بدأت الحياة من جديد في المناطق المنكوبة في ولاية غرداية اثر الطوفان الذي روع صبيحة يوم الاربعاء، اول ايام عيد الفطر المبارك اهالي الولاية وخاصة عاصمتها، وبلدية الضابة التي كان الواد الهائج منطلقها وصولا الى بلدية العطف، وهو ما يفسر الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي نجمت عن هذه الكارثة الطبيعية الشبيهة بكارثة باب الواد في نوفمبر 2001 مما يجعلها تأخذ حجم الصبغة الوطنية. ونظرا لحجم الخسائر المادية بالخصوص، والقلق الذي اقض مضاجع اهلها بسهل وادي ميزاب فقد نزل رئيس الحكومة السيد احمد اويحي صباح أمس على رأس وفد وزاري هام، حيث وقف شخصيا بعين المكان على آثار النكبة وطاف عبر مختلف الاحياء واستمع باهتمام بالغ الى القلق الذي يمثل هاجس السكان وخاصة المنكوبين وفي ختام الجولة التي قام بها والوفد المرافق له بواسطة طائرة هيلكوبتر في المناطق التي يصعب الولوج اليها نظرا لحجم الكارثة، عقد السيد احمد اويحي جلسة عمل بمقر الولاية مع اعضاء الهيئة التنفيذية لولاية غرداية قبل الجلسة التي جمعته باعيانها والمنتخبين المحليين. والملفت للانتباه لدى الرأي العام المحلي من خلال التحركات المشبوهة لبعض الاطراف حسب ما لاحظناه وصرح لنا به بعين المكان بعض المنكوبين فان هذه التحركات »غير بريئة«، بدليل ان اصحابها يحاولون استغلال المحنة للمتاجرة بها من اجل تحقيق مآرب شخصية وحزبية، ك »تسييس« عملية توزيع المساعدات الغذائية وغيرها التي ما انفكت تتهاطل على الولاية المنكوبة من مختلف انحاء الوطن وخاصة من العاصمة والمقدرة بمئات الاطنان. ففي الوقت الذي لمس فيه بعض المنكوبين تأخر وصول هذه المساعدات في الوقت المناسب دفعت بعض الاطراف التي لها مصلحة في ذلك الى تنظيم تجمع صباح الجمعة كان وراءه ممثل حزب القوى الاشتراكية بالولاية. وتفيد مصادرنا بهذا الخصوص ان والي الولاية قد استقبل هؤلاء في نفس اليوم، ويتساءل سكان ولاية غرداية وخاصة اولئك الذين يرفضون »تسييس« الازمة والمتاجرة بالنكبة بكثير من الحيرة عن مدى صحة ما اعلن عنه ممثل »الافافاس« ومفاده انه تقرر اعفاء سكان المنطقة المنكوبة من اعباء فواتير الكهرباء والغاز والماء، وكذا التجار من دفع الضرائب لمدة سنة كاملة؟!.. في حين ان المواطنين كانوا ينتظرون اعلان ولايتهم منطقة منكوبة. وما يزيد في »تسييس« المحنة التي بدأت تأخذ منحى مقلقا حسب ما يردده البعض هنا في غرداية توزيع مساعدات الدولة الموجهة للمناطق المنكوبة نحو الحزب المذكور وليس نحو المراكز المعلن عنها رسميا بواسطة وسائل الاعلام وبما يضمن وصولها في شفافية تامة الى مستحقيها وابعادها بالتالي عن محاولات تحويلها الى غير وجهتها الاصلية. والمؤسف ان هذه الكارثة الوطنية التي تمس كل ابناء الشعب الجزائري وليس اهلنا في سهل وادي ميزاب فقط، كانت فرصة لاصحاب النفوس الضعيفة للقيام باعمال يرفضها العقل والشرع ويعاقب عليها القانون، مما جعل السكان وخاصة المنكوبين يكثفون من يقظتهم بمعية ومساعدة رجال الدرك الوطني والشرطة وحتى الجيش الوطني الشعبي الذي اوفد 427 عنصرا مجهزين بكل الآليات والتجهيزات الضرورية، علما بأنه سجل توقيف العديد من ممارسي النهب وايداعهم الحبس الاحتياطي. وبالموازاة مع عمليات البحث المكثف عن المفقودين تحت الانقاض