ان فتح بلدة منبج وتحريرها من عناصر التنظيم الارهابي «داعش» وبقايا الجيش الحر، مكن الجيش العربي السوري قواته من بسط نفوذها على مداخل المدينة ومخارجها، كما سيطر على سد تشرين الاستراتيجي، بعد احتلاله من طرف التنظيمات الارهابية نهاية 2015، وبقاءه تحت سيطرتها إلى غاية تحرير الرقة وحلب، وتحريره نهائيا من هذه العناصر المسلحة خاصة «جبهة النصرة الارهابية»، ويعتبر «سد تشرين» من بين أهم السدود الكبرى في سوريا، فهو مصدرا مهما وأساسيا لتوليد الطاقة الكهربائية في حلب، لأنه يطل على نهر الفرات، الذي تفصله عن المدينة المحررة جنوبا حوالي ثلاثين 30 كلم، وعن حلب بحوالي 115 كلم شرقا، يأتي الاتفاق مع ميليشيات قوات سوريا الديمقراطية «قسد سمي «باتفاق منبج»، ويكمن انتشار عناصر الجيش ضمن مخطط مسبق واتفاق مبدئي مع الجيش الامريكي الذي لاتزال بعض قواعده بالمنطقة ، تحسبا لأي هجوم تركي قد تبادر به تركيا ضد أكراد البلدة. فيما تبقى المساعي قائمة لعودة التمثيل الدبلوماسي الى سوريا ، فان الدعوات الى ذلك تطفو على المشهد الدبلوماسي ، حيث يتولى القائمون بالأعمال في بعض السفارات العربية دعوة نظرائهم للالتحاق بدمشق ، مثلما هو الشأن مع الاردن ، فيما تتوقع الكويت اعادة فتح العديد من السفارات العربية لمكاتبها بدمشق ، ثم الانفراج في العلاقات الخليجية العربية مع سوريا. اعادة فتح الممثليات الدبلوماسية بداية لانفراج سياسي اقليمي ودولي لم تنتظر دولة الامارات العربية المتحدة موعدا محددا لإعادة فتح ممثليتها الدبلوماسية بدمشق ، بل سارعت للحسم في ذلك ، خاصة وان المرحلة القادمة من العلاقات الدبلوماسية ستكون اكثر نعومة من سابق عهدها ، ويبدو انتصار سوريا على الارهاب وإحباطها لمخطط دول الشر ، أعاد نوعية القراءات للأشياء ، تغيرت تلك النظرة تجاهها ، كبلد مقاوم ظل يستمد قوته من ايمانه بقضيته ، ومساعيه الدبلوماسية وحجم النجاحات التي حققها على اكثر من صعيد . ان فتح سفارة الامارات العربية المتحدةبدمشق بعد حوالي سبع سنوات من غلقها ، وقطع العلاقات بينهما ، جاء ليؤكد ان تلك المناوشات والاحتجاجات التي اعقبت غلق القنصلية سنة 2011 ، لم تتسبب في نزاع بين البلدين ، انما هناك بعض التحفظات تصنعها الظروف السياسية والأمنية ، وأحيانا تتحكم فيها ، لكن هذا لا يمنع من معاملة مساعي ، العمل الدبلوماسي من اذابة الكثير من العقبات الثنائية بين البلدين ، كما حرص البلدين على اعادة العلاقات الى مسارها الطبيعي ، وتجنب بعض التدخلات الاقليمية في الشأن السوري .وقد اكد القائم بالأعمال الاماراتية مباشرة ، مهامه ، وحتى وان كان هؤلاء الاداريون الذين يباشرون مهامهم ، منحت لهم الصفة الدبلوماسية ، فان الاهم هو ان تذوب تلك القطيعة ، وتنخرط في رسم خارطة جديدة بينهما في اطار التعاون المشترك . وما يدعو الى التفاؤل فان الخط التجاري بدأ عمله باكرا ، من خلال «ارسال اول قافلة تجارية إماراتية نحو سوريا ، محملة بالسلع من ميناء جبل علي والمنطقة الحرة في دولة الإمارات مرورا بالسعودية والأردن إلى سوريا وصولا إلى لبنان البحرين على خطى الامارات وقائمة الدول المرحبة يرتفع لم تنتظر البحرين طويلا ، حتى راحت هي