تولي الجزائر أهمية كبيرة في حماية تراثها المادي وغير المادي الذي يجسد هويتها الوطنية وتاريخها الضارب في أعماق الحضارة، وفي هذا الصدد تسعى الدولة إلى العمل على حماية هذا التراث وتأمينه من المخاطر المحدقة به سواء الطبيعية أو البشرية، كونه يتعرض إلى التخريب والتهريب.. وهو الأمر الذي استوجب تظافر الجهود لحماية ذاكرة الأمة، بين وزارة الثقافة ومختلف المؤسسات الأمنية والاقتصادية من أمن ودرك وجمارك وتكوين أفراد في مجال حماية التراث الثقافي، حيث أن هناك أكثر من 500 موقع ومعلم أثري صنفوا تراثا وطنيا منها 7 أدرجت ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو هي تيمقاد، الطاسيلي، تيبازة، جميلة، قلعة بني حماد، واد ميزاب والقصبة.. إلى جانب المواقع والمعالم التي لم تصنف بعد، كما تحتوي المتاحف الجزائرية على مجموعات من بقايا أثرية أدوات الصناعات التقليدية وتحف فنية كلها ذات قيمة لا يستهان بها في ميادين علم الأثار، التاريخ، الفن... وفي إطار التعرف على الجهود المبذولة لحماية التراث وما تم استرجاعه من أثار، كانت لنا جولة بمقر قيادة الدرك الوطني بشراقة، حيث وقفنا على الجهود المبذولة من طرفها، أين تم إنشاء في إطار مكافحة المساس بالممتلكات الثقافية والمواقع الأثرية 07 خلايا على مستوى القيادت الجهوية لوهران، ورقلة، قسنطينة، تمنراست، و03 خلايا في ولايات أدرار، سوق اهراس، وتيبازة. استرجاع ميداليات عليها صور النبي عيسى عليه السلام والسيدة مريم تمكنت هذه الخلايا من تحقيق العديد من النتائج، حيث شاركت رفقة الوحدات الاقليمية في اكتشاف العديد من المواقع الأثرية واسترجاع قطع ثمينة، حيت تمكنت في 08 جانفي الفارط من تفكيك عصابة مختصة في تهريب وبيع الأثار القديمة بولاية تبسة، واسترجاع تمثالين فرعونيين نادرين، إلى جانب شمعدان عليه شعار يهودي، والعشرات من القطع النقدية القديمة أغلبها فينيقية تحمل صورا لملوك وأمراء ما قبل الحقبة الرومانية وميداليات رسمت عليها صور النبي عيسى عليه السلام والسيدة مريم، حيث أنه وإثر معلومات كانت بحوزة فصيلة الأبحاث للدرك الوطني بتبسة حول وجود شبكة مختصة في استخراج والمتاجرة بالقطع الأثرية النادرة، وبعد البحث والتحري تم تحديد هوية أحد أفراد العصابة ويتعلق الأمر بالمسمى ش.ص، وبعد تتبعه تبين أنه بصدد بيع قطع أثرية نادرة من المعدن الأصفر، أين ضبط بالخرجة الغربية لمدينة تبسة طريق قسنطينة، وتم توقيفه من طرف عناصر دورية الدرك وبعد تفتيشه عثر بحوزته داخل كيس بلاستيكي على قطعة أثرية من المعدن الأصفر بها رأسين من بينها رأس فرعوني بقاعدة مصنوعة من المعدن الأصفر، وحاملة الشموع مزركشة مصنوعة أيضا من المعدن الأصفر تقدر قيمتها المالية ب100 مليون سنتيم. كما تم في 20 سبتمبر2009 توقيف 03 أشخاص على متن سيارة “ماروتي” بحوزتهم تمثال مصنوع من البرونز ومبلغ مالي بقيمة 300 مليون سنتيم. “و66 قطعة أثرية