مدير الوكالة السابق و رؤساء مصالح، أما التهم فكانت الأثقل اختلاس وتبديد و التزوير في أوراق مصرفية و استعمال المزور و إبرام صفقات وعقود مع هيئة عمومية و الاستفادة من سلطة تأثير أعوانها. سير التحقيق حول المدينة إلى حالة فوضى و صنعت القضية حديث العام والخاص، و انصبت على أن هناك فضائح بالجملة من بينها تأمين بعض العمال بعد وفاتهم بتورط موظفين بالوكالة ومقاولين ،وبتاريخ 24/01/2007 تم تعيين خبير للاطلاع على السجلات والفواتير الخاصة بكافة الترميمات و العمليات و المناقصات و تحديد نسبة الضرر و المبالغ المختلسة ،و بتاريخ 26 /11/2007 أي بعد عامين تم استجواب مدير الوكالة الذي أنكر كل التهم المنسوبة إليه و كشف عن حساسيات بينه وبين صاحب البلاغ جعله يختلق المشاكل والفوضى ، و هو ذات التصريح الذي التزم به نائبه "ح.م".وباقي المتهمين الذين تم الاستماع لهم الى غاية سنة 2008 . خلصت نهاية التحقيق و الخبرة الى وجود دلائل وقرائن مادية على حسب قرار الإحالة من بينها أن أشرطة المراقبة غير مطابقة للمواصفات ، وغياب رخصة البناء و المراقبة التقنية بالنسبة لمشاريع الترميم "مركز بوتريفيس " و عدم وجود تأمين المشاريع ،أما مركز حي 5 جويلية غير مطابق للمواصفات بحجة سرقة 32 مترا من الرخام ، و بعد توجيه التهم تم عرض المتهمين للمحاكمة بتاريخ 06/01/2009 حيث أدين مدير الوكالة ونائبه ب 3 سنوات سجن نافذ ، أما رؤساء المصالح والمراكز تم إدانتهم بعامين سجن نافذ و البراءة لأربع متهمين . جلسة الاستئناف : تهم ثقيلة وملف فارغ وغموض في سير التحقيق ؟ شهدت وقائع جلسة استئناف سيناريو إنكار التهم و التشكيك في سيرة مفجر القضية ، واعتبر المتهمين أن ما تشير إليه الوثائق سليم و لا يتعلق بتزوير ، أما عن المشاريع فقد تم تسليمها وفقا للإجراءات القانونية ولا يوجد أي امتياز لأحد ، و استغرب هؤلاء الغلط في تحديد المسؤوليات الذي وقعت فيه المحكمة حيث أخطأت في توجيه التهم و التطبيق السليم للقانون ، و على لسان هيئة الدفاع قال الأستاذ عبد المنعم بن أحمد " اننا نخاطب فيكم العقل سيدي الرئيس أعطونا وثيقة واحدة تدين موكلي الذي يشغل منصب رئيس مركز حي 05 جويلية " أما الأستاذ جباري فاستعرض سيرة مفجر القضية الذي كان يشغل يشغل مكلف بالتعويضات قبل أن يكون رئيس مصلحة الأمن بالوكالة وله سوابق عدلية وصلت على حد قول الأستاذ الى حرق للعلم الوطني ، مضيفا "من قال أنه مصدر موثوق كان عليه الاطلاع على سوابقه ..إنه ضد الوطن و ختمها بزج الأبرياء في السجن " .من جهتها النيابة العامة اكتفت في التماسها بترك التقدير للمجلس ، لا سيما أن الكل استسلم و اقتنع أن القضية أخذت أكثر من حجمها ، غير أن الأسئلة التي طرحها الأستاذ جباري تحتاج إلى الوقوف بتمعن .و الى أن يكون ذلك فالحكم للعدالة هذا الأسبوع . أهكدا ندافع عن المال العام تحقيقات قمعية مارسها الدرك الوطني على المتهمين كشف الأستاذ جباري أثناء مرافعته عن تعرض موكليه لتحقيقات قمعية من طرف الدرك الوطني أثناء سماع أقوالهم كأنهم في معتقل، و قال " لو كنا في غوانتنامو ربما لن يعاملوا هكذا " و اعتبر الأستاذ أن الاستجواب الذي تعرض له غير منطقي تسبب في مرض موكله بسبب معاملته على مستوى الضبطية القضائية ، و أضاف أنه كان يتم استدعاءهم من الثامنة صباحا إلى الثامنة ليلا دون اي إجراء يتخذ ضدهم ليطلق سراحهم ويطلب منهم السير من مركز الى آخر مشيا على الأقدام بشرط ان يصلوا بأقصى سرعة قبل وصول سيارات الدرك ؟ في إشارة للضغوطات النفسية ، كما وصف الأسئلة التي كانت توجه لهم ب"البيزنطية " و عمل التحقيق في منتهى عدم العدالة و عدم التطبيق السليم للقانون . و عن ملف القضية و بداية سير التحقيق استغرب الدفاع أن يتم قتح التحقيق بمجرد مكالمة هاتفية من شخص تحمل سيرته الذاتية ما لا تجعله يرقى الى مصاف المصدر الموثوق ، مستعرضا سيرته بدقة و سوابقه العدلية ، و راح الأستاذ ابعد من ذلك عند استعراضه لسير التحقيق حيث تم إقفاله بتاريخ 17/07/2005 أي بعد سبعة أشهر من التحقيق ليعاد فتحه بتاريخ 26/11/2007 أي بعد عامين وأربعة أشهر و تسعة ايام متسائلا أهكذا تؤكل الكتف يا عمر ؟ أهكذا ندافع عن المال العام و هل تعطوا فرصة لمن اتهمتموهم ؟ في إشارة للسر وراء إقفال التحقيق كل هذه المدة.