في بساتين واحة غرداية واهمها احياء (لبدوعات) بمحاذاة سد التوزوز والذي ادى انهياره صبيحة يوم العيد الى ارتفاع منسوب المياه، وهي الاحياء التي سجلت بها اكبر الخسائر البشرية من مجموع 38 ضحية الى حد الان، ناهيك عن انهيار العديد من المنازل انهيارا كليا، وهي العمليات التي تقوم بها فرق الدرك الوطني بواسطة الكلاب المدربة، تتواصل، بعد اربعة ايام من حدوث الكارثة على قدم وساق، جهود الاغاثة والمساعدة على كافة المستويات تحت اشراف خلية الازمة المنصبة على مستوى الولاية وبمساعدة السكان الذين تطوعوا بقوة لنجدة المتضررين وازالة آثار النكبة التي تقدر خسائرها الاولية باكثر من 800 مليار سنتيم وذلك في انتظار الانتهاء من عملية جرد الخسائر والتقييم التي شرع فيها وتمس كل المناطق المتضررة التي مست اغلب بلدياتها من مجموع 13 بلدية تتكون منها ولاية غرداية، مع الاشارة الى انه تم تصنيف 3 بلديات وهي: غرداية، الضابة بن ضحوة والعطف في خانة البلديات المنكوبة نظرا لحجم الخسائر التي لحقت بها مقارنة بالبلديات الاخرى المتضررة. وقد لمسنا مدى تجاوب السكان مع المتطوعين الذين قدموا حتى من مناطق لم تمسها الكارثة مقدمين يد العون والمساعدة لرجال الحماية المدنية والامن الوطني وفرق الهلال الاحمر الجزائري وعمال البلديات في عملية تفريغ اقبيات البيوت من الاوحال والردوم والتي يقدر حجمها بالاطنان مما يتطلب تجنيد عشرات الشاحنات والاليات المتخصصة وهي العملية التي لا تزال متواصلة الى حد ساعة متأخرة من مساء امس الاحد ويتوقع ان تستمر لايام اخرى. ومن مظاهر عودة الحياة تدريجيا الى مجراها الطبيعي، اعادة تشغيل الكهرباء جزئيا في بعض احياء عاصمة الولاية، وببلدية العطف والضابة بن ضحوة وباقي المناطق الاخرى التي كانت فيها الكهرباء مقطوعة تماما، فيما تتواصل جهود تقنيي سونلغاز من اجل اعادة الانارة بهذه المناطق، ونفس الشيء بالنسبة لشبكة المياه الشروب التي اختلطت في الكثير من المناطق مع مياه الصرف الصحي مما يجعلها غير قابلة للتشغيل في الوقت الحالي، وقد تجند لذلك عدة فرق مختصة اوفدت من طرف وزارة انتظار ذلك تقوم فرق الحماية المدنية بتموين السكان بالماء الصالح للشرب بواسطة صهاريج تجوب الاحياء وذلك من اجل تفادي الاصابة بالاوبئة التي تأتي عن طريق المياه الملوثة. كما عاد التلاميذ الى مقاعد الدراسة باستثناء تلاميذ بلديتي غرداية والعطف التي تبقى معطلة الى غاية يوم 10 اكتوبر حسب بيان اصدرته مديرية التربية لولاية غرداية، اما المحلات التجارية فان اغلبها ما زال مغلقا لانشغال السكان بعملية ازالة آثار النكبة التي تركت مواطني غرداية وخصوصا المنكوبين في حالة صدمة وذهول. وفي انتظار الاعلان عن الاجراءات والتدابير التي ستتخذ خلال الاجتماع الوزاري المضيق الذي ترأسه رئيس الحكومة السيد احمد اويحي يوم امس بمقر ولاية غرداية، يتطلع سكان هذه الولاية بكثير من التفاؤل والامل لهذه الزيارة وما يمكن ان تترتب عنه في المستقبل القريب من نتائج ايجابية يكون لها انعكاسها على التنمية بالولاية والاطار المعيشي لسكانها، لتتكفل الدولة الجزائرية بانشغالات مواطنيها اينما كانوا ووجدوا وبسخائها اللا محدود ازاء شعبها. ------------------------------------------------------------------------