بمدينة سكيكدة” كما تم استرجاع 66 قطعة أثرية بمدينة سكيكدة، حيث قامت فرقة الدرك الوطني بحمادي كرومة في 9 أوت 2009 باكتشاف قطع أثرية قيمة من النحاس والفضة والذهب بمنزل أحد الأشخاص، 10 ثماثيل خاصة بالحيوانات، 8 تماثيل خاصة بالأشخاص، 3 مزهريات، 10 شمعدانات، تحف فنية خاصة و23 لوحة زيتية. “استرجاع تماثيل لآلهة رومانية” وفي 31 أكتوبر 2010 بإقليم بلدية “مجاز الصفاء” بمدينة قالمة بناء على معلومات مؤكدة، كانت متابعة من طرف عناصر الكتيبة الاقليمية للدرك الوطني ببشقوف تفيد بقيام مجموعة من الأشخاص بالمتاجرة بقطع أثرية، قام دركيين بنصب خطة للإيقاع بهذه الشبكة، أين تم توقيف سيارة من نوع “شفرولي أفيو” على متنها 03 أشخاص، حيث تم العثور على 66 قطعة نقدية “مسكوكة” ونصف مسكوكة منها 24 قطعة نقدية مسكوكة تعود إلى الحضارة الإسلامية القديمة، ونصف قطعة مسكوكة من نفس الحقبة غالبيتها من الحجم الكبير، إضافة إلى ذلك تم استرجاع 42 قطعة مسكوكة معدنية تعود إلى الحقبة الرومانية مختلفة الأحجام موضوعة بصندوق صغير خشبي يعود إلى نفس الحقبة، 3 جرات مصنوعة من الفخار إحداها تحتوي على مسحوق أصفر من المحتمل أن يكون ذهب بوزن 1 كلغ. كما تمكنت ذات الكتيبة من استرجاع إناء مصنوع من الخزف الأسود على شكل رأس إمرأة، و7 تماثيل متوسطة الأحجام وهي: تمثال لشخصية رومانية تمثل آلهة رومانية، تمثال معدني لشخصية تمثل آلهة إمرأة رومانية، تمثال معدني لشخصية تمثل ملكا رومانيا، تمثالين معدنيين لقائد حربي روماني، إضافة إلى مجسم لعربة معدنية رومانية مجرورة بحصانيين على متنها قائد حربي روماني، تمثال رخامي أبيض قف على شكل رأس إمرأة تمثل ألهة للعهد الروماني، قنديل معدني روماني. “الجزائر متحف أثري على الهواء الطلق” تعد الجزائر متحفا أثريا على الهواء الطلق حيث تتنوع بها المناطق الأثرية منها المحمية وغير المحمية المنتشرة عبر مساحة هي الأكبر في العالم من الشمال الجزائري مرورا بمناطق الوسط وحتى الصحراء، وما تحتويه من موروثات أثرية وتاريخية مرتبطة بحقب تاريخية زاخرة من حيث الكم والنوع. ويبقى ما تطرقنا إليه عينة فقط مما يتعرض له التراث الثقافي من تخريب ونهب وتهريب، على يدي شبكة مختصة ليس لها هدف سوى القضاء على الهوية الوطنية وذاكرة الجزائر، حيث تعتبر هذه الآثار شاهدا حيا على تعاقب الحضارات بالجزائر وشاهدا على تاريخها الذي يحكي أصالة وعراقة هذا الوطن الذي نهب أثريا، سيما خلال العشرية السوداء، إذ تم تهريب العديد منها خارج الوطن لتقع بين يدي الأنتربول، وتمكنت الجزائر بعد تعاونها مع هذا الأخير استرجاع في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة قبل أعوام 05 رؤوس أثرية لبعض الرموز والشخصيات الرومانية سرقت من متحف سكيكدة سنة 1996 من بينها رأس الإمبراطور الروماني “مارك أورال” كانت معروضة للبيع في المزاد العلني في المدينةالأمريكية. هدى بوعطيح