احتضنت صباح أمس جامعة قسنطينة “3” افتتاح فعاليات الملتقى الدولي، الذي جاء تحت عنوان «الصحافة الاستقصائية في الوطن العربي واقع وتحديات» بمشاركة نخبة من المختصين بقطاع الإعلام والاتصال ممثلين في الأساتذة و دكاترة جاؤوا من جامعات وطنية وعربية ناقشوا إشكالية الصحافة الاستقصائية اتجاهاتها أخلاقها وتحدياتها في البلدان العربية أين اعتبرت مادة للتحليل والدراسة لواقعها وآفاقها من طرف دكاترة من داخل وخارج الوطن جاءت على رأسها دولة الأردن، مصر، العراق والإمارات العربية المتحدة. الملتقى الدولي الذي شرح من خلاله الأساتذة المشاركون واقع صحافة الاستقصاء من خلال تقديم العديد من المحاضرات والمداخلات من بينها محاضرة ثرية قدمها الدكتور “عزام أبو الحمام” من جامعة الشرق الأوسط بالأردن، الذي ركّز خلال مداخلته الأولى موضوع الاتجاهات النظرية في الصحافة الاستقصائية في العالم العربي ووضعيتها، مؤكدا على أنها اتسمت بالتواضع إذ لم يسجل في تاريخ الصحافة حسبه تحقيقات معمقة في الإعلام العربي رغم إدعاء البعض في مصر القيام بتحقيقات استقصائية حول حرب 1948 فيما تطرق إلى موضوع تمويلها واتجاهاتها في الوقت الراهن. من جهته كشف الدكتور “فضيل دليو” عميد قسم الإعلام والإتصال بجامعة قسنطينة في مداخلته حول أخلاقياتها إلى كيفية تعززها وبروزها، حيث أرجع ذلك إلى الطبيعة المعقدة للمجتمعات الحديثة بحيث أصبح الإعلاميون لا يكتفون بجمع الأخبار وتفسيرها فقط بل تجاوزا ذلك إلى ما يسمى باستكشاف جذور وخلفيات الأحداث الخفية بسياقاتها المختلفة والمتعددة، مشيرا إلى أخلاقياتها التي تلزم الإعلامي بالتقيد بها وبمعاييرها تحت غطاء مواثيق الشرف المتعددة. كما تحدث دليو عن الغرض من صحافة الاستقصاء وأهميتها في الكشف عن الأمور الخفية والمخفية قصدا أو لنتيجة إهمال، حيث يستغني الصحفي من خلالها عن المصادر التقليدية المعروفة التي تأتي من المراسلات الرسمية ومن وكالات الأنباء وغيرها بما يتطلب القيام بمبادرات استقصائية شخصية للكشف عن المعلومات والوصول إلى الحقائق حول المواضيع المسلط عليها الضوء. وعرج دليو في ذات السياق على أنواع الصحافة الاستقصائية كصحافة التجدر التي تهدف إلى الحصول على أكبر قدر من المعلومات حول الموضوع المبحوث فيه، بالإضافة إلى صحافة الدقة التي تقوم على أساس متغيرات. وكذا مراحلها التي تنطلق بمرحلة الاستكشاف وتجميع البيانات والمعلومات مرورا بمراقبة جودة المعلومات إلى الفحص التقني والأخلاقي قبل القيام بعملية النشر. أما بالنسبة لخصوصية الصحافة الاستقصائية بمقابل الصحافة العادية، فقد أكد “دليو” أن الأولى تبنى على مؤشرات تختلف عن الصحافة العادية فيما يخص العلاقة مع المصادر ومؤشر النتائج بدءا بجمع المعلومات التي تأخذ وقتا طويلا بالمقارنة مع جمع المعلومات العادي اليومي والأسبوعي حتى في خطوة النشر التي لا تكون إلا بعد استكمال كامل العناصر مهما كلف ذلك من الوقت، بالإضافة إلى أهدافها التي تتعدى إعلام الجمهور فقط إلى الكشف عن موقف معين سواء كان مستحسنا أو استنكاريا مع التحلي بالدقة التامة خاصة و أن الخطأ هنا يعرض الصحفي المتقصي للعقوبات. وأوضح في ذات الشأن أن مسألة الاستقصاء المتمحورة حول الرشوة والفساد وغيرها من المجالات التي يجمع العام على استنكارها وحتى في المجالات التي يتفق حولها. وتواصلت أشغال الملتقى الأول بتقديم عدد من المداخلات منها مداخلة الدكتور “شطاح محمد” من كلية الخوارزمي أبو ظبي حول بيئة الصحافة الاستقصائية في مقاربة أكاديمية ومداخلة بعنوان اتجاهات الصحفيين المصريين حول الصحافة الاستقصائية ودورها في التأثير على صناعة القرار ورسم السياسات العامة “دراسة ميدانية في ضوء المدخل الرقابي لوسائل الإعلام” قدّمها الدكتور عيسى عبد الباقي من جامعة بني سويف مصر. وتمّ تنظيم ورشات متعددة بتأطير دكاترة من مختلف جامعات الوطن لتستكمل فعاليات هذا الملتقى الدولي اليوم بتسليط الضوء على الضوابط العلمية والمهنية للمراسل في التغطيات الصحفية خلال فترة التوترات بمشاركة مراسلين من قنوات فضائية عربية وجزائرية.