فصل المؤرخ وأستاذ مادة التاريخ بجامعة بوزريعة الدكتور محمد لحسن زغيدي، في مسألة الجدل حول وثيقة الصومام التي انتقدتها بعض الأطراف بحجة أن المؤتمر لم تمثل فيه كل المناطق، وكذا محاولة إلغاء صفة الدولة الإسلامية التي نص عليها بيان أول نوفمبر 1954، مؤكدا في رده عن سؤال جريدة»الشعب» أن الوثيقة كاملة وغير منقوصة، وأن من يثير هذا الجدل الواهي معناه أنه يشكك في من أوصلنا للثورة وهذا غير صحيح. أبرز المؤرخ والباحث في التاريخ البروفيسور زغيدي من منتدى «الشعب» أهمية وثيقة الصومام التي كانت مرجعية لكل هياكل الثورة التحريرية، من خلال القرارات الهامة التي تضمنتها في التنظيم العسكري، ولم تحمل أي إقصاء أو تعصب ديني اتجاه الأوروبيين الذين ساعدوا الثورة لذلك أعطت الوثيقة الطابع الجمهوري والديمقراطي، نافيا بذلك فكرة إلغاء صفة الدولة الإسلامية. في هذه النقطة أوضح، المحاضر في ندوة نقاش بمنتدى «الشعب» حول الذكرى 63 لليوم الوطني للمجاهد أن الوثيقة تثبت أن الدولة المنشودة ليست ملكية ولا لاهوتية وإنما جمهورية ديمقراطية إجتماعية، قائلا أن فرنسا الاستعمارية حاولت سنة 1956 من خلال منشوراتها الأولى إلصاق الطابع الديني للثورة ضد الصليب والغرب، وأن معظم الليبراليين الفرنسيين نهاية 1955 أي بعد هجومات الشمال القسنطيني انضموا للثورة. وأضاف أنه حين لقائه ببيار شولي، عبر له هذا الأخير عن إعجابه بمبادئ بيان أول نوفمبر 1954 التي تحمل قيما إنسانية ما جعلته يؤمن بالثورة، ونفس الأمر بالنسبة لمعظم اليساريين الفرنسيين وبعض المسيحيين الذين إلتحقوا بالثورة، مشيرا إلى أن وثيقة الصومام وجهت اللوم ليهود الجزائر وأعطت لهم نموذج عن موقف قس الجزائر، و الأوربيين المسيحيين الذين امنوا بالثورة، أما اليهود الذين كانوا جزء لا يتجزأ منا فقد نسوا دعم الجزائر لهم حين طردهم الإسبان بعد سقوط الأندلس، وتخاذلوا في موقفهم. في هذا الصدد أكد المؤرخ أن، وثيقة الصومام لم تكن منشورة في مجلة أو عدد واحد، بل كانت منشورة في عدة وثائق حتى بعض المؤرخين الفرنسيين نشروا الوثيقة، وكذا قيادات الثورة قدمت الوثيقة بالآلة الراقنة، قائلا:» لما قارناها مع الوثائق الموجودة وجدناها كاملة غير منقوصة، ولذلك نشرتها في الطبعة الثالثة من كتابي كاملة لنرفع لبس أن الوثيقة غير موجودة». وقال أيضا أن الأقدم هي وثيقة أول نوفمبر 1954، كتبت بوسائل بسيطة وأعدت بسرية ، أما وثيقة الصومام فقد أعدت لها هيئة للكتابة والرقن والمراجعة وكل القادة أخذا نسخا منها وتم نشرها في العدد الثالث من جريدة المجاهد، ومقتطفات منها في الأعداد الأولى على مراحل من جريدة المقاومة، لذلك وثيقة الصومام تم الاحتفاظ بها دائما، وكانت مرجعية لكل هيئات وهياكل الثورة التحريرية، أكد زغيدي. وعن مسألة أسلمة الدولة أوضح المحاضر، أن مؤتمر الصومام تركها كخيار للنظام الذي سيكون بعد الاستقلال، ووضع التصور في إطار ديمقراطي جمهوري إجتماعي الكل يجد نفسه، بحيث لا تعصب ديني ولا إقصاء لأحد من المكونات المتواجدة على التراب الجزائري . مؤتمر الصومام ضم كل الولايات عدا الأوراس لاستشهاد بن بولعيد وبالنسبة لقضية أن مؤتمر الصومام لم يضم كل المناطق، قال زغيدي أن هذا خطأ بل سجل غياب الولاية الأولى فقط بسبب استشهاد القائد مصطفى بن بولعيد، كما أن التحضير للمؤتمر شاركت فيه كل المناطق الخمس بما فيها الناحية الثالثة للمنطقة الأولى التي أصبحت فيما بعد الولاية السادسة، بحيث كانت مراسلة للشيخ زيان عاشور لإبداء ملاحظته، وتمت مناقشة الوثيقة مع الوفد الخارجي وفي الداخل كل المناطق الخمسة بما فيها الأوراس. وأشار الى أن المؤتمر كان، سيعقد في منطقة الأوراس وبدأ التحضير له في الحدود التونسية في ضواحي تبسة، التي كانت تحت قيادة الطالب العربي الذي كلفه بن بولعيد للتحضير للآلات والطابعات، لكن بعد استشهاد بن بولعيد في مارس 1956، اتجهت الأنظار للمشروحة عند الشهيد زيغود يوسف ثم إلى بوزعرور ومن قبلها إلى الحدود في منطقة سوق أهراس، قائلا:» لما تأكد أن الوفد الخارجي الذي كان في طرابلس وايطاليا في الانتظار، تيقن قادة الثورة أنه لا يمكن عقد المؤتمر في هذه المناطق لأنه بمثابة إنتحار، لأن المطارات بالدول المجاورة كانت تحت رقابة فرنسا والثكنات الفرنسية بتونس والمغرب». وأضاف أنه بعد الصومام، تأكد أنه لو دخل الوفد الخارجي لكانت تصفية كاملة لكل قيادات الثورة، لأن فرنسا لما تعذر عليها قضية التحاق الوفد الخارجي بالأرض أنزلته من السماء ، أما الحضور فقد حضرت الولاية الأولى بتقاريرها مثلها نائب بن بولعيد، حسب ما نص عليه المؤتمر لأن الأوراس لم يتفق بعد على قائد معين، مشيرا إلى أن من ضمن مهام زيغود التي استشهد من أجلها هي قضية الأوراس. علاوة على حضور المنطقة الخامسة، التي ترأست المؤتمر بقيادة الشهيد العربي بن مهيدي، و المنطقة الثالثة هي التي استضافت المؤتمر والمنطقة الثانية حضرت بأكبر وفد والمنطقة الرابعة حضرت بممثلين وفد سياسي يقوده عبان رمضان ووفد عسكري يقوده عمر أوعمران.