توقّف أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف، السيد عربي بومدين في حواره مع «الشعب»، عند أهمية مشاركة الجمهورية العربية الصّحراوية في قمّة الإتحاد الإفريقي - الإتحاد الأوروبي التي تنعقد اليوم بعاصمة كوت ديفوار أبيدجان، والتي تبحث قضايا الشّباب والمساواة بين الجنسين، وكذا ما يتعلّق بمسائل الهجرة غير الشّرعية، الإرهاب، التطرف والسّلم والأمن. في السّياق، قدّم الأستاذ بومدين عدة اعتبارات من شأنها تأكيد أهمية المشاركة الصّحراوية في هذا الحدث الهام لانتزاع الدعم الدبلوماسي، الذي يساعدها على المرافعة في المحافل الدولية لعدالة قضيّتها ضمن الشّرعية الأممية، والتي قد تُشكّل حسبه خطوة جديدة نحو إيجاد تسوية سلمية، وتضع المغرب في موقف حرج خاصة وأنّ العقد التّأسيسي للاتحاد الإفريقي يجعله تحت طائلة الالتزام القانوني (الاعتراف بكل الدول الأعضاء). ❊ الشعب: رغم تحرّكاته ومؤامرته لمنع مشاركة الجمهورية الصّحراوية في قمّة الإتحاد الإفريقي - الإتحاد الأوروبي، فقد مني المغرب بالخيبة، وها هو يجلس اليوم معها جنبا إلى جنب في أبيدجان، ما تعليقكم؟ ❊❊ الأستاذ عربي بومدين: في حقيقة الأمر، مارس المغرب ضغوطات كبيرة على الإتحاد الأوروبي لمنع مشاركة الجمهورية الصحراوية في القمة مستغلاّ علاقاته الاقتصادية معه، حيث بلغت المبادلات التجارية ما بين المغرب والاتحاد الأوروبي 25 . 29 مليار أورو سنة 2016، وهو ما يجعل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للمملكة، حسب تقرير حديث حول سياسة «الجوار الأوروبي الجديدة» أصدره الاتحاد الأوروبي. كما يمارس المغرب أيضا ضغوطاته استنادا إلى دعم بعض الدول الحليفة المؤثّرة داخل الإتحاد الأوروبي، وعلى رأسها فرنسا وموقفها السلبي من القضية الصحراوية، إذ ينبع دعمها للمغرب من الاعتبارات التاريخية، فضلا على الارتباطات الاقتصادية، كما أنّ ثمة تواطؤا صريحا من طرف بعض القوى البارزة في النظام الدولي، وهو ما يجعل الجهود الأممية في سبيل حل القضية (مسألة تصفية استعمار) لحدّ الآن مرهونة إلى حد كبير بالتوازنات الإستراتيجية. لكن على الرّغم من هذه الضّغوطات، فإنّ الجمهورية الصّحراوية ستكون حاضرة في القمة الافريقية - الأوروبية ، حيث أكدّ رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد ببروكسل، قبول المشاركة الصّحراوية في القمّة ال 5 للاتحاد الإفريقي - الاتحاد الأوروبي من طرف كافة أعضائه، خصوصا وأنّ الجمهورية الصحراوية تُعدّ عضوا مؤسّسا له. وهنا نسجّل الموقف المتناقض للمغرب، فمن جهة هو لا يعترف بالصّحراء الغربية كدولة، ومن جهة أخرى فإنّ العقد التأسيسي للاتحاد الافريقي يجعله تحت طائلة الالتزام القانوني (الاعتراف بكل الدول الأعضاء)، ويضعه في حرج أمام شركائه الأفارقة والأوروبيين على حدّ سواء. وحتى الممثل الأعلى لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الإتحاد الأوروبي السيدة فيديريكا موغريني، فقد شدّدت على الأهمية التي يكتسيها حضور جميع أعضاء الاتحاد الإفريقي لقمة أبيدجان، مُوضّحة أنّه ليس من صلاحية الاتحاد الأوروبي تحديد الدول الإفريقية المشاركة في القمة، داعية إلى حلّ إفريقي لقضية الصحراء الغربية. ❊ ما أهمية المشاركة في قمّة أبيدجان بالنّسبة للقضيّة الصّحراوية؟ ❊❊ في اعتقادي أنّ مشاركة الصّحراء الغربية في قمّة الإتحاد الإفريقي - الاتحاد الأوروبي تعدّ أمرا إيجابيا، وقد تُشكّل خطوة جديدة نحو إيجاد تسوية سلمية للقضية، وعليه فإنّ استفادة الصحراء الغربية من المشاركة في القمة حسب اعتقادنا تنصرف إلى الأبعاد التالية: البعد السياسي - الدّبلوماسي: وهو الأهم في نظرنا، ذلك أنّ هذه المشاركة ستعطي دعما دبلوماسيا للقضية الصحراوية على المستوى الأوروبي - الإفريقي، وهي في حدّ ذاتها (المشاركة) تُمثل اعترافا ضمنيا بالصّحراء الغربية، والذّي قد يُسهم في دعم اللّوائح والشّرعية الأممية في سبيل حلّ قضية الشّعب الصّحراوي، كما ستُمثل إحراجا بالنسبة للمغرب أمام شريكه الاقتصادي المهم مُمثلا في الإتحاد الأوروبي، وضغطا عليه لتسوية القضية والالتزام بالقانون الدولي في هذا الشأن. البعد الاقتصادي: وهو في رأيي سيكون ضئيلا وثانويا نظرا لموقع الجمهورية الصّحراوية في سُلم وأولويات السياسة الأوروبية في إفريقيا، أو بالتحديد في منطقة المغرب العربي، وسيقتصر على المساعدات المالية. البعد الإنساني: رغم تضارب المواقف داخل الاتحاد الأوروبي تجاهها، فإنّ قضية الشّعب الصّحراوي ومعاناته تجد صدى ودعما لدى الرأي العام الأوروبي المُؤثّر في سياسات دوله، وعليه ستشكّل هذه المشاركة فرصة لتلقي المزيد من الدّعم والتضامن من خلال المساعدات الإنسانية للنهوض بمسائل الإغاثة في مخيمات اللاّجئين. أخيرا، أرى أنّ مشاركة الجمهورية الصّحراوية في هكذا قمم يعطيها دعما دبلوماسيا للمرافعة في المحافل الدولية بعدالة قضيتها ضمن الشّرعية الأممية. كما أنّ المشاركة في قمة الإتحاد الإفريقي - الاتحاد الأوروبي تُعبر عن ثلاثة مخرجات في مستقبل القضية وهي: الموقف الإفريقي المتّزن من القضية، الموقف الأوروبي البراغماتي والحذر المستند إلى المعيارية الأوروبية (تصدير المعايير)، الموقف المغربي الحرج، وعليه فإنّ أمام القضية الصّحراوية الكثير في سبيل إيجاد الحلّ الدائم والمستديم، خاصة أمام مواقف القوى الدولية الفاعلة التي يحكم سلوكها ومواقفها تجاه القضية الاعتبارات الإستراتيجية.