استضاف منتدى »الإذاعة الثقافية« أمس الدكتور العربي ولد خليفة رئيس المجلس الأعلى للغة العربية الذي فتح موضوع »واقع اللغة العربية، تحديات ورهانات« متوقفا عند قضايا سياسية وتاريخية واقتصادية لها تأثيرها المباشر وغير المباشر على لغة الضاد التي لاتزال تحتفظ بمكانتها ضمن اللغات الأولى في العالم. وصف الدكتور ولد خليفة الحديث عن الثقافة في الجزائر كمن يدخل الى صرح عظيم على الرغم من أن بلادنا تعرضت الى محنة عظيمة وصفها فخامة رئيس الجمهورية ب »الإبادة المعنوية« حيث حاول الاستعمار محو معالم ذاكرة شعبنا وفصله عن انتمائه الثقافي العربي والأمازيغي، إلا أن ثقافة الجزائر ومنذ الثلث الثاني من القرن ال19 أصرت على أن تبقى على قيد الحياة. لقد عمل المحتل على تشتيت وقتل النخب، مما عطل عملية الابداع وتقديم نموذج آخر للثقافة، فلقد كانت هذه الأخيرة تعني معركة بقاء الشخصية الوطنية قبل أي شيء آخر. بعد الاستقلال يضيف ولد خليفة عملت الجزائر بكل نخبها على استرجاع هذه المكانة وكانت الطريقة الأولى هي التعليم وفيه ازدهرت عملية تعميم استعمال اللغة العربية التي كانت غريبة في عقر دارها، وهكذا سادت العربية في سلك التعليم باعتبار أن هذه ا للغة هي الموحدة لكل الجزائريين كي يبقوا أمة واحدة على الرغم من الصراع المفتعل لخلق تناطح بينها وبين الأمازيغية، لكن الواقع يقول ان كليهما لها امتداد في الأخرى، وفي هذه النقطة استحضر المحاضر تاريخ فرنسا وكيف انها جعلت من الفرنسية ذات الأصل »الباريسي« السائدة لأنها الموحدة، بينما اسقطت الأمة الفرنسية أية لغات أخرى تأخذ مكان الفرنسية. تحدث الدكتور ولد خليفة ايضا عن مهام المجلس الأعلى للغة العربية كهيئة استشارية لرئيس الجمهورية وهي الآن تعمل مع خبراء بعدما انتهت عهدة اعضاء مجلسها منذ سنة 2003، كما أوضح أن المجلس هيئة استشارية وليست تنفيذية وهي مفتوحة لكل الاتجاهات الفكرية عبر منابرها الفكرية، اضافة الى انفتاحها على المجتمع خاصة الشباب، وما المسابقة التي فتحتها مؤخرا مع الطلبة في مقر المسرح الوطني الا دليل على ذلك. رئيس المجلس استعرض كذلك الانجازات المحققة والمبادرات المقدمة منها جائزة المجلس الخاصة باللغة العربية، وتكثيف المنشورات، ومبادرة »كتاب الجيب« التي التفت اليها رئيس الجمهورية خلال معرض الكتاب الدولي الأخير وثمّنها، كذلك مجهودات المجلس في نشر الأدلة، والمصطلحات والوثائق. في الأخير؛ أشار الدكتور ولد خليفة الى التحضيرات الخاصة بإحياء ذكرى تأسيس المجلس العاشرة والتي ستكون قريبا، وسيصدر خلالها عدد خاص في 1400 صفحة شاركت فيه أقلام كتاب وخبراء ومسؤولين جزائريين وأجانب. للتذكير فإن الدكتور محمد العربي ولد خليفة، واحد من المثقفين البارزين في الجزائر، شغل منصب وزير للثقافة بين سنة 1980 - 1982 تم وزيرا للتربية والتعليم سنة 1984، وكان عضوا باللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني، وسفيرا في اليمن وإيران، وكان عضوا مؤسسا للمجمع الجزائري للغة العربية بين 1998و2001 وعضو المجمع السوري للغة العربية، له 14 مؤلفا في السياسة والثقافة والتربية، أعيد طباعة 5 مؤلفات، والدكتور ولد خليفة ناشط اعلامي منذ الستينيات ويتقن 4 لغات منها الفارسية.