يندرج خيار بعث مسار التصدير خارج المحروقات في إطار إعادة انتشار المنظومة الاقتصادية والتموقع بالتدريج في الأسواق الإقليمية والعالمية، ولعل المعرض الذي صنع الحدث في المشهد المغاربي من البوابة الموريتانية التي أظهرت قدرات ملموسة يمكن البناء عليها، خير دليل على إدراك المؤسسة الجزائرية للرهانات المصيرية التي تحملها عولمة الاقتصاد. وتوفر البنية التّحتية بكل جوانبها اللّوجيستية أرضية ملائمة لكي تنطلق المؤسسة الإنتاجية في رحلة البحث عن مكانة جديدة في أسواق ناشئة افريقية وشرق أوسطية وحتى في بعض محطاتها الأوروبية، وسوف يتعزّز هذا الانتقال إذا ما واكبته المنظومة البنكية الوطنية من خلال الانخراط في مرافقة ذات جدوى تمنح للمتعامل الحقيقي المناعة المالية في مرحلة التواجد في أسواق جديدة، فيها من الطموح والمخاطر ما يستوجب الحيطة والحذر. حقيقة بنك الجزائر يوجد اليوم في ظرف يتميز بصعوبات تعكسها مؤشرات جوهرية أبرزها تراجع احتياطي العملة الصعبة وتدهور قيمة العملة الوطنية إلى جانب جملة عناصر أخرى سلبية يفرزها المحيط في انتظار أن يتم ضبط المشهد المالي لتأمين الاستقرار ومن ثمة توضيح الأفق للمستثمر والمتعامل كي يستطيع التحكم في مشاريعه ويدير بأريحية مختلف تعقيدات العمليات التجارية والاستثمارية. انطلاقا من هذا، يكون حتميا اللجوء إلى اعتماد مقاربة واقعية في مرافقة المصدرين وفقا لمعادلة متوازنة بين متطلبات المهمة ومقتضيات الظرف الصعب، من اجل استعمال عقلاني للموارد المالية بالعملة الصعبة التي تخصص لمشاريع تنتج القيمة المضافة المطلوبة في مواجهة المنافسة التي تزداد حدة في كل مرحلة. أكثر من هذا ينتظر من المتعامل الجزائري الذي ينخرط في رحلة الأسواق الخارجية أن يضاعف الجهود في انجاز عملياته الاستثمارية سواء بالتصدير أو الإنتاج بالشراكة عن طريق جذب اهتمام الرأسمال الأجنبي بمشاريع لها فرص النجاح، على غرار الصيد البحري والصناعة التحويلية للمنتجات البحرية في المثال الموريتاني قصد الذهاب ابعد ما يمكن نحو وجهات أسواق شمال أوروبا أو الأمريكيتين. لكن قبل ذلك، يتطلب نجاح المسعى وتجاوز معوقاته الظرفية بمعالجة الإشكالات المحتملة من خلال حوار الشركاء الدائم، ارتقاء المؤسسة الجزائرية على صعيد دراسة الأسواق والتحكم في المؤشرات والتزام قواعد الاحترافية في مختلف حلقات السلسلة التي ترتكز عليها البنية التنظيمية للتصدير.