اعتبر فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان دستور 23 فيفري 1989 تشريعا ملائما بالنظر للتحولات التي تمر بها الجزائر مؤكدا أن الوضع الراهن يتطلب إجراءات استعجالية لفائدة الجبهة الاجتماعية مع مواصلة تعزيز الحريات باعتبارها مدخلا هاما للاستقرار الوطني والقضاء على أسباب العنف والتطرف. وقال قسنطيني في تصريح ل«الشعب» أن الساحة السياسية ''بحاجة إلى اعتماد أحزاب جديدة تمارس السياسة بواقعية وفعالية بعيدا عن التطرف الديني والدعوة للعنف والعصيان لأن التجربة التي عرفتها الجزائر تجعلنا حذرين كثيرا من تكرارها''. وطالب نفس المتحدث بالمزيد من التفتح على الحريات ''لأن الديمقراطية لا يجب أن يخاف منها الناس بل يعتبرونها حلا لجميع المشكلات التي تعرقل سير حياة الدول''. ويرى رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الانسان أن تشغيل الشباب وتحسين اوضاع الجبهة الاجتماعية وتطوير الاقتصاد أولوية استعجالية حاليا. وقال في هذا الصدد: ''لنا كامل الوقت للنظر في الأمور السياسية ومراجعتها عكس الشؤون الاجتماعية التي تتطلب العلاج الفوري''. وثمن قسنطيني قرار رفع حالة الطوارئ التي ستكون لها انعكاسات ايجابية على الممارسة الحزبية. واستبعد في سياق متصل مقارنة الحالة الجزائرية بما عاشته مصر وتونس وغيرها من البلدان العربية قائلا: ''أن التجربة الديمقراطية في الجزائر تعيش سنتها ال23 وظروفنا أحسن ومسار الإصلاحات إن كان بطيئا فإنه في الطريق الصحيح'' . جاء تصريح قسنطيني لنا في وقت تمر فيه 22 سنة عن صدور أول دستور تعددي في الجزائر. وسمح الدستور بالتعددية الحزبية وحرية إنشاء الجمعيات والتعددية الإعلامية التي مكنت من ظهور مئات العناوين. وكان ذلك الدستور نقطة تحول عميقة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للجزائر حيث مهد لتغييرات وإصلاحات شاملة. وبالرغم من الظروف الصعبة التي تزامنت مع دستور 23 فيفري 1989 وانطلاق شرارة الإرهاب واصلت الجزائر إصلاحاتها في أجواء اقتصادية خطيرة بعد توقيع اتفاقية ''ستندباي'' مع صندوق النقد الدولي. وهو ما كلف البلاد متاعب كبيرة بعد غلق 1500 مؤسسة وتسريح 400 ألف عامل ناهيك عن اعادة جدولة ديون الجزائر. وكانت للتحولات التي أقرها الدستور أثرا ايجابيا في محاربة الإرهاب والحفاظ على التعددية حيث برزت الأحزاب في فترة التسعينات من خلال الندوات الفكرية والنقاشات الثرية التي جمعت مختلف الأطياف السياسية مع التقاطع في نقطة التنديد بالعنف والإجرام. أعطى هذا الوضع إرادة أكبر للسلطات في دحر الجماعات الدموية. وبالمقابل ساهمت التعددية الإعلامية في التصدي للتطرف ووقفت في طريق أسلحة الإرهابيين ولم تتأثر بعمليات الاغتيال التي مست أكثر من 100 صحافي وتواصل وسائل الإعلام في زمن التعددية مسيرتها لاحتلال المكانة اللائقة في المجتمع والحياة السياسية للحفاظ على المكتسبات والمساهمة في خلق الوعي والتنوير الاجتماعي.