أكد محافظ بنك الجزائر السيد محمد لكصاسي ان السياسة النقدية للبنك ترتكز بالدرجة الاولى على محاربة التضخم من خلال امتصاص الفائض في السيولة النقدية، الذي انعكس ايجابيا على مستوى التضخم وتراجعه الى معدلات مقبولة واقل من التوقعات المقدرة لسنة 2011 ب 4٪. خلال الندوة التي نظمها بنك الجزائر، اول امس قدم لكصاسي بمعية اطارات في البنك عرضا شاملا عن السياسة النقدية والتضخم في الجزائر وارقاما تفصيلية عن تطور ظاهرة التضخم خلال السنوات القليلة الماضية، التي بلغت مستويات قياسية في سنة 2009 بنسبة 5،7٪ مقابل 4،8٪ في سنة 2008. لتتراجع بصفة تدريجية من 5،41٪ خلال السداسي الاول من العام الماضي الى 3،91٪ في السداسي الثاني من نفس السنة، وهو نفس المعدل المسجل في المتوسط خلال الثلاثي الاول من سنة 2011، رغم التباينات الشهرية حيث تراجع في شهر مارس، على سبيل المثال الى 3،7٪ فقط. ونظرا للارتباط الوثيق بين مستوى التضخم الذي يترجم بارتفاع الاسعار والقدرة الشرائية، فان بنك الجزائر وضع من بين احد اهم اولياته العمل على تفادي اية انزلاقات بين الظاهرتين من خلال الانتقال من الدور الكلاسيكي المتمثل في منح القروض فقط الى وضع ميكانيزمات للتحكم في فائض السيولة، وبالتالي خفض التضخم الى المستويات الحالية التي لا تبتعد كثيرا عن تلك المسجلة في بعض الدول الناشئة، مثلما يؤكد على ذلك محافظ البنك، الذي توقع بالنسبة لسنة 2011 تطورا في الكتلة النقدية بنسب تتراوح ما بين 13٪ الى 14٪ وزيادة في منح القروض الموجهة للإقتصاد بما يتراوح 16،5٪ الى 17،5٪ والاستمرار في عملية امتصاص الفائض في السيولة. مراقبة ظاهرة التضخم عن طريق التنبؤ، تتطلب استعمال نماذج اقتصادية قياسية، وهي السياسة التي اعتمدها البنك منذ سبتمبر 2009، حيث قدم السيد رياض منصوري نائب مدير في بنك الجزائر عرضا شاملا حول النموذج المعتمد، الذي افرز نتائج تشير الى اسباب التضخم التي تعود بالدرجة الاولى الى الكتلة النقدية (م 2) خارج ودائع سوناطراك وخارج الودائع بالعملة الصعبة وذلك بنسبة 62٪، يأتي في المرتبة الثانية التضخم المستورد بنسبة 22٪، ثم معدل صرف العملة المحلية امام العملات الاجنبية ب 9٪ واخيرا مؤشر اسعار الخضر والفواكه في اسواق الجملة ب 7٪. وامام الانتقادات التي وجهها مختصون في المالية حول النموذج المعتمد، قال منصوري ان هذا الاخير قدم نتائج مرضية، وبرهن على صلابته وان التضخم في الجزائر تراجع بفضل امتصاص الفائض الموجود في السوق النقدية ما بين البنوك، بالاضافة الى لجوء السلطات العمومية، لوضع جزء من الادخار الوطني في صندوق ضبط الواردات، مما ساهم في تقليص فائض السيولة، الذي قدره الاطار السابق في بنك الجزائر والاستاذ الجامعي حاليا في جامعة بسكرة السيد غوفي عبد الحميد ب 2000 مليار دج من بين اجمالي السيولة المقدرة ب 5000 مليار دج، منها 3000 مليار دج تقريبا تمثل قروضا موجهة للاقتصاد، في حين ان بنك الجزائر وفي احدث تقرير احصائي قدر ب 2549،7مليار دج في نهاية العام مقابل 2447،4 ملياردج في سنة 2009 حجم السيولة الموجودة على مستوى البنوك، المختصون في المالية اختلفوا حول حجم الفائض في السيولة، لكنهم اتفقوا على وجود سيولة كبيرة خارج النظام المصرفي عموما، وعلى ضعف القروض الموجهة للاقتصاد وغياب المنافسة بين البنوك ومحدودية التسهيلات الممنوحة في اطار تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وضعف استعمال الصكوك البنكية وغيرها من النقائص التي لا تزال تميز النظام المصرفي، مثلما لخصها الاستاذ الجامعي السيد غوفي والتي قد تكون محور ندوة اخرى وعد محافظ البنك بتنظيمها لاحقا. هذا الاخير الذي لم يخف اقتصار دوره بالاساس على تقليص التضخم، او كما قال احد المتدخلين «لعب دور المطافىء» لكنه نفى في نفس الوقت ما اعتبره متدخل آخر التنسيق بين المؤسسة المالية التي يرأسها والمؤسسات او الهيئات العمومية الاخرى بما فيها وزارة المالية او الديوان الوطني للاحصائيات الذي يعتمد على الارقام التي يوفرها في السياسة المنتهجة من طرف البنك. ومن جهته اعتبر عبد الرحمان خالفة، رئيس جمعية البنوك والمؤسسات المالية ان مهمة محاربة التضخم تقع على عاتق بنك الجزائر من اجل المحافظة على القدرة الشرائية، نافيا ان يكون السبب الاساسي في زيادة التضخم، ارتفاع كتلة الاجور ا لتي ستؤثر على الظاهرة اذا لم يقابلها تشجيع الانتاج الوطني، من اجل تقليص الاعتماد على السلع والبضائع المستوردة وبأسعار تضخمية.. اما الدروس التي استخلصت خلال الندوة من اجل دعم سياسة محاربة التضخم، فقط لخصها محافظ البنك في بلوغ هدف التضخم المرن بالاعتماد على ما ورد في اجراءات اوت 2008 واستقرار الاسعار لدعم السياسة النقدية والتسيير الحذر لسعر الصرف.