أرضية إتفاق وإختلاف على نقاط تفضيلية لمستها في لقائي مع أطراف معارضة وموالاة المتظاهرون تصرفوا بنضج كبير والإنزلاق نحو الخطر أمر وارد قال الدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي، إن الجزائر أمام منعرج كبير جدا بمثابة «فرصة ذهبية» في إشارة إلى الندوة الوطنية الجامعة، إذا ما استغلها الجزائريون بقطع «الخطوة الصحيحة في الألف ميل بسرعة وبدون تسرع»، معترفا أن «الأخطار حقيقية وكثيرة»، وشدد على ضرورة توخي الحذر «لأنه في الداخل والخارج يوجد من يتربص بهذا البلد وأهله» وذلك بعدم ترك أي ثغرة. أكد الإبراهيمي لدى استضافته من قبل التلفزيون الجزائري على القناة الثالثة، أنه «متفائل وسعيد» بالنظر إلى المسؤولية التي تحلى بها الشباب وانضباط من قبل الأعداد الهائلة من المشاركين في المظاهرات السلمية»، الذين تصرفوا حسبه ب«نضج كبير»، لكن في نفس الوقت لم يخف «تخوفه»، جازما أن «الانفلات والانزلاق إلى الخطر وارد». التظاهر يلفت النظر إلى المشاكل ولا يحلها وبالنسبة للابراهيمي الذي أكد أن «المسيرات السلمية الحضارية أبهرت الجزائريين والخارج على حد سواء»، وأن الشباب والأقل سنا رفعوا شعارات فيها أدب واحترام ولم تتجاوز الحدود إلا نادرا»، والأمر وإن كان مفرحا إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه الآن في الوقت الذي يوجد فيه مئات الآلاف في الشوارع طول الوقت «إلى أين نحن ذاهبون؟»، وقد يتوغل فيها دخلاء يؤثرون عليها سلبا، وخلص إلى القول إن التظاهر يلفت النظر إلى المشاكل ولا يحلها. واعتبر ذات المتحدث أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تجاوب كليا مع المطالب المرفوعة خلال المسيرات، في مقدمتها عدم الترشح لعهدة خامسة، مبديا تفاؤله لتفاعله الإيجابي ومؤكدا أن التغيير الجذري ضرورة، تفاؤل عبر عنه الجزائريون الذين خرجوا بطريقة عفوية إلى الشوارع، بعد قراءة رسالة الرئيس واطلاعهم على القرارات السبعة، قبل أن يأتي أناس آخرون في إشارة إلى الرافضين كان لهم رأي آخر وهو أمر طبيعي حسبه. وفند الدبلوماسي بشكل قاطع «الشائعة التي مفادها إيفاد طائرة لتقله إلى الجزائر»، مصنفا إياه في خانة «الكلام الفارغ والظلم الشديد وغير مسؤول» وأنه «افتراء وكذب»، مؤكدا أن علاقة قديمة تجمعه بالرئيس بوتفليقة الذي يعتبره «صديقا وزميلا عملنا سويا» وأنه كلما يحل بالجزائر يطلب مقابلته، وأن الرئيس يستقبله أحيانا وليس دائما»، وقال في السياق، إنه جاء إلى الجزائر لأن البلد في وضع خطير يدعو إلى التفاؤل والخوف في نفس الوقت، وبلغة صريحة قال «أنا رجل طاعن في السن أبلغ 85 سنة، متقاعد، هذا كله صحيح لكن أنا قبل كل شيء مواطن جزائري أريد أن أسمع أن أعرف أن أعبر عن رأيي حتى وإن كان عمري 85 سنة». صوته خافت جدا... واسترجع قوته الذهنية بنسبة 100٪ ولأنه رأى رئيس الجمهورية سأله منشط الحصة عن حقيقة وضعه الصحي فكان جوابه «أمام 44 مليون جزائري أقول لست طبيبا، لكن جلست معه مطولا، صوته منخفض جدا ولا يسمع في خطاب على التلفزيون أو أمام الملأ، لكنه استرجع قوته الذهنية بنسبة 100٪»، مذكرا أن ما تسرب عن تقريره الصحي أكد أن وظائفه الأساسية سليمة»، فرصة لم يفوتها ليشير إلى أولئك الذين يوجهون له انتقادات عندما يتطرق إلى الوضع الصحي للرئيس ويعقبون عليه «هل أنت طبيب؟ وما دخلك في المسألة». وفي معرض رده على سؤال يخص سقف مطالب الشعب الجزائري، حرص على التذكير أنها بدأت بالمطالبة بأن لا تكون عهدة خامسة، لكن رفعوا هذا السقف ليكون تغييرا شاملا وجمهورية جديدة أو ثانية»، معتبرا أن «المطلبين مبرران، فلا داعي حقيقة لعهدة خامسة، كما أن التغيير الجذري مطلوب فاتحا قوسا ليذكر فيه أن «الجزائر مرت بعديد المنعطفات والمراحل والأزمات منذ الاستقلال، لم نوفق في التعامل مع البعض منها فيما يخص التغيير»، لافتا إلى أن الأمر يتعلق ب»منعطف كبير جدا هذه المرة لابد أن لا نخطئ، ونمشي في الطريق الصحيح من أجل الوصول إلى الجمهورية الثانية، لكن لا بد أن نعرف أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة لا بد أن تكون على الطريق الصحيح». وفيما يخص القرارات