الاخرى تعلن استئناف العمل بمقر سفارتها بسوريا ، ونفس الامر لسفارة دمشق بالمنامة ، رغم ان الرحلات الجوية بين الدولتين لم تنقطع يأتي هذا القرار مباشرة بعد اعلان الامارات اعادة فتح مكتب سفارتها بسوريا بعد انقطاع دام سبع سنوات ، ومباشرة بعد قرار ترامب بسحب قواته من اراضيها ، ويأتي حرص مملكة البحرين على استمرار العلاقات مع سوريا وتعزيز الدور العربي وتفعيله من اجل الحفاظ على استقلال سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها ومنع مخاطر التدخلات الإقليمية في شؤونها الداخلية». وهو مااكده وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد «سوريا بلد عربي رئيسي في المنطقة لم ننقطع عنه ولم ينقطع عنا رغم الظروف الصعبة»، وأضاف «نقف مع سوريا في حماية سيادتها وأراضيها من اي انتهاك وفي اعادة استقرارها وتحقيق الأمن». فيما تبقى المساعي قائمة لعودة التمثيل الدبلوماسي الى سوريا ، فان الدعوات الى ذلك تطفو على المشهد الدبلوماسي ، حيث يقوم القائمون بالأعمال ، في بعض السفارات العربية لدعوة نظرائهم الالتحاق بدمشق ، مثلما هو الشأن مع الاردن ، فيما تتوقع الكويت اعادة فتح العديد من السفارات العربية لمكاتبها بدمشق ، ثم الانفراج في العلاقات الخليجية العربية مع سوريا وحسب أبو الغيط فان القمة العربية تأتي في مرحلة تستلزم «العمل على إعطاء الزخم اللازم لخلق قوة دفع جديدة للعمل العربي المشترك «، ان كانت الكثير من الدول العربية لم تكن لديها الرغبة في قطع العلاقات الدبلوماسية الفردية مع سوريا، وأن الموقف الذي اتخذ كان من قبل الجامعة العربية بتعليق مقعد دمشق، في نوفمبرسنة 2011، نتيجة لضغوط عدة مارستها دول عربية، على خلفية الموقف من الصراع الدائر في سوريا ، ولهذه الاسباب أغلقت دول عربية عدة سفاراتها في دمشق، أو قللت علاقاتها مع الحكومة السورية، ولكن دعوات عدة برزت في الأشهر الأخيرة لاستئناف العلاقات واستعادة سوريا في جامعة الدول العربية. التسابق في احتلال المواقع والانسحاب النهائي ليس غدا الانسحاب العسكري الامريكي من المنطقة يخيم على المشهد الامني والسياسي في سوريا ويربك تركيا أكثر، لما له من انعكاسات جيوسياسية ، وخلط اوراق الاقليات من الاكراد والقبائل الموالية لها على الحدود المشتركة بين البلدين ، اضافة الى ان هذه الاقليات التركية تم تسليحها في اطار التصدي الى التنظيم الارهابي «داعش « ، منذ بداية الازمة السورية والانفلات الامني بها ، ما يستوجب الان تغيير اوراق الفاعلين ، بعدما انصب الامر الى فكرة الانسحاب التدريجي ثم النهائي لقوات الشر على رأسها الولاياتالمتحدةالامريكية . تركيا وان كان ليس في مصلحتها اليوم هذا الانسحاب ، فهي تعيش هذا المخاض والعرقي منذ زمن ، ولكن تأثيراته ستكون وخيمة بعد هذا التراجع للقوات الامريكية ، مما يسهل للجيش العربي السوري التخندق في المواقع والانتشار الشامل على طول الحدود وحتى على الاراضي التي تدير القوات التركية هيئة أركانها منذ تحررها من الدواعش الارهابية في دير الزور، وعلى حسب الرئيس التركي اردوغان فأن وجود قواته يعني اعادة حرية العرب والاكراد ، لان تركيا تعتبر أمن وسلامة العرب فى سوريا قضية