أكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى، على الدور الذي يحتله جامع باريس في خارطة العالم الإسلامي، مركزا على الدور الهام الذي ينبغي للائمة الذين تم انتدابهم إليه في تغيير نظرة الغرب إلى الدين الإسلامي ورفع الاتهامات التي يرميه بها «سياسيون جهلة». حث محمد عيسى الأئمة الذين تم اختيارهم والذين انتدبوا إلى مسجد باريس، أمس، خلال اللقاء الذي جمعه بهم في دار الإمام بالمحمدية، قبل مغادرتهم لأرض الوطن، على اجتثاث التشدد والطائفية والنحلية ومحاربة العنف والفكر المتطرف، من خلال الاعتماد على الإسلام المرجعي، «الذي نتصوره هو الذي نعيشه في الجزائر، واحترام الموروث الحضاري، والتعايش مع الآخر، واحترام تقاليد البلد الذي هم فيه». قال عيسى خلال الكلمة التي ألقاها بالمناسبة، إنه لا يوجد الذين انضموا إلى الجماعات الإرهابية من المترددين على مساجد ومدارس بفرنسا التي يؤمّها أئمة جزائريون «مؤكدا أنهم أكثر براءة من هذه الظاهرة «التي تهدد ليس فرنسا وأوروبا وإنما العالم ككل. وأضاف في هذا الصدد أن هؤلاء الأئمة انتدبوا إلى مسجد باريس من خلال انتقاء ذاتي دقيق، وليس عن طريق «الصداقة ولا على الطواف في محيط الإدارة « وإنما أفرزتهم امتحانات ومسابقات، معتبرا أن 100 إمام الذين تم انتدابهم من أصل 1100 مترشح، هم أحسن من ترشح لهذه المهمة. بإمكان الأئمة الجزائريين أن يحدثوا التغيير في المفاهيم الخاطئة عن الإسلام
من خلال التوجيهات التي قدمها لهم، ركز المسؤول الأول على قطاع الشؤون الدينية على ضرورة أن يعمل الأئمة من خلال الخطب والدروس التي يلقونها على المترددين على مسجد باريس من جزائريين وغيرهم من المسلمين على «تبرئة ساحة الإسلام مما ينسب إلى الإعلام من اتهامات، التي يوجهها بعض الجهلة من السياسيين، الذين يريدون إلصاق الإرهاب بالإسلام، وذلك من خلال نشر فضائل الدين الحنيف والتي منها التعايش مع الغير، والحوار واحترام تقاليد المجتمع الفرنسي. ودعا في هذا الإطار الأئمة إلى جعل المسلم الفرنسي يخدم مجتمعه ولا ينقلب عليه بمجرد اعتناقه للإسلام، وأن لا يوالي وطنا آخر غير وطنه، وأن يحثوا على ثقافة المواطنة وإيجاد مبررات ذلك في نصوص الكتاب والسنة، واعتبر أنهم إذا حققوا نجاحا في هذا الميدان «فإن قيمة الإمام الجزائري ستزداد « كما يرى أن هؤلاء الائمة بإمكانهم إحداث «التغيير». دليل بوبكر :مسجد باريس رمز سياسي وديني ومن جهته، تحدث عميد مسجد باريس دليل بوبكر عن التطور الذي عرفته الإمامة منذ 2013، والتي كان للسلطات الفرنسية دور في ذلك، حيث يمكن للإمام الذي يتقن اللغتين العربية والفرنسية، مشيرا إلى أنه يوجد بفرنسا 2200 مسجد والإسلام يمثل الدين الثاني بهذا البلد. وذكر في سياق متصل أن مسجد باريس يعد رمزا سياسيا ودينيا وهو يقوم بدوره في إرساء مبادئ الأمن والتوازن بين الديانات والعقائد، كما تحترم مبدأ» اللائكية» التي تقوم عليها الجمهورية الفرنسية منذ 1905، مشيرا إلى أن الجزائر ترسل أئمة بصفة منتظمة ومستمرة منذ سنة 1984. ممثل سفارة فرنسابالجزائر : احترام اللائكية التي تقوم عليها الدولة الفرنسية من جهته، تحدث ممثل سفارة فرنسابالجزائر فوريير تيبو عن العلاقات الجزائرية الفرنسية القائمة على الإنسانية، معتبرا أن التعاون بين دار الإمام ومسجد باريس «مثالي» وشراكة مكنت من تطورها مخبر اللغة الفرنسية الذي تشرف عليه السفارة بدار الإمام. وركز خلال الكلمة التي ألقاها بالمناسبة نيابة عن السفير الفرنسي على ضرورة احترام اللائكية التي تقوم عليها الدولة الفرنسية، والمرتبطة بتاريخ هذا البلد، مشيرا إلى التنوع وحرية الضمير، وإلى القوانين التي وضعت منذ 1905 والتي تحين في كل مرة منها ما تعلق بارتداء الخمار وغير ذلك والتي تندرج في إطار حرية المعتقد.