أكد محافظ نينوى أثيل النجيفي إدانة أكثر من مائة ضابط في الأجهزة الأمنية بسبب ممارستهم التعذيب بحق المعتقلين بمدينة الموصل شمال العراق. وقال النجيفي للجزيرة نت: إن هؤلاء الضباط ما زالوا طلقاء. ولم يتم اعتقالهم رغم صدور مذكرات توقيف بحقهم، متهما وزارتيْ الدفاع والداخلية بالتلكؤ في تنفيذ الأوامر القضائية لمحاسبة هؤلاء الضباط. وأشار النجيفي إلى وجود شكاوى كثيرة ضد هؤلاء الضباط بممارسة التعذيب في القضايا الجنائية، وأن بعض المتهمين العراقيين ماتوا تحت التعذيب الذي مارسه ضدهم بعض الضباط، فيما تتهم شكاوى أخرى عددا من الضباط بسلب ممتلكات مواطنين ومصادرتها دون أن تسجل رسمياً. وذكر النجيفي قضية رفعت ضد أحد الضباط المتهمين بممارسة التعذيب، من قبل قضاة في المحكمة لإطلاقه العيارات النارية على القضاة داخل قاعة المحكمة. وأفاد بأن بعض هؤلاء الضباط فروا إلى إقليم كردستان، وأن سلطات الإقليم لم تستجب لطلبات تسليمهم للمحافظة. وأوضح أن هذه الممارسات غير القانونية كانت تمارس في معتقلات مقرات الجيش والداخلية، مشيرا إلى أن آخر شكوى تم تسجيلها، قدمت من قبل ذوي المواطن العراقي ميثم الشبكي الذي توفي تحت التعذيب في سجن مقر الفرقة الثانية التابعة لوزارة الدفاع. ومن جانبه كرر ديلدار زيباري نائب رئيس مجلس محافظة نينوى اتهامه لوزارة الدفاع والداخلية بحماية الضباط المتهمين ومنع تسليمهم للمحاكم. كما حمل الحكومة هذه المسؤولية التي قال إنها تبرر المخالفات التي ارتكبها الضباط، والتي تشكل انتهاكات للقانون ولحقوق الإنسان، وأنها تدافع عنهم بذريعة أنهم مارسوا واجبهم الوظيفي واستخدموا الصلاحيات الاستثنائية التي يمنحها لهم القانون. وشدد زيباري على ضرورة معالجة هذا الخلل القانوني، متهما جهات سياسية بالسعي لعدم استقرار الوضع في الموصل. وبدوره رأى نقيب المحامين العراقيين محمد الفيصل أن الخلل يكمن في السلطة التنفيذية والقضاء. ووصف القضاء العراقي بأنه ضعيف. إذ المفروض في القضاء معاقبة ومحاسبة كل من يقوم بتأخير تنفيذ الأوامر القضائية مهما كانت صفته. وأكد الفيصل أن نقابة المحامين لا تمانع من متابعة القضية، غير أنه أوضح أنها لم تتسلم أي طلب من محافظة نينوى، أو أي شكوى من مواطن تتعلق بعدم تنفيذ أوامر القبض بحق ضباط مارسوا التعذيب ضد أبنائهم. ويوضح الخبير القانوني ومدير مركز العدالة الوطني في لندن الدكتور محمد الشيخلي للجزيرة نت، أن جريمة التعذيب المادي والمعنوي هي جريمة حرمتها اتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب عام 1984 التي بدأ العمل بها في عام 1987، والتي نصت المادة الأولى منها على أنه يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية. كما نصت الاتفاقية -حسب المصدر نفسه- على أنه لا يجوز التذرع بأي ظروف استثنائية أيا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب، أو عدم استقرار سياسي داخلي، أو أي حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب. وطالب الشيخلي جميع العراقيين الذين تعرضوا للتعذيب بتوثيق ذلك. مؤكدا أن الذين يمارسون التعذيب تتم مساءلتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية وفقاً لنظام روما عام 1998.