المتخذة من قبل الرئيس بوتفليقة، اعتبر الإبراهيمي أن الأخير «قدم ما عليه» وقال «أنا راحل حضروا الظروف لتحقيق التغيير الجذري» وذهب إلى أبعد من ذلك بجزمه بأنه «لا يريد أن يشارك في بناء الجمهورية الثانية لأنها موجهة إلى الأجيال القادمة، ولأن المهمة أسندت أساسا للندوة الوطنية الجامعة، مؤكدا أنه لن يتوانى في الاستجابة إذا طلب منه شيء في الأسابيع القادمة. وعرج على المنعرجات الحاسمة التي فوتتها الجزائر لإحداث التغيير المطلوب ذكر منها 1962 و 1965 والتعامل مع الوضع بعد وفاة الرئيس الراحل هواري بومدين وكذا مظاهرات 1988، مشددا على ضرورة عدم تفويت السانحة بتحويل المشكلة إلى فرصة الذهبية من خلال الخطوة الصحيحة، وعدم هدم بيت الجزائر على رؤوس أبنائها. لا للمجلس التأسيسي... لأن الجزائر لها مؤسساتها لابد من حوار حقيقي والمحاولة الجادة للبحث عن القواسم المشتركة أضاف يقول الإبراهيمي الذي رد بكل هدوء ورصانة على الانشغالات المرفوعة، وتفادي الأخطاء المرتكبة في الماضي البعيد والقريب بسبب حوار لم يكن في المستوى، مقرا أنه التقى بطلب منه أو من طرف الآخرين بالمعارضة والشباب والأساتذة، وأن هناك إجماع حول أمرين وهما «لا للانتخابات، ولا لعهدة خامسة»، كما تطرق إلى مطلب لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال المتعلق بالمجلس التأسيسي، مطلب رفعه قبلها الراحل حسين أحمد، مقترح يرفضه تماما لأن الجزائر دولة بمكوناتها ومؤسساتها وجيشها وأمنها وقضائها وجامعاتها لا يمكن إلغاؤها بأي حال من الأحوال، لكن يتم استدراك الأخطاء بالمقابل. وكان الدبلوماسي المحنك يعود في كل مرة إلى الحوار باعتباره الخطوة الموالية والسبيل الأنجع لتجسيد مطلب التغيير الجذري، الذي يرتبط بالاستماع إلى الآخر في حوار حقيقي، لاسيما وأنه «وصلنا إلى توافق بخصوص الانتخابات والعهدة الخامسة، ماذا نفعل؟ اقترح الرئيس ندوة الوفاق الوطني فبعد المسيرات تأتي مرحلة الحوار، والجلوس مع بعض في طاولة تتسع للرأي والرأي المخالف»، وبالنسبة له فإن الحديث عن إسناد رئاسة الندوة لشخصه كلام فارغ، مؤكدا أن رئيس الندوة يختاره أطرافها لأنه لا بد أن يحظى باحترام الجميع، نافيا بشكل رسمي تعيينه، مقرا أنه لن يرفض إذا ما تم اللجوء إليه لأن الأمر يتعلق ببلده، وإن أعرب عن أمله في إيجاد شخصية امرأة أو رجل أفضل منه لإدارتها، لأنه «تكليف وعبء كبير». الخلاف ليس عميقا... والتعديل الدستوري لابد أن يأخذ الوقت الكافي فيما يخص الأرضية فستتمحور حول التغيير الجذري المؤدي إلى الجمهورية الثانية، وفق ما أكد مقرا بأن الأهم هو التفاصيل التي تناقش، وبخصوص القرارات السبع المعلن عنها من قبل رئيس الجمهورية فإنها محل قبول ورفض، لكن برأيه الحوار هام جدا لحلحلة الوضع والقيام بالخطوة الصحيحة، وبالنسبة للإبراهيمي فان الحديث عن «التغيير الآن أي الفوري أمر مستحيل» لأن «إيجاد تصور يرضي 44 مليون جزائري، وتغيير ورحيل نظام لا يتم بين ليلة وضحاها»، كما يجب الحديث حسبه عن تغيير سريع دونما تسرع وأن التعديل الدستوري لا بد أن يأخذ الوقت الكافي ليلقى الإجماع، وليكون ناجعا ويستجيب للانشغالات وصالحا لكل المراحل، واستنادا إلى الإبراهيمي، فان الشعب الجزائري سيتبين بأن الخلاف بيننا ليس عميقا إلى هذه الدرجة. رسائل الشباب إلى الخارج..رد فعل عفوي ومحل فخر وتوقف عند ما أطلق عليه البعض «الفزاعة» في إشارة إلى الوضع الذي عاشته بعض البلدان العربية، أكد الإبراهيمي أن الجزائر لها خصوصيتها وتاريخها وتجارب وأساليب في التعامل، وأن المسيرات حضارية وأن الدولة تعاملت معها بتحضر رغم الضغط الكبير، مدافعا عن الوزير الأول السابق أحمد أويحىي الذي ذكر أن المسيرة في سوريا بدأت بالورود وانتهت بما هي عليه اليوم، معتبرا رد فعل الشباب في المسيرات التي رفع لافتات عريضة إلى الأجانب كتبوا عليها «ما يجري في الجزائر شأن عائلي لا دخل لأي أحد به»، بمثابة «رد فعل عفوي ومحل فخر»، مذكرا أنه وعلى مدار 20 سنة سجل بأن التدخل الأجنبي كان «سلبيا ومدمرا لأبعد الحدود»، كما اعتبر في السياق ردود الفعل الأجنبية بخصوص المسيرات جيدة لحد الآن.