تخصها، مؤكدا أن أنقرة لن تترك الأكراد السوريين تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية. عكس المعارضة المدعومة من انقرة التي عززت تواجدها قرب منبج ، وهو تلويح باجتياح الشمال السوري للقضاء على الاكراد ، بما ان بلاده لا تزال تتواجد على الاراضي السورية ، إلا ان وحدات حماية الشعب الكردية من جهتها قالت بأنها لن تتخلى عن السلاح قبل تحقيق التسوية النهائية للازمة السورية ، لأنه في نظرها الحرب ضد الارهاب و داعش لا تزال مستمرة . قرار ترامب المفاجئ جلب ردود افعال اقليمية ودولية ،بما في ذلك الادارة الامريكية، واشنطن تعتبر وجودها العسكرى فى سوريا أمرا ضروريا خدمة لمصالحها، اوضح بشأن القرار احد كبار المسؤولين في البنتاغون بإنه «ما زال الكثير من المهمات والعمليات التي ينبغي القيام بها في سوريا وخصوصا ضد الدولة الاسلامية داعش الارهابي «، حتى وان برره ترامب على انه التزام تعهد به امام انصاره خلال الحملة الانتخابية . القوات الامريكية شرعت فعلا في مغادرة الاراضي السورية من مناطق ريف دير الزور الشمالي الشرقي باتجاه الحسكة نحو معبر «سيما لكا « بإقليم كردستان شمال العراق ، لكن في المقابل قامت الادارة الحربية الامريكية بتعيين موفد جديد لدى التحالف الدولي بسوريا وهو جيمس جيفري خلفا بريت مكغورك الذي استقال من منصبه ، مباشرة بعد قرار ترامب بسحب قواته . تخوفات مشروعة وعودة النازحين يساهم في اعادة التعمير بدأت قوافل النازحين تتدفق على المدن الداخلية ، خاصة على شرقي الفرات بريف دير الزور الشرقي ، بعدما ادرك هؤلاء ان الانسحاب الامريكي صار حقيقة وهم يشاهدون الارتال والمركبات الحربية تجر بعضها بعضا ، إلا ان هناك بعض التخوفات اظهرها البعض من ما تبقى من المهجرين ،في عودة واندلاع مواجهات بين كافة الاطراف هناك . اشار المرصد السورى لحقوق الإنسان في نشرية تضمنت عودة النازحين جاء فيها « ان عشرات السيارات تقل نحو 4000 شخص من المسنين والأطفال والنساء خرجت من أطراف جيوب تنظيم داعش الإرهابى عند الضفاف الشرقية للفرات، مؤكدا أنه جرى نقلهم إلى حقل العمر النفطى الذى تتواجد فيه قاعدة للتحالف الدولي ومواقع أخرى بعيدة عن خطوط ألجبهة ليجرى توزيعهم لاحقا على مخيمات تحت سيطرة قوات سوريا ألديمقراطية ، تحسبا لأي تهديد قد يأتي في خضم تواصل عملية ألإجلاء خاصة من طرف بعض بقايا مااسمتهم الجهات الرسمية بالمعارضة المسلحة التي لم يتبق لها أي مجال للتحرك امام حشد قوات الجيشين التركى والسورى فى المنطقة التي تعد الاكبر من نوعها منذ سنوات . ولعل ابرز فشل عرفته من تسمي نفسها المعارضة المسلحة مصحوبة ببقايا داعش الارهابي ، محاولتها فرض قبضتها على مدينة هجين بريف دير الزور الشرقي، باعتبارها اخر معاقل تنظيم داعش الارهابي ، مستعملة في ذلك الاسلحة الثقيلة ، لكن العملية فشلت ،بعد المقاومة والتصدي اللذين فرضتهما القوات السورية النظامية و فرق المقاومة الكردية ، المعارك وان استمرت الى عشرة ايام إلا انه تم تحريرها من المرتزقة نهائيا ، فيما تبقى كل من مدن السوسة ، الشعفة ،الباغور ، البو حسن و البوخاطر تحت سيطرة التنظيم الارهابي داعش، وتقع جميعها في ريف دير الزور.