أعتبر، أمس، الدكتور محمد العربي ولد خليفة، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، أن المواطنة تقوم على اساس المعرفة والتربية المؤديان الى مرجعية العمل والقدرة على النقد والمبادرة والاحساس بالمسؤولية الفردية. ففي تدخله امام منتدى الفكر العربي في يومه الثاني اشار ولد خليفة الى انه من المفيد ان تتضمن المناهج التربوية في الدول العربية مقررا هو الدستور، الذي يتضمن بنودا وابوابا عن المواطنة، أن معرفتها منذ سنوات التمدرس تجعل منها واقعا معاشا وقابلا لمزيد من التمحص والدراسة، مهما كانت درجة الالتزام بهذه البنود. واستدل رئيس المجلس الاعلى للغة العربية بالدستور الجزائري الذي يتضمن 41 مادة تبين حقوق وواجبات المواطنة من خلال الاعتراف الحق في الحريات الفردية والجماعية والكرامة وحقوق الانسان وحرية التعبير والمعتقد والحق في التعليم والرعاية الصحية والعمل، وفي المقابل فقد نص الدستور في مواده على ضرورة احترام القانون وحماية المواطن. وابرز المحاضر أهمية التعليم الديني في المدارس من أجل ترسيخ قيم المواطنة والسلم والتسامح وحرية المعتقد، مثلما نص عليها الدين الإسلامي الحنيف، يقول ولد خليفة، الذي تطرق في نفس السياق الى الجوانب الاخرى للعملية التربوية، ولاسيما من حيث ترقية المرأة واكتسابها لحقوقها الطبيعية والتخلص من الاحكام المسبوقة الموروثة عن عهد التخلف، وبفضل الفرص التي اصبحت متاحة للفتاة في نظام التربية والتكوين، تضاءلت العديد من اشكال التمييز بين المرأة والرجل يقول نفس المتدخل، وهو ماتعكسه نسبة التعليم في فئة البنات التي بلغت 62٪ من التمدرسين، فضلا على تفوق البنات، مثلما تعكسه النتائج الدراسية طيلة السنوات الماضية. الجزائر تتهيأ لاحياء ذكرى أول نوفمبر التي انتفضت فيها الثورة التحريرية ضد الاحتلال الفرنسي والذي حرم الجزائريين من ابسط حقوق المواطنة، لهذا كان مطلب الحرية والحق في المواطنة الكريمة، اساس كل المقاومات الشعبية والنضالية قبل وخلال ثورة اول نوفمبر، حتى ان مفهوم المواطنة كان ولازال مرادفا للمواطنة والمساواة في ابسط معانيها الشعبية، يؤكد على ذلك رئيس المجلس الاعلى للغة العربية. ومن جهته، حاول الدكتور كمال عبد اللطيف من المغرب حصر العوائق التي تحول دون احداث ذلك الوعي بدور المواطنة في اغلب المجتمعات العربية، وذلك من عدة جوانب ثقافية اجتماعية، سياسية وتربوية حيث وبالنسبة للجانب التربوي، فان المحاضر يرى بأن المعضلة الكبرى تكمن في مناهج وبرامج المدرسة التي يطغى عليها، ماوصفه بالمنهاج التقليدي الكابح لمشاريع التربية، فضلا على انتشار وزيادة نفوذ مدارس التعليم الخاص التي تثار من حولها شكوك في مدى تلقينها للقيم التي تقدمها المدرسة العمومية. التربية على المواطنة تعد من وجهة نظر السيد كمال عبد اللطيف، مدخلا من مداخل التفكير في الاعداد لمجتمع الحداثة عن طريق مايتم توفيره من آليات التربية ومؤسساتها من وسائل لتطوير قيم الحداثة في المجتمعات العربية، وتكييف النظريات والمفاهيم مع الخصوصيات التاريخية لها.