حزب مجهري، أنشئ ولا أقول تأسس مباشرة بعد إقرار التعددية السياسية، يصنف ضمن الأحزاب الديمقراطية، صال وجال، تجبر وتعنتر في وقت كانت الدولة الجزائرية منشغلة بترتيب البيت وتحضر لبناء المؤسسات الدستورية على أسس متينة وصلبة لا تزول بزوال الرجال. كان هذا الحزب يتغنى بالديمقراطية في مختلف المنابر التي فتحت له ممن يتهمهم بغير الديمقراطيين، نظم تجمعات ومهرجانات ومسيرات شعبية، منددا بالسلطات وببعض الأحزاب.. وكأنه كان يقول لهم استقيلوا من مناصبكم فنحن أولى بها منكم، ونحن الديمقراطيون. لكن من كان مريضا ب «عِلّة» الديمقراطية مات بها، ففي كل الإنتخابات التي عرفتها الجزائر منذ إقرار التعددية السياسة كانت صناديق الاقتراع بالمرصاد لمشروعه حيث كانت تلفظه كل مرة ولا يتحصل إلا على فتات الفتات من أصوات الناخبين، لا تؤهله حتى لتكوين «كتلة».. فالحزب المجهري إياه لم تقصه السلطة أو الأحزاب الفاعلة في الساحة السياسية، وإنما كان «ضحية» الديمقراطية وحرية التعبير والشفافية، إلى درجة أن تحول على عقبيه وأصبح عدوا للديمقراطية التي أفرزت وميزت وأقرت بالبقاء للأصلح والأقوى من حيث التمثيل الشعبي. هذا الحزب «المسكين» بعد غياب طويل حتى ظن الجميع أنه حل نفسه انتقاما من نفسه ومن الديمقراطية «المشؤومة» التي أخرجته من «النافذة»، يفاجئنا بخروجه هذه الأيام من «كهفه» ويريد العودة من «ثقب المفتاح» بنشر نداء يدعو فيه الى المشاركة في مسيرة بولاية الجزائر.. دون الحصول على ترخيص إداري، كما ينص على ذلك القانون.. وهو بهذا التصرف يهدف الى المساس بالأمن والسكينة والطمأنينة، دون قراءة العواقب المترتبة على ذلك. وإذا كان معلوما، مسبقا، أن دعوة الحزب المقبور ديمقراطيا ستكون غير مستجابة، ولن يكون لها أي صدى من طرف المواطنين الذين يعرفون الأبعاد والأهداف الحقيقية لهذا الحزب.. فإن من حق أجهزة الدولة اتخاذ جميع الإحتياطات لمواجهة أي خرق لقوانين الجمهورية، والحفاظ والسهر على حماية الأمن والاستقرار الذي ينشده كل مواطن له ضمير حي، والتفرغ لإعادة بناء ما دمر وخرب في السنوات العجاف..