مدلسي: تكريس الرقابة البعدية للقوانين وتصفية الإطار القانوني لوح: خطوة متقدمة على طريق تعزيز دولة الحق والقانون تدخل حيز التنفيذ آلية الدفع بعدم الدستورية بداية من مارس 2019، عملا بأحكام دستور العام 2016 الذي حمل خلاصة الإصلاحات السياسية وغيرها، التي بادر بها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ما يكرس تغييرا جذريا في قطاع العدالة، كما أنه يؤسس لأول مرة دور المشارك للمواطن في حماية دستوره. جزم رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي، أن ميزة دخول آلية الدفع بعدم الدستورية التي وقعت في المادة 188 من دستور 2016 حيز التنفيذ، أنها أرست إطارا جديدا لمراقبة القوانين لم يكن معمولا به في السابق، ممثلا في الرقابة البعدية. آلية تسمح وفق ما أوضح مدلسي خلال كلمة ألقاها، أمس، لدى افتتاح أشغال ندوة وطنية حول «الدفع بعدم دستورية القوانين»، للمجلس الدستوري أن يراقب القوانين المطبقة في الميدان بصفة بعدية. وسجل رئيس المجلس الدستوري في السياق، أنه وبفضل آلية الدفع بعدم الدستورية الممنوحة للمتقاضي، فإن المواطن الجزائري أصبح له دور غير مسبوق، إذ أصبح يشارك في حماية الدستور والحفاظ عليه. وإلى ذلك تحدث ذات المسؤول الذي كشف عن تدشين محكمة متخصصة نهاية السنة الجارية، عن تصفية الإطار القانوني الجزائري بعد مرور السنوات الأولى من تطبيق الآلية، ليصبح مطابقا تماما للدستور. وقبل ذلك تناول بالشرح مطولا آلية الدفع بعدم دستورية القوانين ومراحلها، موضحا أنها المادة 188 جاءت حاملة لمفهوم جديد يخص الاستثناء، وأن الحديث عن الاستثناء يقود حتما إلى الحديث عن القاعدة، وهي القوانين المعمول بها والتي تحترم الدستور، وخلص إلى القول إن قضية الاستثناء ليست نظرية وإن الجزائر ستكتشفها، وهنا يأتي دور المواطن. ويتوجه المواطن المتقاضي، والذي يعتقد أن الحكم لا يتماشى مع أحكام الدستور، إلى القاضي ويطلب منه تسليم الملف بصفة غير مباشرة للمجلس الدستوري. ويقوم القاضي بعد دراسة الملف الذي يشترط أن يكون جديا، بتسليمه إلى المحكمة العليا أومجلس الدولة، الذي يأتي برقابة إضافية، على أن يرفع الملف بعد شهرين إلى المجلس الدستوري، الذي يفصل في القضية في مدة 4 أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة فقط بصفة استثنائية، على أن يستشير كل الأطراف من حكومة ورئيس الغرفتين البرلمانيتين. ويعقد المجلس الدستوري جلسة، ثم يجتمع ويقرر إما عدم قبول الطلب، أوقبوله ما يعني إلغاء الإجراءات غير المطابقة للدستور بصفة فورية، على أن يحدد مدة زمنية للحكومة لإصلاح أوإلغاء النص. وذهب وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح في كلمة ألقاها بالمناسبة في نفس الاتجاه، لافتا إلى أن «استعمال هذه الطريقة من طرق الدفع المباشر»، سيتحول المواطن بفضلها «إلى مساهم في تعزيز دولة القانون» وإلى « عين تحرص حقوقه المضمونة في الدستور ذاته»، أي « مساهما إيجابيا في ترسيخ هذه الحقوق وصيانتها واحترامها». ورجح المسؤول الأول على قطاع العدالة، أن يفضي «إدراج النمط من الدفع الذي أوصت به اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة، وكرسه رئيس الجمهورية، في التعديل الدستوري لعام 2016، إلى إحداث تغيرات معتبرة في سير العدالة والمناسبات القضائية». لوح الذي توقع بروز التغيرات بعد الشروع في تنفيذ القانون العضوي الصادر في 2 سبتمبر 2018، الذي يصبح نافذا في السابع مارس من العام الداخل، اعتبر الآلية بمثابة « خطوة أخرى متقدمة على طريق تعزيز دولة الحق والقانون. واستنادا إلى ذات المسؤول، فإن «نوعية النتائج ستكون بقدر ما يوليه القضاة والمحامون من العناية لهذا البعد، بقدر إدراكها لآثاره ولمفعوله الإصلاحي، مؤكدا أن إجادة النظر والتدقيق في فحص ما يثيره المتقاضون، واجب يقع على القاضي. وبالمقابل، فإن وسيلة الدفع - استطرد الوزير - تتيح لأسرة الدفاع « أداة جديدة للدفاع عن الحريات العامة»، كما أنها «وسيلة سهلة البلوغ»، إلا أنها «ذات قوة قانونية كبيرة يتعين تقدير آثارها» على اعتبار أنها قد تؤدي إلى «إلغاء نص تشريعي ساري المفعول». «الإصلاحات وتراكم الإنجازات تجعلنا نمضي بخطوات واثقة» ولم يفوت المناسبة للتذكير، بالرهانات التي كان على الجزائر تجاوزها قبل بلوغ هذه المحطة، وكذا التحديات «أبرزها ما أصاب البيئة التوطينية لهذا الاتجاه، من إعاقة وتعطل خلال العشرية السوداء»، مرحلة لا مجال للحديث فيها عن المكاسب. وعرج على السياسة التي بادر بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، التي تم تنفيذها «جنبا إلى جنب مع تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، والعودة إلى القيم العريقة للتسامح والحوار»، والتي «ساهمت في عودة الاستقرار والأمن». اليوم وبعد تجاوز كل تلك المراحل - أضاف الوزير لوح - «نمضي بخطوات واثقة معتمدين على قاعدة تراكمية من الإصلاحات والمكاسب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تحققت وفتحت آفاقا جديدة من المواصلة والتقدم». وقال في السياق؛ إن «الدفع بعدم الدستورية رافد آخر لنشر الثقافة الدستورية بين المواطنين، وذلك بإدراج مسائل الحقوق والحريات في صميم العمل القضائي، وتكريس سموالمبادئ الدستورية على القانونية، مذكرا أن المجلس الدستوري سيظل «مؤسسة منفصلة ومستقلة... يختص في النظر في النزاعات الدستورية، ويؤول له بصفة حصرية تفسير الدستور»، وبأن الخبرة تظهر بوضوح الفواصل الدقيقة بين صلاحيات المؤسسة الدستورية والسلطة القضائية. وخلص إلى القول، إن الوصول إلى هذه الدرجة من التقدم في المبادئ الدستورية، وفي الحركة التقنينية «نابع من النظرة العميقة لنوعية التوجهات وطبيعة المسالك التي حددها رئيس الجمهورية، لعبور الأزمة، والانتقال إلى واقع وطني جديد، بحزمة من الإصلاحات لتحصين البلاد وسد كل ثغرات تسرب عوامل الضعف والوهن. ممثل برنامج الأممالمتحدة للتنمية بالجزائر من جهته، كشف عن برنامج دعم لتعزيز قدرات القضاة والمحامين في تطبيق آلية الدفع بعدم الدستورية. للإشارة، فإن أشغال الندوة التي تم تنظيمها بالشراكة مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي تختتم نهار اليوم.