تمر 66 سنة على مجازر الإبادة العرقية التي ارتكبتها الدولة الفرنسية من 08 ماي إلى منتصف جويلية 1945 في كل من سطيف خراطة وقالمة وباقي المدن الأخرى من الوطن، الحقيقية لم تكشف بعد، وبشاعة الجرائم التي إرتكبها العساكر، وقطعان المعمرين المسلحين يستمرون في نكرانها عن الجزائريين يومها خرجوا للمطالبة بالإستقلال وبإطلاق سراح الزعيم مصالي الحاج الذي نقل في أواخر أفريل على برازافيل، ويكد تقرير توبير الذي كان على رأس اللجنة التي عيّنها ديغول التحري في مجازر 08 ماي (وهذا لتقرير مازال حتى اليوم حبيس السيرة، ونشر مؤخرا رابطة حقوق الإنسان بطولون ملخصات له في 23 صفحة) زيف الأطروحات الفرنسية خاصة ما يتعلق بأسباب المظاهرات التي أراد بعض المؤرخين الفرنسيين ايضا تحويلها على انتفاضة جوع وفقر، بينما يؤكد تقرير لجنة توبير، وهو أحد مؤسسي لجنة حقوق الإنسان كان جنرالا في الجندارمة الفرنسية وصديقا للحاكم العام شانيتو وللمؤرخ شارل أندري جوليان. وقد أفصح عن محتوى هذا التقرير الذي وقع مقدمته المؤرخ جان بيار بيرليو وبقي طي النسيان لفترة طويلة، وذلك بفضل الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان التي نشرت على موقعها الالكتروني. وإذا كان التقرير تناول «وحشية» القمع ضد الجزائريين باقتضاب إلا أنه رسم صورة عن الوضع الذي سبق حدوث المجازر وتميز بجو مشحون مفعم برغبة الجزائري في التحرر والإنعتاق، التي بدت واضحة بعد تسليم فرحات عباس بيان الشعب الجزائري سنة 1943 وقد تمكن تقرير لجنة توبير، الذي ركز على رفض المعمرين الإصلاحات، من تحديد الوضعية النفسية السائدة في الجزائر قبل الأحداث، كما أشار على المطالبة بتحرير مصالي الحاج زعيم الحركة الوطنية وقائد حزب الشعب الجزائري دافع وطني للمظاهرات. ويؤكد التقرير أن اللجنة قد خلصت على أن العديد من المظاهرات قد جرت في الجزائر بين 01 على08 ماي، وطغى على جميعهما الدافع السياسي، حيث طالب المتظاهرون بإطلاق سراح مصالي واستقلال الجزائر. واقترح محررو التقرير في الأخير «نشر فرق متنقلة لاستعادة الثقة ومنع تكوين جماعات مسلحة وإعداد برامج سياسية واقتصادية واضحة لتطبيقها من طرف السلطات الاستعمارية في الجزائر. ولم يكن بوسع التقرير الإلمام بجميع ما ميز تلك الأحداث المأسوية، بسبب ''تردد'' شانيتو الحاكم العام في الجزائر ما أدى باللجنة إلى استجواب عدد من الشخصيات في الجزائر وجمع المعلومات بسطيف في 25 ماي 1945. وسجل المؤرخ بيرولو الذي كتب أن اللجنة لم تتمكن من التوجه إلى قالمة، حيث ''تواصلت المجازر ضد المدنيين'' إلى ما بعد وصول اللجنة توبير على الجزائر العاصمة، أن اللجنة لم تغادر الجزائر العاصمة حيث مكثت من 19 إلى25 ماي. وتساءل المؤرخ بيرولو في مقدمته لماذا لم تتوجه اللجنة إلى قالمة؟ فكان جوابه، أنه ليس فقط لكون الجنرال ديغول كان يريد انقاد ممثل المقاومة في الجزائر أندري أشياري أحد منظمي الميليشيا الأوروبية وإنما كذلك لأن القمع الذي كانت تقترفه هذه الميليشيا المحلة رسميا، كان في الواقع متواصلا في ڤالمة، حيث استمر إلى غاية ال25 من شهر جوان. وبالفعل، كما أوضح المؤرخ الذي ألّف كتابا حول أحداث ماي 1945بڤالمة، فإن القمع تواصل إلى غاية 25 من جوان اليوم الذي حلّ فيه وزير الداخلية تيكيسي بڤالمة، حيث سقط في ذلك اليوم آخرالقتلى وعددهم أربعة، ولما غادرت تيكيسي المدينة توقفت الاغتيالات. كما كتب بيرليو يقول «في الحقيقة شكل تعيين لجنة توبير تهديدا إستخدمته الحكومة المؤقتة لتوقيف القمع، ولكن هذا الأخير لم يكن ينوي البتة ترك فظاعة القمع تلاحظ فعلا». وفيما يخص مستقبل هذه اللجنة، أوضح بيرليو أن التقرير نسي ولم ينشر وعلى أية حال، لم يعد مسلسل ال8 ماي 1945يهم أحد في فرنسا بعد الثورة في مدغشقر واندلاع حرب الهند الصينية. وأوضح التقرير أن اللجنة توقفت عن العمل رسميا يوم السبت 26 ماي مساءا «فور تلقيها التعليمات للعودة إلى الجزائر». وقد كان جنرال الدرك توبير المقاوم ضد الإحتلال الألماني في فرنسا منذ سنة 1943، عضوا في اللجنة المركزية لرابطة حقوق الإنسان، وعضو في الجمعية الاستشارية المؤقتة في نهاية الحرب العالمية الثانية، وعيّن على رأس لجنة التحقيق حول أحداث 08 ماي 1945، في الجزائر من طرف الجنرال ديغول بطلب من وزير الداخلية تسكيسي. لجنة توبير أنشئت يوم 18ماي 1945، وكان الجنرال توبير عضوا بالمجلس التأسيسي الفرنسي رئيسها والسيد لاباتي محام بمحكمة الجزائر عضوا، والسيد شعيب ولد بن عودة قاضي تلمسان عضوا، وذهبت اللجنة إلى سطيف يوم 25 ماي للاستقصاء ثم عادت إلى الجزائر ولم تتوجه إلى قالمة لأن المجرم المحرك للميليشيات كان المحافظ الإداري أشياري وهو من الديغوليين. مجازر 08 ماي 1945: عندما طالب الجزائريون من فرنسا الإستدمارية الوفاء بوعودها بعد أن شارك الجزائريون في الصفوف الأمامية لجيوش فرنسا وكان عددهم أزيد من 50000 جزائري من خيرة شبابها لتحريرها من النازية، ولكن جزاءهم كان مجازر الهمجية التي أبادت أزيد من 45 ألف جزائري سقطوا برصاص الغدر في ڤالمة وخراطة وسطيف، وغيرها من مناطق الوطن. شهداء 8 ماي 1945: قتلتهم فرنسا وأهملهم التاريخ. حان الوقت للإعتراف قانونيا بمن إستشهدوا في مجازر 8 ماي 1945من طرف الحكومة الجزائرية وثانيا تحضير ملف ورفعه أمام المحكمة الجنائية الدولية أي رفع دعوى بارتكاب ''جريمة ضد الإنسانية'' ومحاولة إبادة عرقية.